كارثة إنسانية محتملة فى جنوب السودان ..تحذير أطلقته الأممالمتحدة خلال الأيام الماضية نتيجة الوضع الإنسانى الذى يعانيه مواطنو هذه الدولة حديثة العهد بسبب استمرار الصراع الدائر منذ ديسمبر الماضى والذى تسبب فى قتل وتشريد الآلاف. وأطلقت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تحذيرا من أزمة غذائية تلوح فى الأفق، وقالت إن تأثير هذه الأزمة سوف يظهر جليا فى يونيو القادم، حيث سيصل عدد اللاجئين الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية قرابة الثلاثة ملايين شخص، وإن هناك مجاعة محتملة فى جنوب السودان إذا لم تلتزم حكومة جوبا والمتمردون باتفاق وقف إطلاق النار الذى وقعوه فى يناير الماضى. كما حذرت لجنة الإغاثة الدولية التى تساعد النازحين فى المخيمات من ظروف سيئة جدا يعيش فيها النازحون، وقال مديرها «وندى كوبر» فى بيان: إن الناس ما زالوا خائفين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم لكنهم يخشون أيضا من البقاء فى مواقع تغمرها السيول حتى الركب فى ظروف غير صحية إلى حد خطير، علاوة على الصراع الذى تسبب فى وقوع آلاف الجرحى الذين يواجهون خطر الموت، والذى تسبب أيضا فى وقف زراعة المحاصيل الأساسية التى تعتمد عليها جنوب السودان. وقالت الأممالمتحدة للشئون الإنسانية إنه فى حالة عدم استطاعة المزارعين زراعة محاصيلهم فى الأشهر القادمة نتيجة استفحال القتال فإن الوضع ينذر بكارثة خاصة بعد تعرض المخزونات الضخمة التابعة لبرنامج الأغذية العالمى للنهب بشكل كامل. وقدرت المفوضية العليا لشئون اللاجئين عدد المهجرين داخل جنوب السودان نتيجة القتال الدائر بحوالى 739 ألف شخص، بالإضافة إلى أكثر من 196 ألف لاجئ خارج البلاد، واستقبلت الأممالمتحدة أكثر من 75 ألف مدنى يعيشون فى مقرات قوات حفظ السلام منذ اندلاع النزاع لحمايتهم من المجازر العرقية والذين كان يفترض إيواؤهم مؤقتا لكن نظرا لاستمرار النزاع واشتداده لم يتجرأ مواطنو جنوب السودان فى تلك القواعد على العودة إلى ديارهم ، حيث أعلنت الأممالمتحدة أن عشرات الآلاف من المدنيين النازحين منذ ثلاثة أشهر إلى قواعدها فى جنوب السودان هربا من المعارك الدامية سينقلون إلى مخيمات جديدة، حيث بدأت الأممالمتحدة ببناء مخيمات جديدة مناسبة أكثر. وتشهد جنوب السودان صراعات عنيفة أدت لمقتل الآلاف منذ 15 ديسمبر الماضى بين جنود موالين للرئيس سلفاكير وقوات موالية لنائبه السابق رياك مشار الذى تم إقالته من منصبه فى يوليو 2013 هو ومسئولين آخرين اتهموا بالتخطيط لمحاولة انقلاب كان يقودها مشار مما أجج صراعا بين الحكومة ومسلحين موالين لمشار وسرعان ما تحول إلى مواجهات عرقية أدت إلى نزوح أكثر من 930 ألف مدنى من ديارهم ولجوء 250 ألفا آخرين إلى البلدان المجاورة . وقد وقع طرفا النزاع اتفاق وقف إطلاق نار فى 23 يناير الماضى نص على إطلاق سراح معتقلين للمشاركة فى جولة مفاوضات توسطت فيها الهيئة الحكومية لتنمية شرق إفريقيا «ايقاد»، إلا أن القتال تجدد بين القوات الحكومية وقوات المتمردين، ما أدى إلى سقوط آلاف القتلى وتدهور الوضع الإنسانى. وفيما تتبادل حكومة الرئيس سلفاكير والمتمردون الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، بعث الاتحاد الإفريقى لجنة للتحقيق فى تلك الانتهاكات، كما أرسلت الوساطة الإفريقية برعاية «الايقاد» فريقا على الأرض لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذى توسطت فيه بين الحكومة والمتمردين، حيث كان من المقرر أن تبدأ مفاوضات الشهر الماضى بيد أنها أجلت حتى يتم الإفراج عن المعتقلين المتهمين بالانقلاب. وحذر القيادى الجنوبى «لوكا بيونق» وهو محاضر بجامعة هارفارد الأمريكية من تأزم الوضع الأمنى والإنسانى بشكل أوسع إذا لم تحرز مفاوضات أديس أبابا بين حكومة الجنوب والمتمردين اختراقا بشكل سريع، ونبه إلى أن عدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار سيدخل البلاد فى وضع عدم الاستقرار لفترة طويلة ما يقود لحرب أهلية أو إدخال البلاد تحت الوصاية الدولية وهو ما سيكون الحل الأخير فى حال استنفاد كل المحاولات لتخطى الأزمة فى أحدث دولة فى العالم.