من أجلها قامت ثلاث ثورات مصرية ولم تتحقق حتى وقتنا هذا إنها العدالة الاجتماعية، الحاضرة الغائبة فى كل الثورات التى قامت فى مصر فقد قامت ثورة 23 يوليو 1952 على مبادئ ستة كان من بينها إقامة حياة ديمقراطية سليمة وإقامة جيش وطنى قوى وإقامة عدالة اجتماعية. وقد تحققت بعض أهداف ثورة يوليو وأخفق بعضها الآخر ومن أبرز ما تحقق هو بناء الجيش الوطنى القوى الذى أنقذ مصر من نظامى مبارك والإخوان وإنحاز للشعب فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو من أجل استكمال أهداف ثورة 23 يوليو ومن أهمها العدالة الاجتماعية المنشودة. وهذا بالتحديد ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته الأخيرة الموجهة إلى الأمة بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة قائلًا «إن ثورة 23 يوليو كانت لها 6 أهداف رئيسية تحرك رجالها لتنفيذها» متابعًا أنه لا يستطيع أن يحدد ما هى الأهداف التى تحققت على مدار ال 62 عامًا الماضية وما أخفق. وأضاف السيسى أن أهداف 23 يوليو كانت القضاء على الاستعمار والإقطاع وإنشاء جيش وطنى قوى وإقامة عدالة اجتماعية مؤكدًا أن الشعب يشعر بأن هناك أهدافا بالفعل تحققت. وأشار إلى أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو قامتا لاستكمال أهداف ثورة 23 يوليو لافتًا إلى أن الجيش المصرى يقف دائمًا خلف الشعب المصرى مؤكدًا أن الجيش تحرك فى ثورة يوليو لتلبية مطالب الشعب. وأكد السيسى فى كلمتة أن الإجراءات التى اتخذت لتقليل الدعم وتخفيض عجز الموازنة هى إجراءات قاسية ولكن كان لابد منها إذا كنا نريد الحديث عن كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية فلابد أن نتخذ إجراءات وقرارات صعبة على الرغم من خطورة الموقف إلا أنه راهن على ثقته فى الشعب المصرى العظيم الذى يأمل فى العدالة الاجتماعية من خلال توجيه الحكومة بألا تمس هذه الإجراءات المواطن الفقير. فالعدالة الاجتماعية أسقطت الأنظمة التى تجاهلتها بداية من الملك فاروق إلى حسنى مبارك ومحمد مرسى ونصبت عبد الناصر زعيمًا عندما إنحاز إليها. إجراءات طويلة وعن إمكانية تحقيق العدالة الاجتماعية التى ينشدها الشعب المصرى يقول أمين الشئون السياسية بالحزب العربى الديمقراطى الناصرى د. محمد السيد إن العدالة الاجتماعية لن تتحقق بمجرد الضغط على الزر مضيفًا أن هناك إجراءات طويلة المدى يتم اتخاذها على مراحل. وأوضح السيد أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان لديه تصور للعدالة الاجتماعية وقام باتخاذ إجراءات متتالية لتحقيقها موضحًا أن قانون الإصلاح الزراعى تم على 3 مراحل ففى البداية نص القانون على توزيع الأراضى بمقدار 400 فدان للأسرة و200 فدان للفرد كحد أقصى ثم 200 فدان للأسرة و100 فدان للفرد وقبل وفاته بعام فى 1969 صدرت المرحلة الثالثة من قانون الملكيات بتحديد 100فدان للأسرة و 50 فدانًا للفرد كما توالت الإجراءات التى اتخذها لتحقيق تقدم فى ملف العدالة الاجتماعية مثل إجراءات التعليم المجانى والصحة والتأهيل الاجتماعى وإسكان محدودى الدخل والبسطاء وتحديد حد أدنى لأجور العمال مضيفًا أنها فى النهاية كانت تصب جميعها فى صالح العدالة الاجتماعية. مؤكدًا أن هذه الإجراءات التى اتخذها عبد الناصر غيرت الخريطة الطبقية فى مصر موضحًا أنه قبل ثورة 23 يوليو كان المجتمع المصرى يندرج تحت ما وصف ب «النصف فى المئة». وكان ينقسم إلى اغنياء وفقراء فقط ثم جاء عبد الناصر فخلق الطبقة الوسطى وكبر حجمها موضحًا أن المحللين والدراسات العملية تؤكد أن الطبقة المتوسطة هى رمانة ميزان أى مجتمع ووجود الطبقة الوسطى فى أى مجتمع أكبر دليل على أنه مجتمع متوازن اجتماعيًا مؤكد أن هذا الأمر هو ما حدث فى 23 