غابة من الأسلاك الشائكة تلك التى حددها خبراء الأمن السياسة والاقتصاد والقانون كتحديات تواجه الرئيس القادم لمصر، وفى مقدمتها التحدى الأمنى وضرورة القضاء على الإرهاب واستئصاله من جذوره، والتحدى الاقتصادى الذى يتطلب تحريك عملية الاقتصاد المصرى بكل محاوره، ومواجهة التحديات المستعصية مثل مشكلة العشوائيات والفقر والبطالة والأمية وتدهور مستوى الخدمات الصحية والتعليم وتحقيق التوافق الداخلى ووضع حد للانقسامات الداخلية، ومواجهة التهديدات التى تستهدف الأمن القومى للبلاد وفى مقدمتها ملف «مياه النيل». وباختصار تحتاج التحديات التى تنتظر الرئيس القادم لمصر.. إلى «رئيس سوبر مان» يستطيع وضع الأساس السليم لإعادة بناء مصر بعد 3 سنوات من الأزمات المستمرة.. وفى السطور التالية تفاصيل وافية عن هذه التحديات وسبل مواجهتها من وجهة نظر الخبراء. فى البداية يقول اللواء د. أحمد عبد الحليم أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية إن التحديات التى تواجه الرئيس القادم مشتركة بين الرئيس والمواطنين، وعلى الرئيس والشعب وصناع القرار تحديد المشاكل، ووضع توقيت أمنى لحلها، ويشمل ذلك تحديد مسئوليات الرئاسة ووظائف الدولة فى كل المستويات، ومشاركة المواطنين فى صنع مستقبل بلادهم يتساوى تمامًا مع جهد المسئولين. وأمامنا ثلاثة أسس هى تحقيق الاستقرار والأمن فى الإطار القانون، والأساس الثانى يشمل المواطن المصرى والمجتمع بأسره.. أما الأساس الثالث فيركز على تعميق دور وزارة الداخلية فى مواجهة الخروقات الأمنية الجارية فى إطار من احترام القانون. ونحن مطالبون بوضع الأساس السليم لبناء مصر مرة أخرى بعد الأزمات التى تعرضت لها خلال 3 سنوات. والاقتصاد المصرى يحتاج إلى تحقيق الهدوء فى البلاد، لأن الاقتصاد المصرى يعتمد على رءوس الأموال الأجنبية التى لن تعود إلا بعودة الأمن لربوع البلاد.. وعلى المسئولين الجدد تحريك عجلة الاقتصاد لتحقيق الأهداف التى نصبو إليها. وبالنسبة للوضع السياسى الداخلى فإننا نلاحظ كثرة الاحزاب السياسية المصرية (83 حزبًا).. وهذا الكم الرهيب لا يساهم مطلقا فى تحقيق الديمقراطية التى نسعى إليها وعلى أبناء مصر جميعا الاتفاق على وجود 4 أحزاب قوية على الساحة المصرية تمثل كافة الرؤى السياسية من اليسار إلى اليمين إلى يمين الوسط ويسار الوسط كما هو موجود فى كل دول العالم.. والأحزاب المصرية الكبرى مطلوب منها الوصول إلى قاع المجتمع المصرى.. ومن المؤسف أننا حتى هذه اللحظة ليس لدينا حزب مصرى يصل بكوادره إلى قاع المجتمع.. والقواعد الجماهيرية تعنى وصول الحزب إلى الوحدة الاساسية فى الأحياء والقرى والنجوع.. ورجال الأحزاب الموجودون على الساحة لا تعرفهم الجماهير المصرية وهم فقط يتحدثون من وراء جدرانهم الحزبية وليس لديهم برامج تقنع المواطن المصرى، ولذلك عليهم تقديم برامج تصل إلى التجمعات السكانية فى كل مكان. أما الشأن الخارجى فهناك 3 حلقات تحكم علاقة مصر على المستوى العربى والاقليمى والدولى. ويحذر اللواء