إذا كانت مدينة «فوبرتال» الألمانية تستمد شهرتها من قطارها المعلق الذى يمر فوق المدينة، فقد أصبحت المدينة مؤخرا حديث العديد من وسائل الإعلام العالمية، ليس بسبب قطارها المعلق، ولكن لظهور ما يسمى ب «شرطة الشريعة» على أراضيها، حيث شهدت المدينة الألمانية فى الأيام الأخيرة قيام مجموعة من الإسلاميين المتطرفين يرتدون سترات برتقالية كتب عليها «شرطة الشريعة» بتنظيم دوريات ليلية فى أرجاء المدينة، وطالبوا السكان بالابتعاد عن المشروبات الكحولية والمخدرات، وعدم ارتياد الملاهى الليلية، وطبقا للمعلومات المتوفرة، فإن أعمار متطوعى الشريعة يتراوح بين 19 و33 عاما، وقد نشرت صحيفة «دى فيلت» الألمانية مقطع فيديو لشرطة الشريعة يتحدثون فيه عن أعمالهم، وكان لافتًا أن الاشخاص المتواجدين ألمان وليسوا من أصول أجنبية، وقد ظهر فى الفيديو عدة أشخاص لهم لحى ويرتدون ملابس عصرية، يقفون بالقرب من كازينو للعب القمار، ويخاطبون الأشخاص المتوجهين إليه بأن هذا منكر، ولماذا يريدون تضييع أموالهم هناك، وذلك باللغة الألمانية، وظهر فى الفيديو شخص رفض التحدث معهم، وأكمل طريقه لصالة القمار، فيما هرب اثنان آخران، مما أثار سرور أفراد شرطة الشريعة وقالوا الحمد لله فقد أنقذناهم من تضييع أموالهم، ثم يظهر شخص تبدو أصوله عربية كان يريد الدخول لصالة القمار، فقامت الجماعة بالتحدث معه وقالوا نحن لا نمنعك، نحن نذكرك. وعلى الرغم من عدم قيام شرطة الشريعة بأى أعمال عنف حتى الآن، إلا أن السلطات الألمانية قالت إنها تسعى لحظر هذه الجماعة المتطرفة، وكثفت الشرطة من انتشارها، وخاصة فى الأحياء ذات الأغلبية المسلمة، كما طالبت المواطنين بالاتصال بها فى حال الارتياب فى شخص ما، ولم تتوقف الشرطة عند هذا الحد فقط، إذ قامت بتحريك دعوى قضائية ضد 11 شخصا بتهمة انتهاك قانون تنظيم التجمعات. ولأن ظهور مثل هذه الجماعة فى مدينة ألمانية، أمر غير معتاد، ويثير القلق من انتشار هذا الفكر المتشدد، سارع العديد من المسئولين للتأكيد على أن ألمانيا لن تسمح بوجود هذه الجماعات، وأنها ستتصدى لما يسمى شرطة الشريعة، فأعلن توماس دى ميزير وزير الداخلية أنه "لا تسامح مع شرطة الشريعة على الأرض الألمانية"، وفى نفس الإطار قال هايكو ماس وزير العدل إن ألمانيا دولة قانون، والدولة هى فقط المسئولة عن تطبيق القانون، وليس مجموعة تطلق على نفسها شرطة الشريعة، موضحا أن بلاده لن تسمح بوجود نظام عدالة مواز للنظام القائم فى البلاد. واهتمت العديد من الصحف ووسائل الإعلام العالمية بما يسمى شرطة الشريعة فى ألمانيا، وتحدثت تقارير إخبارية عن مؤسس هذه الجماعة وزعيمها "سفن لاو" الذى يعرف بين الجماعات الإسلامية ب «أبو آدم»، وهو ألمانى عمره 33 عاما، يهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية فى ألمانيا، وهدايتها إلى الطريق المستقيم، والقضاء على المظاهر اللا أخلاقية – على حسب قوله - والتى تخدش الحياء العام، وقد عمل لاو فى الإطفاء الألمانى، قبل أن يعلن إسلامه، ويعمل إماما ومرشدا إسلاميا، وسبق أن وضعته المخابرات الألمانية تحت المراقبة، بعد محاولته تسهيل التحاق أحد الأفراد بسوريا قبل عامين من أجل القتال هناك، وتوجيه تهمة الإرهاب له، قبل سحبها للتهمة بعد ذلك لعدم كفاية الأدلة، وقد حظى ما فعله لاو وتأسيسه شرطة الشريعة بترحيب إمام السلفيين الألمان «بيير فوجل» الملقب أيضا بصلاح الدين أبو حمزة، الذى أكد من خلال فيديو نشره على الانترنت، وعرضته وسائل الإعلام الألمانية، إشادته بما فعله «الإخوة» من عمل شجاع من محاربتهم للمنكر، وشدد على أن الخطوة الثانية ستكون تكرار تأسيس مجموعات مماثلة هدفها الانتشار فى بقية المدن الألمانية، موضحًا أن تقديم نصح دينى لا يعتبر فعلا مجرما يعاقب عليه القانون فى ألمانيا. وقد ذكر موقع روسيا اليوم، فى تقرير تحليلى أن السلطات الألمانية تخشى من أن يقوم السلفيون بتجنيد شباب للانضمام لداعش وغيرها من الجماعات المتشددة، ودفعهم للسفر لسوريا والعراق، ونقل الموقع عن مسئولين ألمان قولهم إن مدينة فوبرتال يوجد بها ما يقرب من ألف و800 سلفى، منهم 10% يمكن أن نعتبرهم متطرفين يميلون إلى العنف.