اجتماع مجلس إدارة النادي المصري مع محافظ بورسعيد لبحث استقالة كامل أبو علي    رحيل "أم إبراهيم"... الدراما السورية تودّع فدوى محسن عن 84 عامًا    سعر الذهب اليوم بالسودان وعيار 21 الان ب بداية تعاملات الثلاثاء 20 مايو 2025    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025    ترامب يصف الرئيس الروسي ب"الجنتلمان لطيف المعشر"    محافظ القليوبية يشهد حملة مكبرة لإزالة التراكمات أسفل محور الفريق العصار    انقلاب في البر والبحر والجو، تحذير شديد من الأرصاد بشأن طقس اليوم الثلاثاء    نماذج امتحانات الصف السادس الابتدائي PDF الترم الثاني 2025 (رابط مباشر)    اسعار الدواجن والبيض الثلاثاء 20 مايو 2025    ياسمين صبري تكشف كواليس تعاونها مع كريم عبدالعزيز ب«المشروع X»    «أبتاون 6 أكتوبر»: استثماراتنا تتجاوز 14 مليار جنيه وخطة لطرح 1200 وحدة سكنية    حماس ترحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا وتطالب بترجمته لخطوات عملية تردع الاحتلال    جماعة الحوثي: فرض "حظر بحري" على ميناء حيفا الإسرائيلي    ارتفاع مفاجئ تجاوز 1400 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 20-5-2025    ترامب يتساءل عن سبب عدم اكتشاف إصابة بايدن بالسرطان في وقت مبكر    بعد ترشيح ميدو.. الزمالك يصرف النظر عن ضم نجم الأهلي السابق    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    شديدة العدوى.. البرازيل تُحقق في 6 بؤر تفش محتملة لإنفلونزا الطيور    فوائد البردقوش لصحة الطفل وتقوية المناعة والجهاز الهضمي    أثبت أني حي لكن لم يعاملوني مثل عبد الرحمن أبو زهرة، وقف معاش الكاتب الصحفي محمد العزبي    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    بينهم أم وأبنائها الستة.. استشهاد 12 فلسطيني في قصف إسرائيلي على غزة    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسى فى الصين.. الطموحات كبيرة والشراكة شاملة والمكاسب متبادلة
نشر في أكتوبر يوم 28 - 12 - 2014

على مدى ثلاثة أيام هى زمن أول زيارة رسمية للرئيس عبد الفتاح السيسى للصين، تعددت اللقاءات والفعاليات مع مختلف ممثلى الدولة والمجتمع الصينى وعلى رأسهم الرئيس الصينى تشى جين بينغ، ورئيس مجلس الدولة الذى يناظر رئيس الوزراء فى مصر السيد لى كه تشيانج ورئيس المجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى (البرلمان) السيد جانج دى جيانج، ورئيس لجنة الشئون الخارجية بالحزب الشيوعى الصينى السيد وانج جيا روى ، إضافة إلى رؤساء عدد كبير من الجامعات الصينية ومعاهد التدريب الفنية العليا ورؤساء شركات صناعية كبرى وشركات السياحة الصينية للخارج.
وقد توجت اللقاءات الرسمية بتوقيع رئيسى البلدين اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وخمس اتفاقيات وقعها الوزراء المعنيون فى مجالات التعاون الفنى ومجال تكنولوجيا الفضاء والاستشعار عن بعد ومجال الطاقة المتجددة، والبحث العلمى، بالإضافة إلى توقيع عدد 26 بروتوكولا ومذكرة تفاهم بين وزارات الكهرباء والتجارة والسياحة وعدد كبير من الشركات الصينية الكبرى غطت مجالات انشاء الشبكات الذكية فى مصر وتوليد الطاقة باستخدام الفحم وتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر النيل، واستخدام الطاقة الشمسية وتطوير بعض الموانئ المصرية، وإعادة تأهيل وصيانة السكك الحديدية، وصيانة الطرق وتمهيدها باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة وتسيير رحلات طيران عارض بين البلدين، وإنشاء القطار فائق السرعة بين محافظتى الإسكندرية وأسوان وومذكرة أخرى بشأن إنشاء القطار المكهرب بين مدينة السلام بلبيس والعاصمة الحكومية الجديدة.