يوليو 1952. وبالنسبة لثورتى 25 يناير و30 يونيو لم تحقق نتائجها حتى اللحظة الراهنة بناء على معايير الثورة مضيفًا أنه لا يوجد ثورة أحدثت تغييرًا جذريًا فى المجتمع. متابعًا أنه حتى هذه اللحظة لا توجد إجراءات حقيقية تجعل المواطن يشعر بالرضا فى تحقيق أهداف الثورة وعلى رأسها العدالة الاجتماعية. وأوضح أمين الشئون السياحية بالحزب الناصرى أن الفقراء لا يزالون يبحثون عن حد أدنى وحد أقصى ويطالبون بعدم المساس بالدعم والحفاظ على الأسعار وفرض ضريبة تصاعدية واسترداد الأموال التى نهبها رجال مبارك إلا أنه فى الوقت نفسه فرض ضريبة 5% لمن يزيد حجم دخله على مليون جنيه يصب فى صالح العدالة الاجتماعية. وأضاف السيد أن تهديد الرئيس السيسى لرجال الأعمال باسترداد 300 مليار جنيه من أموال الدولة التى استولوا عليها من خلال الأراضى التى حصلوا من الدولة وتغيير نشاطها إلى عقارات ومشاريع استثمارية بالقانون مالم يتبرعوا للدولة وإعادة توزيع الثروة لخدمة العدالة الاجتماعية وبالتالى لا نستطيع أن نحكم على الثورة بالفشل فى تحقيق العدالة الاجتماعية مؤكدًا أنه مازال هناك مطالبات بتحقيق العدالة الاجتماعية، مشددًا على أنه علينا أن نضع فى اعتبارنا الثورة المضادة والتى ترغب فى بقاء الأوضاع على ما هو عليه. القاسم المشترك أما الناشط السياسى أسعد هيكل فيرى أن العدالة الاجتماعية كانت القاسم المشترك فى الثورات الثلاث (23 يوليو و25 يناير و30يونية) باعتبار أن غالبية الشعب المصرى من الفقراء والبسطاء. وأضاف أن عدم توزيع الثروة بشكل عادل لعقود طويلة منذ أيام محمد على عندما كان الاقطاعيون هم الملاك الوحيدين للأراضى الزراعية وثرواتها فى يد عدد قليل من المصريين من هنا اندلعت ثورة 23 يوليو. وأكد هيكل أن 23 يوليو قطعت شوطًا كبيرًا فى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إصدار عدة قوانين وإجراءات مثل قانون تحديد الملكية وتشكيل لجان المصادرة وإعادة توزيع الأراضى الزراعية. فضلًا عن القوانين الأخرى المتعلقة بالمالك والمستأجر وإقامة المشاريع التى تعين الفقراء على التغلب على الأوضاع الاجتماعية الصعبة وقيام الحكومات المتعاقبة خلال الحقية الناصرية باتخاذ الإجراءات الاقتصادية والمعيشية مثل توزيع السلع الغذائية على الفقراء وإنشاء المجمعات الاستهلاكية، مشيرًا إلى أنها جميعها كانت تستهدف الفقراء. وأوضح أسعد هيكل الناشط السياسى أن الشعب المصرى لا يزال يبحث عن العدالة الاجتماعية فى اللحظة الراهنة مؤكدًا أنه بعد تولى السيسى تشير المؤشرات الأولية إلى انتصاره لهذا الهدف وهو تحقيق العدالة الاجتماعية. إجراءات استثنائية ويقول البرلمانى السابق المهندس حمدى الفخرانى إن عبد الناصر قاد حركة جيش ولم تكن ثورة بالمعنى الصحيح وعندما تبنت العدالة الاجتماعية والتف حولها الشعب تحولت إلى ثورة. وأكد أن الإجراءات التى اتخذتها ثورة يوليو مثل توزيع 5 أفدنة على المزارعين وقانون الإصلاح الزراعى ثم تأميم قناة السويس والتى جاءت من جملة قرارات وإجراءات إنحازت فى معظمها إلى الفقراء. وبمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو يطالب الفخرانى باتخاذ الإجراءات الاستثنائية ضد الفاسدين والرأسماليين والمقارنة بالرئيس عبد الناصر الذى انتزع قناة السويس ولم يكن حينذاك أفراد فكان من يملكها الغرب وقام بتأميمها ولم يخش وقتها الغرب فما بال الرئيس السيسى وهناك الملايين من الفاسدين الذى نهبوا أراضى الدولة وأسماؤهم معلومة للجميع ولدى المستندات التى تدل على ذلك. وأوضح الفخرانى أن تنفيذ الأحكام القضائية على هؤلاء المفسدين يعود على الدولة بالمليارات ويحقق التوازن الاجتماعى فى المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية.