اتفق العلماء على أن الأخوة فى الله شعيرة دينية غائبة، فى حاجة علينا التركيز عليها فى هذه المرحلة لأننا فى حاجة شديدة لها، حيث إن بإمكانها القضاء على العديد من الظواهر السيئة والتى يتمثل أبرزها فى الطوابير المتكررة على كل شىء. وعلى العلماء بالأمثلة نماذج متعددة الأخوة فى الله مشددين على ضرورة أن يعمل الدعاة على التركيز عليها. فى البداية أكد الدكتور عبد المقصود باشا، رئيس قسم التاريخ الإسلامى بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، إن كلمة الأخوة فى الله تعنى أن يتجرد الإنسان من ذاتيته ويميل بعواطفه إلى شخص معين دون النظر إلى ماتدر عليه هذه الأخوة من منافع. وأضاف أن الأخوة فى الله فوق الأخوة الإنسانية، لأنه إذا كانت الأخوة فى الإنسانية تعنى تجسيدًا لقول ربنا ( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا( ،ثم ترتقى هذه الأخوة فى الإنسانية إلى أن تصل إلى قوله جل فى علاه (ا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، لافتا إلى أن هذه مرحلة من مراحل الأخوة فى الله. وأضاف أن هذه الأخوة من الدوافع الإنسانية عبر التاريخ وليس فى أمة نبى الإسلام محمد ( صلى الله عليه وسلم )َ فقط، فقط روى لنا رسول الله «أن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لاظل إلى ظله، رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه»، ويضيف أنه ورد عن النبى أن رجلين تحابا فى الله وعزم أحدهما على زيارة أخيه فى بلدة مجاورة فوافاه الأجل وهو فى الطريق، وكان عليه جزء من المعاصى، فتشاجرت عليه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة فقالت ملائكة العذاب إنه أقرب إلى أرض المعاصى، وقالت ملائكة الرحمة إنه أقرب إلى أرض الطاعة.. وأتفق العلماء على أنه كان أقرب إلى أرض المعاصى،لكن الله عز وجل أجرى الأرض من تحته حتى أصبح أقرب إلى أرض الرحمة، لأنه كان فى زيارة أخ له فى الله. وأوضح د.باشا أن من أعظم نماذج الأخوة فى الله تلك التى بذلها الأنصار للمهاجرين عندما تنازلوا عن نصف ممتلكاتهم من أراض وعقارات وأنعام وحرث لأخوتهم المهاجرين، بل ارتفعت هذه الأخوة فى الله إلى مرحلة التوارث حتى أنزل قول ربنا عز وجل بعدم التوارث فى هذه الأخوة، لافتا إلى أن الأمثلة على الأخوة فى الله عديدة أبرزها فى التاريخ الوسيط والحديث عن هارون الرشيد وامرأته السيدة زبيدة التى حفرت الآبار ومهدت الطرق من بغداد وإلى مكة وأجرت المياه من صخور وجبال المدينة المقدسة إلى عرفات الله وإلى المزدلفة وإلى مدينة رسول الله.. وقالت قولتها المأثورة «إن هؤلاء الحجيج ضيوف الرحمن.. وهم إما إخواننا فى النسب أو إخوان لنا فى الإسلام أو إخوان فى الله.. فأجر الماء ولو كانت كل فأس بدينار». وأضاف أن الأخوة فى الله بذل وعطاء وليست أخذًا وابتزازًا واستهلاكًا مشددًا على أن صفحات التاريخ مليئة بهذه النماذج التى يجب على دعاه الأزهر والإعلام التركيز عيها والتعريف بالمعنى الحقيقى للأخوة فى الله. واختتم كلامه مدللًا بموقف بعض الصحابه الذين أصيبوا فى ساحة الشرف والجهاد.. وطالب أحدهم كأسا من الماء فلما أتاه الساقى بالماء وقال له أذهب إلى أخى فلان فإنه يتأوه ويتألم وأكثر حاجة منى للماء.. وهكذا حتى وصل إلى الرقم السابع ليقول له ما قال الأول.. فما عاد إلى الأول وجد روحه قد صعدت إلى بارئها وهكذا كان حال الجماعة كلها.. مضيفًا أن الشاهد هذا أنه لو شاء الله عز وجل لهذا الشعيرة الغائبة أن يعلمها الناس ما وجدنا طابورًا أو افتتالًا على سلعة مميزة ما دام الكل يعتبر الكل أخًا له. من جهته قال الشيخ هانى إسماعيل، إمام وخطيب، إن حقوق المسلم على أخيه المسلم كثيرة ومتنوعة منها ما ينص عليه حديث النبى ( صلى الله عليه وسلم )َ الذى يقول "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبيع أحدكم على بيع أخيه وكونوا عباد الله إخوانًا" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يكذبه ولا يخذله.. ويشير النبى إلى صدره 3 مرات وهو يردد التقوى ها هنا بحسب أمرا على الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام حرمه ماله وعرضه. وأضاف أن الحديث يذكر بعض حقوق المسلم على أخيه المسلم حيث نهى النبى فى حديثه عن أشياء من شأنها أن تفسد العلاقة بين المسلم وأخيه وذكر منها الحسد بأنواعه المذمومة، كما نهى عن التباغض.. ومعناه أن يفعل المسلم ما يكون سببًا فى أن يوقع الكراهية بينه وبين أخيه المسلم.. وفى قوله " لا تنجاشوا عن بيع المنجش" وهو التداخل بين البائع والمشترى من أجل أن يخدع أحدهما.. ولا تدابروا أى لا يصح شرعًا أن يهجر المسلم أخاه المسلم فوق 3 أيام. وبين النبى فى مواضيع أخرى أن جميع المسلمين فى الأرض كمثل الجسد الواحد مضيفًا أن المسلم لا يظلم مسلمًا أبدًا.. وقال النبى "أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا".. فالظالم هو أخوك والمظلوم هو أخوك فمن حق الأخوه أن تنصر الظالم بأن ترده عن ظلمه وتنصر المظلوم بأن تأتى له بحقه.. وتابع: قوله النبى فى الحديث لا يخذله أى لا يتخلى عنه فى وقت يحتاج إليه يستطيع مساعدته، ولا يكذبه أى لا يحدثه كذبًا وهو يعلم.. موضحًا أن الله عز وجل لخص هذا كله بقوله" إنما المؤمنون أخوه". مؤكدًا أن المجتمع المصرى بحاجة إلى هذه الشعيرة لاستفادة معانى التراحم المفقودة.