د. أحمد عبد الحليم المتربصين بمصر أن مصر ستظل الرقم الصعب فى منطقة الشرق الأوسط الذى يجب أن يعمل له ألف حساب.. ومصر قادرة على الحفاظ على كيانها ومقدراتها.. ويحض على الاهتمام ببناء وتطوير القدرات العسكرية المصرية وتعظيم فعالياتها من خلال التدريب والتسليم ورفع القدرة والوعى عند القادة والجنود، وتحقيق الجاهزية الدائمة لتحقيق المهام المطلوبة، والتصدى لكل الأخطار القائمة والمحتملة بكل قوة واقتدار.. ووجود قوة عسكرية مصرية حديثة تتساوى مع قدرات الآخرين إقليميا ودوليًا هو السبيل الوحيد للحفاظ على سيادة الدولة المصرية، ويصاحب ذلك وجود اقتصاد قوى يساند القوة العسكرية. ويطالب اللواء د. أحمد عبد الحليم بوضع خطط استراتيجية لمواجهة الظروف والمتغيرات الدولية. وينهى اللواء د. أحمد عبد الحليم حديثه مؤكدًا أن مصر تواجه أخطارًا من الشرق حيث إسرائيل ومن الجنوب بتهديد مصر فى منابع النيل، وإثيوبيا ما هى إلا رأس حربة..لكن هذه الأخطار يمكن التصدى لها وإفشال مخططاتها. وخلال هذه الشهور يمكن إنهاء استحقاقات خارطة الطريق والمطلوب وجود مؤسسات قوية متعاونة كما أن مؤسسة الرئاسة تحتاج إلى مساندة قوية من الشعب لأنه ليس من الممكن ظهور الزعيم بلا دعم شعبى ورجال دولة أقوياء. التحدى الأمنى والاقتصادى ويؤكد د. إكرام بدر الدين رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الرئيس القادم يواجه العديد من التحديات أولها التحدى الاقتصادى والتحدى الأمنى.. وعلينا البدء بإعادة الاستقرار والأمن من خلال تطبيق القانون فى ربوع البلاد، والقضاء على الإرهاب واستئصاله من جذوره والأمن يؤثر على الجانب الاقتصادى، ونحن نعانى من نقص فى الصادرات ونقص فى الموارد من العملة الأجنبية وتدهور قطاع السياحة.. وهناك تراجع فى الاستثمارات الخارجية لتأثرها بالأحوال الأمنية.. وعندما يتحقق الأمن يمكننا معالجة المشاكل الاقتصادية. ويتبع ذلك إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية وأهمها البطالة والتضخم وتراجع قيمة العملة المحلية، وذلك يتطلب خلق مشروعات تنموية لمكافحة البطالة، وتطوير العشوائيات.. ولا بد أن تشتمل السياسات الاقتصادية البعد الاجتماعى بحيث تستفيد من هذه السياسات الشرائح العظمى من أبناء الشعب، والتركيز على الشرائح الأكثر فقرًا والأقل دخلًا. والتحديات السياسية التى تواجهها مصر تشمل الشأن الداخلى والإقليمى والدولى، وبالنسبة للشأن الداخلى فلابد من تحقيق التوافق الداخلى، ووضع حد للانقسامات، ومواجهة التهديدات التى تستهدف الأمن القومى المصرى، وأخطرها ما يهدد شريان الحياة لمصر (منابع نهر النيل).. وهناك مشاكل أخرى إقليمية ودولية تتمثل فى محاولة فرض ضغوط سياسية واقتصادية على مصر بهدف التأثير على استقلالية القرار المصرى، والمطلوب فى جميع الأحوال وضع استراتيجية على المستوى الأمنى والمستوى الاقتصادى والمستوى السياسى، مع ملاحظة أن الرئيس المنتخب فى حاجة إلى الدعم والتعاون مع مؤسسات الدولة بأن يكون لدينا