استقرار مصر ونهضة الصين
وتجسد هذه الحصيلة من الاتفاقيات والتفاهمات رغبة وإرادة البلدين فى تطوير علاقاتهما تطويرا شاملا وجذريا، لاسيما أن ما يمر به البلدان من تغيرات مجتمعية كبرى يوفر فرصة كبيرة لتعزيز التعاون المشترك على المديين القريب والبعيد، فبالنسبة لمصر هناك خريطة المستقبل التى حددت مسار البلاد بعد ثورة 30 يونيو، ورغم ما جرى من توترات واضطرابات بعد هذا التاريخ فقد تمكن الوضع الجديد من تثبيت دعائمه وصارت مصر الآن أكثر هدوءا واستقرارا من الناحيتين السياسية والأمنية، فضلا عن السير قدما فى إنجاز عدد مهم من المشروعات التنموية العملاقة وعلى رأسها قناة السويس الجديدة وتنمية المنطقة المحيطة بها عبر جذب الاستثمارات الدولية والمحلية والعربية، وكذلك تنمية الساحل الشمالى الغربى ومشروعات تخزين الحبوب وإنشاء منظومة طرق حديثة وإنشاء مدينة ترفيهية وتسويقية على مستوى عالمى، وغيرها من المشروعات الواعدة اقتصاديا وتنمويا، والتى تعبر بدورها عن وضوح الرؤية والإرادة السياسية. أما فى الصين فهناك التطور الاقتصادى الهائل، والذى جعلها تتبوأ المكانة رقم واحد فى الاقتصادات الدولية مستندة إلى الطاقة الإنتاجية الفائقة فى الداخل، والفائض المالى الضخم، وسياسة الخروج إلى الأسواق الدولية عبر تعزيز الروابط التجارية مع مختلف البلدان، والاتجاه المتعاظم نحو بناء شراكات إنتاجية واستثمارية مع مختلف الأسواق والبلدان.
والأمران معا يتيحان فرصة كبرى أمام البلدين لبناء نموذج تعاونى بعيد المدى يعتمد فيه الطرفان على بعضهما البعض وفق مبادئ الكسب المشترك والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل فى الشأن الداخلى للبلد الآخر والتعاون فى مجالات السلم والأمن الدولى ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وهو ما جسده التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتى بدورها تضع إطارا لنقل علاقات البلدين إلى مستوى أعلى مما كانت عليه وحددته اتفاقية التعاون الاستراتيجى التى وقعت فى العام 1999. وفى ظل الاتفاقية الجديدة ثمة فرصة كبرى لربط الخطط الصينية التى حددتها مبادرة حزام طريق الحرير الاقتصادى وطريق الحرير البحرى فى القرن الحادى والعشرين، والتى أطلقها الرئيس الصينى فى العام 2013، مع الخطط المصرية بإنشاء عدد كبير من المشروعات التنموية العملاقة فى كافة المجالات. ومعروف أن المبادرة الصينية تعتمد على مجموعة من التفاعلات والأنشطة الاقتصادية والتجارية والعلاقات الثقافية والحضارية بين الصين ومجموعة البلدان التى تقع على طريق التجارة القديم والمعروف بطريق الحرير منذ ألفى عام، والذى كان يربط الصين بكل بلدان وسط آسيا وصولا إلى إيران والدول العربية فى المشرق العربى، ثم الاتجاه جنوبا وصولا إلى مصر، والتى بدورها كانت معبرا للتجارة الصينية إلى شمال أفريقيا ووسطها. وفى ظل هذه الرؤية والخطط الصينية بعيدة المدى يمكن لمصر أن تكون نقطة ارتكاز لتفاعلات الصين فى الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصة أن مصر لديها مزايا عديدة فى مجال التبادلات التجارية والاقتصادية مع الدول العربية والأفريقية، وهى مزايا تتعلق بمحدودية القيود الكمية ومحدودية الضرائب، مما يتيح للمنتجات الصينية المصنعة فى مصر فرصة أكبر للنفاذ إلى الأسواق الأفريقية بتكلفة أقل وعائد أكبر. وقد أكد الرئيس الصينى أن هناك تجاوبا دوليا كبيرا مع هذه المبادرة، وقد وصلت لبكين موافقة 55 دولة على الاشتراك فيها.
