يستحق فيلم استديوهات ديزنى «frozen» هذا النجاح الجماهيرى والنقدى الكبير، نستطيع أن نعتبره عودة قوية لأفلام تلك الاستديوهات التى تنتج أفلاما تحلّق بمشاهدها على أجنحة الخيال، فيلم تحريك طويل مأخوذ عن قصة «بياض الثلج»، لرائد أدب الأطفال الشهير هانز كريستيان أندرسون، ولكن فى قالب الكوميديا الموسيقية، أغنيات رائعة تذكرنا بمسرحيات برودواى، وتكنيك عال فى التحريك بتكلفة تقدر بحوالى 150 مليون دولار، الشخصيات نفسها بدت رمادية وأكثر تعقيدا من ثنائية الأبيض والأسود المعتادة فى أفلام ديزنى، عمل ممتع على كل المستويات والأصعدة. يبدأ الفيلم بالطفلتين الجميلتين إلسا وآنا، الطفلة الصغيرة آنا متعلقة كثيرا بأختها الأكبر، والتى تتمتع بقدرات خارقة منذ مولدها، وخصوصا فى تحويل كل ما حولها الى ثلج أبيض، تسقط آنا أثناء اللعب وسط تلك الثلوج، فيحملها والدها ملك أرنديل الى حيث أصدقائه الأقزام، ينصحه كبيرهم جرانبابى ، بأن يلغى من ذاكرة آنا قدرات أختها السحرية الخارقة، وأن يعزل إلسا عن الأسرة، وعليها أن ترتدى قفازا فى يديها يمنعها من ممارسة هوايتها فى تحويل كل شئ إلى ثلوج، يلتزم الملك بالتعليمات بعد شفاء آنا، تحاول آنا استئناف اللعب، وعمل تمثال رجل الثلوج مع أختها التى انفصلت عنها فلا تستطيع، تمر السنوات، ويموت الملك وزوجته، وتصبح إلسا الملكة الجديدة، يقام حفل تنصيب كبير يحضره الأمراء، ومنهم الأمير هانز، ابن ملك البحار الجنوبية. تبدو آنا غريبة عن أختها التى ترتدى قفازا، وتبدو الأخت الصغرى أيضا أكثر حيوية وحبا للمرح، بعد أن عاشت لسنوات طويلة معزولة وراء جدران القصر، تتعرف على هانز، وتقع فى غرامه بسرعة صاروخية، تقرر فى الحفلة أن تتزوجه، ولكن أختها الملكة الجديدة إلسا تعترض على زواجها، تشتبك معها آنا، تخلع إلسا قفازها فيبدأ مفعول السحر، حيث تتحول مملكة أرنديل الى ثلوج متجمدة، تهرب إلسا من المكان بعد أن اكتشف الجميع أن ملكتهم الجديدة ساحرة، تقرر الاختفاء حتى لا تضر أختها بسحرها كما فعلت من قبل، ولكن آنا تتبعها، تاركة مهمة حماية المملكة التى تحاصرها الثلوج لهانز. تفقد آنا حصانها، تلجأ الى أحد الأكواخ التى تبيع ملابس للوقاية من البرد والثلوج، يدخل شاب يدعى كريستوف، يوافق بعد تردد أن يكون رفيقها فى رحلة العثور على أختها إلسا، خاصة أن الشاب معه زلاجة يجرها حيوان الرنة الشهير فى تلك المناطق، يندهش الشاب من تسرع آنا فى الارتباط بالأمير هانز فى لحظات قليلة، تطاردهما الذئاب، فيفقدون الزلاجة، ولكن حيوان الرنة سفين، يحملهما على ظهره الى القصر الثلجى الكبير الذى تعيش فيه إلسا بعد هروبها، فى لقاء الشقيقتين، تعترف إلسا بقدراتها السحرية، تبدو وكأنها تعانى صراعا مريرا بين تلك القدرات التى تجعلها تحوّل كل شئ الى ثلج، وبين رغبتها فى عدم إيذاء شقيقتها، تحاول آنا إقناعها