برلمان قوى وحكومة قوية تستطيع اتخاذ القرارات المناسبة وتنفيذها.. وهذا التعاون مع مؤسسة الرئاسة وباقى مؤسسات الدولة لابد أن يدعمه تأييد شعب، والتعاون المنتظر بين الشعب المصرى ومؤسسات الدولة هو الكفيل باجتياز المصالحة التى تواجهها مصر، والتغلب عليها. ويطالب د. إكرام بدر الدين المؤسسات القادمة بأن تتبنى مبادئ الثورة وأهدافها لكى تحولها إلى واقع يشعر به الواطن المصرى.. واستكمال استحقاق الرئاسة واستحقاق البرلمان يتطلب تحقيق انجازات ملموسة على الأرض مما يبعت على التفاؤل وتحقيق المزيد من الانجازات. مشروعات كثيفة العمالة من جانبه يرى د. صلاح عبد الله، رئيس الحزب القومى الحر، أن أول التحديات التى تواجه الرئيس القادم لمصر هو التحدى الأمنى وهذا الملف بدأ منذ الموجة الأولى لثورة 25 يناير، والتى أسقطت وزارة الداخلية من ترتب عليه تغول العناصر الاجرامية والجنائية التى يتم التصدى لها والقضاء عليها.. وبعد الموجة الثانية من الثورة فى 30 يونيو والتى أتت بالعناصر الارهابية التابعة لجماعة الإخوان وأعوانها والتى تعيث فسادًا وإجرامًا وتمارس الإرهاب بلا هوادة ولا رحمة ويصاحب ذلك انتشار الفوضى وعدم احترام القانون مثل الاستيلاء على الشوارع والارصفة وتحويل الملكية العامة إلى ملكية خاصة، ويعنى ذلك الاستهتار بالنظام العام. والرئيس القادم مطالب بتحقيق الأمر فى المجتمع المصرى.. وهذا يؤدى إلى تحسن الحالة الاقتصادية بعودة الاستثمارات المحلية والأجنبية مرة أخرى. ويتبع ذلك عودة قطاع السياحة من الانكماش إلى الازدهار والنقطة الثالثة عندما يتحقق الأمن ويتحسن الاقتصاد فإن المواطن سيشعر بالأمان، وعودة النظام، وهذا سينعكس إيجابيًا على السلوك العام للمجتمع. ويواصل د. صلاح عبد الله حديثه عن الملف الاقتصادى الذى يحتاج إلى جهد أكبر لمواجهة التحديات القائمة.. وفى هذا الاتجاه لا بد من التحرك على عدة محاور . الأول: إقامة مشروعات كثيفة العمالة لإمتصاص البطالة، مثل إنشاء عاصمة إدارية للدولة تنقل إليها الوزارات وتبقى القاهرة العاصمة الرسمية.. وهذا المشروع إذا تم تنفيذه على محور 6 أكتوبر - الواحات يمكن أن يوفر 600 ألف فرصة عمل للشباب أثناء عملية الإنشاء.. وبعد افتتاحه، ويمكن أن يمول هذا المشروع من البنوك المصرية. المحور الثانى: إزالة الألغام من منطقة الساحل الشمالى لأنها منطقة زراعية مطرية ومساحتها تصل إلى 2.5 مليون فدان، وهذه المنطقة يمكن أن تستوعب 250 الف أسرة بما يوازى مليون نسمة. وهذه النماذج من المشروعات كثيفة العمالة مطلوبة فى المرحلة الحالية. ولدينا مشروعات محور قناة السويس، وإنشاء المزيد من المصانع اللازمة لتطوير الصناعة المصرية. ويشير د. صلاح عبد الله إلى مشروع مهم وهو إحياء الهيئة العربية للتصنيع والذى بدأ بمشروعات ناجحة، لكنه توقف ولم يستكمل بسبب الظروف السياسية وبالنسبة لملف العدالة الاجتماعية فقد كان هذا الملف السبب فى اندلاع ثورتى يناير ويونيو ويمكن التحرك فى هذا الملف على المحاور الآتية: ? تفعيل قانون من أين لك هذا؟ وتطبيقه على كل من تولى منصبا إداريًا من المستويات العليا وأغلبية الساسة من منتسبى الحزب الوطنى المنحل وبعض أحزاب المعارضة والأحزاب الدينية وعلى الأخص حزب الإخوان الذين أثروا ثراء فاحشًا باستقلال النفوذ والسلطة والتربح الحرام على حساب دماء الفقراء. ? مراجعة التشريعات التى تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية للفقراء. ? ملف الإسكان يتطلب مراجعة نظام الإسكان فى مصر بعودة الدولة لدورها فى بناء مساكن اقتصادية بالإيجار الشهرى الذى يناسب دخل المواطن العادى، وذلك بإنشاء سلسلة من المدن على محور طريق السويس - القاهرة، ومحور طريق 6 أكتوبر - الواحات بهدف نقل سكان المناطق العشوائية بمنطقة القاهرة الكبرى وبعض المحافظات وكذلك الشباب حديثو الزواج والذين تهدمت منازلهم. أما الوضع السياسى فنحن نحتاج إلى إصدار قانون للأحزاب ينظم قيام الأحزاب فى مصر بحيث لا يتجاوز عددها 10 أحزاب كحد أقصى تمثل كافة التوجهات السياسية.. وإلغاء جميع الأحزاب القائمة سواء كان موجودًا قبل ثورة 25 يناير أو بعدها، مع التأكيد على عدم جواز إنشاء الأحزاب على أساس دينى وبالنسبة لملف مياه النيل فهو مسألة حياة أو موت للشعب المصرى.. ويمكن لمؤسسة الرئاسة كبح جماح الأطماع الإثيوبية المدعومة من جهات خارجية لا تريد خيرًا لمصر. ولابد أن يشمل ملف سيناء برنامجًا اقتصاديا واجتماعيا لتعمير سيناء يكون قابلًا للتنفيذ ولو على مراحل حتى يمكن حل المشكلة الاقتصادية والاجتماعية لأن وجود سيناء كأراض خالية من النشاط البشرى تزيد من أطماع الغير نحوها. وينهى د. صلاح عبد الله حديثه بأنه إذا استطاع الرئيس القادم التعامل مع هذه الملفات الشائكة يكون قد انطبقت عليه المواصفات المطلوبة من الرئيس القادم، الذى لزامًا عليه أن يختار قيادة جماعية من رجال يملكون الرؤية الصحيحة ويتسمون بالأخلاق، وأن يبتعد عن البطانة التى كانت حول الرئيس الأسبق مبارك، والذين تسببوا فى عزله عن الشارع المصرى مما أدى إلى قيام ثورة 25 يناير. تركة ثقيلة وتؤكد د. صفاء صلاح الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الرئيس القادم سيرث تركة ثقيلة محملة بكل ما يستعصى على الحل، وهذه المعضلات أطاحت بالأنظمة السابقة، وأولى هذه المعضلات هو تحقيق الأمن والقضاء على الإرهاب، لأنه بالرغم من الدور الملموس للشرطة فى مكافحة ظاهرة الإرهاب والإنفلات الأمنى فإن الوضع لم يستقر، ومازال فلول نظام الإخوان يمارسون العنف والإرهاب الذى أدى إلى قتل الكثير من الأبرياء والمطلوب إيجاد حلول عاجلة للمشاكل الاقتصادية التى تمر بها البلاد الآن، كما سيواجه الرئيس القادم مشكلة العشوائيات التى تعانى منها العاصمة والمحافظات، وهذه المناطق أصبحت بؤرًا غير آدمية يعانى سكانها من الفقر والمرض ويتبعها مشكلة أطفال الشوارع التى تحولت إلى قنبلة قابلة للانفجار، وهناك مشكلة الأمية التى وصلت نسبتها إلى 40% من عدد السكان. وبالنسبة لقضية التعليم ما زال التعليم