ستة محاور للشراكة الشاملة
ويذكر هنا أن الاستثمارات الصينية فى الخارج تتأثر بتوجهات الحكومة الصينية بالإضافة إلى عناصر الجذب المعتادة خاصة الربحية وتوافر المواد الخام واتساع السوق المحلى وتوافر المهارات البشرية. ولذلك فإن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التى اقترحها الجانب الصينى فى اغسطس الماضى على الجانب المصرى أثناء زيارة وزير الخارجية الصينى تعد بمثابة تحول مهم وإيجابى فى تقييم الصين للوضع السياسى والاقتصادى فى مصر، وتأكيد أن مجريات الأوضاع المصرية قد أصبحت أكثر استقرارا وأكثر تعبيرا عن إرادة الشعب المصرى، وهو ما عبر عنه الرئيس الصينى فى كلمته الافتتاحية قبل توقيع اتفاقية الشراكة بالإشارة إلى أن زيارة الرئيس
عبد الفتاح السياسى الرسمية للصين جاءت فقط بعد ستة أشهر من توليه الحكم، وبعد خطوات كبرى وإيجابية فى مجال الأمن والاقتصاد. وهو ما رد عليه الرئيس السيسى بدعوة الرئيس الصينى لزيارة مصر فى أقرب فرصة، والدعوة أيضا للمشاركة بفاعلية فى المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد فى شرم الشيخ مارس المقبل، وهو الموعد الذى حددته مصر بحيث يكون بعد انتهاء أعياد الربيع الصينية فى شهر فبراير، وذلك حتى يتمكن الجانب الحكومى والشركات الصينية من المشاركة فى المؤتمر الاقتصادى، وذلك بعد الاستعداد جيدا ودراسة كافة المشروعات التنموية المصرية وتحديد الأنسب منها للمستثمر الصينى.
وتعد الاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة مهمة من زاوية أنها تشمل التعاون فى عدد من المحاور الكبرى؛ أبرزها تعزيز الثقة السياسية المتبادلة ودعمها من خلال تسهيل التبادلات الرسمية رفيعة المستوى، والتنسيق المشترك بشأن القضايا الإقليمية والدولية، وزيادة التبادلات الثقافية والتعليمية والسياحية، ورفع مستوى التعاون العسكرى، وتعزيز التعاون الثنائى العملى فى مجالات مثل البنية التحتية والطاقة والصناعة والزراعة وتكنولوجيا الفضاء، والتعاون الأمنى فى مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وتجارة المخدرات.
وفى حال حُسن تطبيق الاتفاقية فسوف تتاح الفرصة لمصر أن تكون نقطة ارتكاز وجذب للاستثمارات الصينية العملاقة فى مجال البنية الأساسية لاسيما الطرق ومصانع ومحطات الطاقة الكهربائية خاصة المتجددة والسكك الحديدية والاتصالات والصناعات الكيماوية الحديثة والاستشعار عن بعد واكتشاف الفضاء وإدارة الأقمار الاصطناعية، وغيرها من مجالات تنموية تحتاجها مصر بشدة. ووفقا لما أكد عليه الرئيس الصينى فى لقائه مع الرئيس السيسى فإن بكين لديها الإرادة الكاملة فى أن تجعل التعاون الشامل مع مصر نموذجا رياديا بحيث يمكن تطبيقه فى العلاقات الصينية الأفريقية والعلاقات الصينية العربية، وكذلك لدى بكين إرادة كبرى فى توظيف الموقع الاستراتيجى المهم لمصر لدعم التنمية والاستقرار على المستوى الإقليمى. وهو ما تمت ترجمته فى اللقاء مع رئيس مجلس الدولة الصينى بالاتفاق على إعداد اتفاقية إطارية للتعاون بين البلدين يعدها فريق عمل وزارى يشكل من أربعة وزراء، اثنان يمثلان مصر وهما وزيرا التجارة والصناعة والاستثمار، واثنان يمثلان الصين وهما وزيرا التجارة والتنمية والإصلاح، وأن تحدد هذه الاتفاقية الإطارية مشروعات معينة للبدء فيها بعد دراسة وتوفير سبل التمويل المناسبة لها. أما رئيس دائرة الشئون الخارجية بالحزب الشيوعى الصينى فقد على حق مصر فى أن تتبع نموذج التنمية الخاص بها ويتناسب مع طموحها ومواردها، داعيا إلى إيجاد السبل للتعاون بين الحزب الشيوعى الصينى وأحزاب مصرية للتعرف عن قرب على السبل المتبعة لتدريب الكوادر الحزبية وتثقيفها والإجراءات التى يتم اتباعها لمكافحة الفساد.
الرسائل الأربع للسيسى
وفى كل كلمات الرئيس السيسى أمام الحضور فى اللقاءات المختلفة، كاللقاء مع رؤساء الجامعات الصينية الكبرى ورؤساء الشركات الكبرى، ورؤساء الشركات الكبرى المنظمة للرحلات السياحية الخارجية، والوفد الإعلامى المصرى، كانت هناك رسائل أساسية أراد الرئيس أن يضعها أمام الحضور. ومن بين أهم الرسائل التى وجهها الرئيس السيسى للحضور من المسئولين الرسميين وكبار رؤساء الشركات أربع رسائل كبرى، أولها أن حالة الاستقرار السياسى والأمنى فى مصر الآن آخذة فى الرسوخ، وأن مناخ الأعمال أصبح واعدا بكل معنى الكلمة، خاصة أن مصر تلتزم بالاقتصاد الحر وأن يتمتع المستثمر بعائد استثماره، وفى الآن نفسه هناك إصرار مصرى وخطوات ستعمل على تسهيل وحل كل العقبات التى تواجه المستثمر خاصة عند الحصول على الرخصة، أن مصر لديها إرادة لحل المنازعات مع المستثمرين وستوفر كافة التسهيلات الممكنة، خاصة أن القاهرة حددت موعد المؤتمر الاقتصادى فى مارس المقبل بعد أعياد الربيع الصينية فى فبراير.
وثانيا أن مصر تفتح ذراعيها أمام المستثمرين الصينيين من الحكومة والقطاع الخاص وترحب بهم مع شركائهم من رجال الأعمال المصريين، وسوف تتخذ كل الإجراءات الممكنة لتسهيل عمل هذه الاستثمارات وتخفيف القيود الإدارية ودعم وجودها واستمرارها فى مصر، ووعد الرئيس بالانتهاء قريبا من قانون الأعمال الموحد وفيه الكثير من التيسيرات، خاصة أن حجم الأعمال المطلوبة فى مصر كبير للغاية. وقد ربط الرئيس السيسى هذه الرسالة بثلاثة محددات وهى أن تكون الأعمال والمشروعات ذات تكلفة معقولة، وأن تتم فى زمن قصير نسبيا، وبأعلى كفاءة ممكنة، وهى المحددات التى تتوافر فى الأعمال الصينية بوجه عام وتأمل مصر أن تنال نصيبا جيدا منها، لاسيما وأن الوضع الاقتصادى فى مصر صعب للغاية وبحاجة إلى خطوات كبرى وفى زمن قياسى.
وثالثها أن مصر تهتم بالتعليم وتطويره لاسيما فى مجال التعليم الفنى والتدريب وبناء المهارات التى تحتاجها الصناعات الحديثة ولغرض توفير العمالة المدربة التى سوف تعتمد عليها الاستثمارات الصينية ولكون التعليم رافعة للتغيير والتقدم.
وفى هذا السياق كانت دعوة الرئيس السياسى لرؤساء الجامعات الصينية بأن يفتحوا أكثر أبواب جامعاتهم للطلاب المصريين فى كافة التخصصات، وأن يوفروا منحا أكثر، لأن عدد الطلاب المصريين الذين يدرسون فى الصين لا يتجاوز 300 طالبا وهو أقل بكثير مما تطمح إليه مصر. كما دعا السيسى إلى إنشاء جامعة صينية للعلوم والتكنولوجيا والعلوم التطبيقية فى مدينة الإسماعيلية الجديدة التى سيتم الإعلان عن انشائها قريبا، وهى جزء مهم من مشروعات تنمية إقليم قناة السويس، وبحيث تكون نموذجا لربط التعليم بالصناعة واحتياجات السوق من الفنيين المهرة.
ورابعا أنه من الضرورى أن تؤخذ الإجراءات لتخفيف العجز التجارى بين البلدين، وأن يُفتح الباب أكثر وأكثر أمام السياحة الصينية، وأن مصر من جانبها ستدرس كل الخيارات أمام زيادة الرحلات بين القاهرة وبكين وبين القاهرة وعدد آخر من كبريات المدن الصينية لتسهيل الرحلات بقصد السياحة، وكذلك تسهيل الحصول على التأشيرات لغرض السياحة مع إتاحة مدة أطول للسائح الصينى.
وتعول مصر كثيرا على جذب مزيد من السياحة الصينية لسد جزء من العجز فى الميزان التجارى الذى يصل إجماليه إلى
10.2 مليار دولار، حسب بيانات 2013 منها حوالى 9.2 مليارات دولار لصالح الصين فى مقابل مليار دولار فقط للجانب المصرى. ووفقا للبيانات الصينية فقد بلغ عدد السائحين الصينيين للخارج إلى 130 مليون سائح حسب بيانات مصلحة السياحة الوطنية الصينية ينفقون ما يقرب من
120 مليار دولار، وتأمل مصر فى جذب ما يقرب من نصف مليون إلى مليون سائح صينى فى غضون السنوات الخمس المقبلة، لعل ذلك يخفف نسبيا العجز فى الميزان التجارى بين البلدين.
رسائل صينية مهمة
لم تخل الزيارة من رسائل قوية عبر عنها كبار المسئولين الصينيين، ومن أبرزها أن بكين تدرك جيدا قيمة ودور مصر ووزنها الإقليمى، كما تدرك وتعى جيدا الدور المهم الذى لعبه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى استقرار مصر والحفاظ على كيان الدولة فيها، ومن ثم فإن بكين على استعداد كامل لتقديم كل صنوف المساندة لكى تمارس القاهرة دورها ونفوذها الإقليمى المعتاد. وثانيا أن الصين تقف بقوة مع إرادة الشعب المصرى وتعى حاجته للتنمية وسوف تقف معه بقدر ما تستطيع، ولن تدخر جهدا فى توفير التمويل المطلوب لتنفيذ المشروعات التنموية التى تسعى مصر إلى إنشائها، وقد أكد رئيس مجلس الدولة الصينى أن بلاده لديها الاستعداد لدراسة تمويل العديد من المشروعات الكبرى وسوف تترك لمصر حرية اختيار الأسلوب الأمثل بالنسبة لها، مع الوضع فى الاعتبار أن يكون هناك جدول زمنى يتفق عليه بحيث ينتهى قبل عقد المؤتمر الاقتصادى لمصر فى مارس المقبل. وثالثا أن الصين تقف مع مصر فى حربها ضد الإرهاب، وأنها تدرك جيدا الأبعاد الخطيرة لهذه الظاهرة وأهمية مواجهتها بكل قوة.
أما كبار المستثمرين الصينيين، خاصة الذين لديهم استثمارات مهمة بمصر فى مجال تكنولوجيا الاتصالات والألياف الصناعية والسياحة، فقد أكدوا بدورهم على أنهم مستمرون فى مصر ويرون الوضع فيها واعدا، وأن منهم من بدأ مشروعاته الكبيرة قبل ثورة 25 يناير بأشهر معدودة، ورغم كل الاضطراب الذى حدث فى البلاد، فلم يغادروا مصر بل استمروا فيها، ويؤكدون على توسيع استثماراتهم فى الفترة المقبلة إيمانا منهم بأن مصر تسير على الطريق الصحيح. فإحدى الشركات الصينية أنشأت مصنعا لإنتاج الألياف الزجاجية، وأنه على الرغم من أن الوضع السياسى والأمنى كان غير مستقر فى مصر بعد 2011، إلا أن الشركة استثمرت 250 مليون دولار فى بناء المصنع، والذى أصبح يحقق نموا جيدا فى مصر، ويصدر إنتاجه الصناعى إلى أوروبا بمعايير عالية. وشركة أخرى كبرى عاملة فى تكنولوجيا الاتصالات استثمرت فى مصر حوالى 250 مليون دولار فى العقد الماضى، وتنوى ضخ استثمارات جديدة بقيمة مماثلة فى الأشهر القليلة المقبلة فى ظل توجه بأن تكون مصر مركزا إقليميا يغطى أنشطة الشركة فى مجال تكنولوجيا الاتصالات فى 23 دولة فى أفريقيا والعالم العربى. وذلك إيمانا من إدارة هذه الشركة بأن مصر تسير على الطريق الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.