ذكر ابن خلدون أن من أسباب زوال الدول وانهيارها.. الاستبداد والترف والفساد الأخلاقى والكيد الخارجى على الدولة.. وعند تطبيقها على الحالة الأمريكية نجدها وصلت إلى أعلى المراحل المتقدمة من الإمبريالية وتعيش الآن أزمة كبيرة تشمل كافة ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الأخلاقية.. فلا يعقل فى دولة عظمى تقود العالم لديها 40% من الأطفال يولدون دون الوزن الطبيعى.. وميزانية الحروب على العالم تزيد على 300 مليار دولار والمجتمع الأمريكى من الداخل يعانى 26 مليون أمريكى الفقر و35 مليونا لا يستطيعون دفع استحقاق تأمين الضمان الصحى و9% من الأطفال يعيشون الفقر المدقع وخاصة الأطفال السود وينتشر 200 مليون قطعة سلاح دون ترخيص داخل الدولة.. وأضف إلى اللامعقول أن المجتمع الأمريكى ينفق أغنياؤه 8 مليارات دولار سنويا على طعام الكلاب والقطط، وفى المقابل يعيش المواطن الأفريقى والآسيوى أشد حالات البؤس بسبب فرض سياسة العولمة والهيمنة الاقتصادية. وتنبأ «إيمانويل تود» الكاتب الفرنسى وعالم الديموجرافيا- علم دراسة إحصاء السكان- فى كتابه «ما بعد الإمبراطورية الأمريكية» بتآكل الإمبراطورية الأمريكية، كما تنبأ من قبل بسقوط الاتحاد السوفيتى فى عام 1976 فى كتابه «السقوط الأخير» ولم يصدقه وقتها أحد حتى تحققت نبوءته عام 1991.. ويقول إن الولاياتالمتحدة خلقت فوضى عالمية من خلال سياساتها الاستفزازية وإثارة نزاعات دولية وصارت مشكلة عائقة أمام استقرار العالم. ويشير المؤلف إلى أن الإمبراطورية الأمريكية تشعل حروبا صغيرة على الإرهاب بشكل مسرحى لغض الطرف عن ضعفها ودنو انهيارها.. ويرى أنها تمر أيضا بمرحلة تآكل قاعدتها الصناعية وتحولها من أمة قوية منتجة إلى شرهة الاستهلاك.. وختم افتراضه بالنصح لأوروبا بتشكيل وحدة سياسية اقتصادية مع اليابان لكسر حصار الاقتصاد العالمى ثم يتفاوضان مع روسيا والعالم العربى لضمان تمويلها بالنفط. ويرى الكثير من المفكرين أن ازدواجية المعايير لأمريكا فى سياستها الخارجية أصبحت نهجا ثابتا، مما أدى إلى فقدان البقية لدول آسيا وأفريقيا.. فعلى سبيل المثال ترفض امتلاك الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط السلاح النووى وتسمح لإسرائيل بامتلاكه.. ولذلك على من يرغب فى قيادة العالم لابد أن يكون نظيفا فى تعاملاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويقدم نموذجا يحقق الاستقرار. ويقول «جيم أونيل» المحلل الاقتصادى بمركز «جولدمان ساكس» إن القطبية الأمريكية انتهت ولكنه استبعد انتهاء هيمنة الدولار.. وأطلق مصطلح دول «بريك» تشمل البرازيل والصين وروسيا والهند لتتصدر النمو العالمى البديل. وأرى قول «أونيل» ببقاء هيمنة الدولار يرجع لسيطرة البنك الدولى وصندوق النقد على مفاصل الاقتصاد العالمى ووقوع الدول النامية فى فخ المديونيات، ولكن هذا الرأى أيضا يمكن عدم قبوله لأن انهيار الاتحاد السوفيتى جاء بعد استنزاف اقتصاده فى الحرب على أفغانستان وهو نفس السيناريو فى استنزاف الاقتصاد الأمريكى فى الحرب على أفغانستانوالعراق ثم إعلان إصابة الميزان التجارى بعجز شديد.. فقد وصلت تكلفة الحرب على العراقوأفغانستان إلى 6:4 تريليون دولار.. وهو ما أعلنه «جوزيف ستيجليتز» عالم الاقتصاد الحائز على جائزة «نوبل» عن تراجع الدولار أمام العملات الرئيسية مثل اليورو الأوروبى والين الصينى. فمنذ وضع «صمويل هنتجتون» فرضية صدام الحضارات بعد انهاء الحرب الباردة فى مواجهة أمريكا عدوا جديدا مثل الإسلامية والأرثوذكسية وعلى الشعوب الباحثة عن هوياتها الثقافية.. فأبت كثير من الشعوب وتمردت على هذا الصراع. ?? وفى دراسة عربية ووفقا لتقديرات المفكرين الاقتصاديين الغربيين أن الانهيار سيأتى بأسرع مما نتخيل وليس كما تنبأ جورج بوش بأنه سيكون فى 2025.. ولا يعنى سقوط أمريكا أنها ستصبح دولة فاشلة، ولكن ستكون دولة قوية مثل روسيا وبريطانيا.