بأن تعود معها الى أرنديل لفك سحر الثلج، وإعادة الصيف الى المملكة، ترفض إلسا، وتطردهما، يبدو أنها ما زالت تميل الى التمتع بحريتها كساحرة، رافضة أن تكون أميرة، يأخذ كريستوف صديقته آنا وصديق آخر ظريف هو أولاف تمثال بياض الثلج، لكى يبحثوا عن حل مأساة مملكة الثلوج التى صنعتها إلسا دون أن تقصد، يلتقون من جديد مع الأصدقاء الأقزام، كبيرهم جرانبابى يقول إن قلب آنا قد تجمد بسبب سحر أختها، يقترح الأقزام أن تعيش حبا حقيقيا، إنه الشئ الوحيد الذى يمكنه أن يذيب القلوب، تعتقد أن المقصود بذلك هو علاقتها بهانز، الذى جاء مع بعض أبناء أرنديل بحثا عن آنا، ولكننا سنعرف فى مشهد بين آنا وهانز، أنه لم يحبها إلا طمعا فى أن يكون ملكا، وأنه قرر أن يقتل إلسا التى نجح فى تقييدها، استعدادا لمصيرها الأخير. يعود كريستوف لإنقاذ آنا التى أحبها وأحبته، تهرب إلسا من قيودها،يحاول هانز قتل آنا فتنقذها أختها التى استجابت أخيرا الى دافع الحب، بمساعدة رجل الثلج وكريستوف وحيوان الرنة سفن، ينجح كريستوف وآنا فى إنقاذ إلسا التى تلقت الطعنة عن شقيقتها، ينجح الحب فى إذابة جليد إلسا، وفى تفكيك جليد المملكة التى تعرف الصيف بعد شتاء طويل، يتزوج كريستوف من آنا التى يذوب قلبها المتجمد، تعود إلسا لتكون ملكة، يهرب الأمراء الإنتهازيون، يرقص الجميع على الجليد بعد التخلص من هانز الأمير الطامع. ربما يكون من اللافت أن الشخصيات مركبة الى حد ما، لدرجة أن دوافعها بدت غامضة أحيانا، آنا أقرب الى الطفلة الشغوفة بالحياة، تصدم فى حبها الأول السريع، ولكن إلسا أكثر تعقيدا وحيرة بين أن تكون أختا مثالية، أو ساحرة خارقة القدرات، ومع ذلك فقد نجح السيناريو فى إضافة الكثير من اللقطات المرحة التى تكفل بها رجل الثلج، وهو تمثال من الثلج يحلم بالصيف الذى يسمع عنه ولا يعرفه، كما أنه لايعرف أنه يمكن أن يذوب إذا جاء هذا الفصل، انمحت الحدود والفوارق بين الحيوان والإنسان، تعبيرات وجوه الرنة سفين، وعلاقته بصاحبه كريستوف وغنائه معه أحيانا، كلها لمسات خلقت جوا يعيدنا الى عالم الحواديت الخيالية، ثم جاءت الأغنيات الرائعة لتستكمل ولتعبر عن كثير من المواقف سواء فى علاقة الطفولة بين آنا وشقيقتها، أو فى رحلة هرب إلسا بعد اكتشاف قدراتها السحرية، أو فى حلم رجل الثلج أولاف بفصل الصيف، أو فى محاولة آنا الصعبة لإعادة أختها الى مملكتها، أو فى اللقاء مع الأقزام الرائعين والمرحين، وهم الذين سيكشفون مغزى الحكاية كلها، أرجو أن تلاحظ أن الثلج الذى يبدو واضحا وأبيض، يتحول هنا الى نذير خطر وخوف، وهذا ما تقوله أغنية البداية، الحب هو الذى سيحرر المملكة من الثلج، وهو الذى سيحرر إلسا من مخاوفها، الحب باب مفتوح كما تقول إحدى أغنيات الفيلم، فتلخص الفكرة، وتنشر البهجة والأمل، مدعومة بهذا الإبهار البصرى القادم من مصنع ديزنى للأحلام.