عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام السلمى صحابى أنصارى وهو صهر عبد الله بن حرام، إذ كان زوجا لأخته هند بنت عمرو، وكان ابن الجموح واحدا من زعماء المدينة، وسيدا من سادات بنى سلمة. سبقه إلى الإسلام ابنه معاذ بن عمرو الذى كان أحد الأنصار السبعين، أصحاب البيعة الثانية. وعمرو بن الجموح رضى الله عنه قد اصطنع صنمًا أقامه فى داره وأسماه «منافا»، فاتفق ولده معاذ بن عمرو وصديقه معاذ بن جبل على أن يجعلا من هذا الصنم سُخرية ولعبًا، فكانا يدخلان عليه ليلاً فيحملانه ويطرحانه فى حفرة يطرح الناس فيها فضلاتهم، ويصبح عمرو بن الجموح رضى الله عنه فلا يجد «منافا» فى مكانه؛ فيبحث عنه حتى يجده طريح تلك الحفرة؛ فيثور ويقول: (ويلكم! من عدا على آلهتنا هذه الليلة؟)، ثم يقوم بغسله وتطهيره وتطييبه، فإذا جاء الليل صنع الصديقان من جديد بالصنم مثل ما صنعا من قبل، حتى إذا سئم عمرو بن الجموح رضى الله عنه جاء بسيفه ووضعه فى عنق «مناف» وقال له: (إن كان فيك خير فدافع عن نفسك)! فلما أصبح لم يجده مكانه بل وجده بالحفرة نفسها، ولم يكن وحيدًا بل كان مشدودًا مع كلبٍ ميتٍ فى حبلٍ وثيق. وبينما هو فى غضبه وأسفه، اقترب منه بعض أشراف المدينة الذين سبقوه إلى الإسلام، وراحوا وهم يشيرون إلى الصنم يخاطبون عقل عمرو بن الجموح، محدِّثينه عن الإله الحق الذى ليس كمثله شيء، وعن محمد صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين، وعن الإسلام الذى جاء بالنور. وفى لحظات ذهب عمرو بن الجموح فتطهر وأسلم. كان رجلا أعرج شديد العرج، وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه وقالوا له: إن الله عز وجل قد عذرك، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بنى يريدون أن يحبسونى عن هذا الوجه والخروج معك فيه. فو الله إنى لأرجو أن أطأ بعرجتى هذه فى الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك»، وقال لبنيه: ما عليكم أن لا تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة فخرج معه فقتل يوم أحد.