متخلفًا خاصة فى المرحلة الأساسية، لأننا نريد مواطن متسلح بالعلم والمهنة وفقًا لما يتطلبه سوق العمل فى الداخل والخارج، وهى قضية بالغة الأهمية ولا يمكن إهمالها أو تأجيلها لأن العلم هو العمود الفقرى لبناء الشعوب وتحديث الدول. كما أن ملف الصحة لا يقل عن الملفات التى طرحناها ويستوجب ذلك إصلاح وتطوير المنظومة الصحية والعلاجية، بإيجاد حلول للحالة المتردية للمستشفيات والمؤسسات العلاجية، إضافة إلى ملف البنية الأساسية الذى يشمل الخدمات مثل مياه الشرب والكهرباء وما أصابها من انهيار. وتشدد د. صفاء صلاح الدين على أن الرئيس القادم مطالب بحل هذه المشاكل من خلال تخطيط بعيد المدى ووفق رؤية مستقبلية تصل من 10 إلى 20 سنة حتى يمكن لمصر أن تتواكب مع التقدم العالمى، كما يجب أن يتمتع الرئيس القادم بالمواصفات التى تشمل القدرة على القيادة والتطلع المستقبلى، والسمو الفكرى وتحقيق العدالة والشعور بالمسئولية، وعدم الاستعجال لإرضاء الناس وكذلك التواضع والعزم والحسم والعطاء المستمر، والاتزان الانفعالى، ومطلوب منه أيضًا الإلمام بالشئون الداخلية والخارجية خاصة الأمن والاقتصاد والتعليم. وتحذر د. صفاء صلاح الدين من الانزلاق إلى الانقسام والتشرذم، وتحقيق التوافق الوطنى والالتفاف حول القيادة السياسية لتحقيق الأهداف التى تجعل من مصر دولة عصرية، وإعادة ما فقدته مصر خلال السنوات السابقة من قوة ومكانة، حيث تملك مصر كافة المقومات للنهوض بها والخروج من الأزمات الحالية بالعمل والإصرار على تحقيق الأهداف القومية والوطنية. السيسى هو الحل ويشير المستشار محمد حسن الشحات نائب رئيس هيئة قضايا الدولة إلى أن مصر والوطن العربى يواجهون تحديات صعبة، وسبب ذلك وجود الكيان الإسرائيلى فمنذ قيام دولة إسرائيل فى قلب العالم العربى وهى تحاول إضعاف المنطقة العربية اقتصاديًا واجتماعيًا وعسكريًا حتى تكون هى الدولة الأولى فى المنطقة والأقوى لكى تمارس القهر على شعوب الأمة العربية وقد خاض العرب حروبًا كثيرة مع إسرائيل، ودائما كانت إسرائيل هى المعتدية على الشعوب العربية فى مصر وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان. وزاد من ضعف دول المنطقة اتفاقية كامب ديفيد التى كان هدفها التطبيع مع العدو الإسرائيلى وكان لسياسة بيع الشركات الكبرى دور مهم فى الأزمات الكبرى التى أصابت الاقتصاد المصرى مما أدى إلى تدهور مستوى المعيشة وأثر بالسلب على النواحى الاجتماعية والفكرية والدينية والتعليمية وقد مارس نظام مبارك القهر الاجتماعى والسياسى على جموع الشعب المصرى وحدث جفاء بين الحاكم والمحكوم، وتسبب ذلك فى اندلاع ثورة الشباب فى 25 يناير وتدخلت المؤسسة العسكرية لحسم الأمر لصالح الشعب مرتين بعزل مبارك ومرسى تنفيذًا لإرادة الشعب المصرى. واليوم بدأ الشعب المصرى فى بناء نظام ديمقراطى جديد لتحقيق آماله فى الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. وبعد الدستور الجديد أولى ثمار الثورة، ثم الاتجاه إلى الاستحقاق الرئاسى والذى يتبعه وضع قواعد وآليات لتنمية الاقتصاد مصحوبًا بتحقيق الأمن، والسعى إلى تحقيق التوافق بين شركاء الثورة. ويطالب المستشار محمد حسن الشحات بدعم تحالف الشعب والجيش والشرطة لإعادة الأمن إلى ربوع الوطن وضرب الإرهاب والمتاجرين بالدين وتطبيق القانون على الجميع حماية لثورتى يناير ويونيو وتفعيل القانون بغير حاجة لاتخاذ إجراءات استثنائية حيث كفل القانون حرية التظاهر. وفى ظل استباب الأمن والاستقرار يمكن إنجاح مسيرة الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى للحفاظ على كيان الدولة، ويتبع ذلك القضاء على رموز الفساد، مشيرًا إلى أن النظام السياسى القادم سوف يعكس الحقوق والحريات تطبيقًا للدستور الجديد، كما أن المطلوب من النظام القادم الاستفادة من طاقات الشباب، وإعداد كافة فتات الشعب لمسار سياسى ناجح يعتمد على تحقيق الديمقراطية وإتاحة ممارسة الديمقراطية بعيدًا عن التطرف السياسى والدينى مع الفصل بين السياسة والدين فكل له مساره، ويحب التأكيد على استمرار مبادئ الثورة التى وقفت ضد التدخل الأمريكى فى شئون البلاد. ودعم الشعب ترشيح المشير عبدالفتاح السيسى لانتخابات الرئاسة وقد خضع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى وقال إن ترشح المشير السيسى هو خيار الشعب المصرى. واختيار الشعب المصرى لترشيح السيسى يحمل مضمونًا وطنيًا لأن السيسى يمثل الآن إرادة شعب، كما أن السيسى يتمتع بقدرات شخصية قادرة على مواجهة التدخل الأمريكى السافر فى شئون مصر، مشددا على أن الدعاوى الباطلة التى يرددها البعض حول مسمى العسكر والفرعنة وتقديس البشر هى مؤامرات مكشوفة هدفها زعزعة الثقة برجال عاهدوا الله على حماية هذه البلاد من الأخطار المحيطة بها، مع التأكيد أن مصر بها أبناء أوفياء يخدمون هذا الوطن دون انتظار جزاء من أحد. ومن جهة أخرى يرى جورج إسحاق الناشط السياسى أن مصر تحتاج الكثير من العمل وعلى الرئيس القادم العمل بصورة قوية على الملف الأمنى أولًا فبدونه لا يمكن النجاح فى الملف الاقتصادى، مشيرًا إلى أهمية تحقيق منظومة العدالة المتكاملة والتى تشمل الشرطة والقضاء وتحقيق مبادئ سيادة القانون لأن مصر لا تحتاج إلى زعيم أو منقذ أو مخلص ولكنها تحتاج إلى رجل دولة يديرها ويعمل على خلق كوادر ذات خبرة وإخلاص فى كافة القطاعات سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية. طاقات الشباب ويؤكد د. حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقًا أن الملف الاقتصادى يعد تحديًا حقيقيًا للرئيس القادم، وللخروج من هذه المرحلة يجب أن يتم دفع عجلة الإنتاج وإعادة الثقة للمستثمر الأجنبى مرة ثانية إضافة إلى دعم رجال الأعمال المصريين، مشيرًا إلى أن مصر غنية بمواردها ولكنها تحتاج فقط إلى تشغيل تلك الموارد، وعلى سبيل المثال مشاريع تعمير سيناء التى إذا تم تنفيذها سوف تنقل مصر اقتصاديًا نقلة كبيرة إضافة إلى أن هذه المشاريع سوف تضيف بعدًا أمنيًا لسيناء. ويضيف عبد العظيم أنه من الضرورى إقامة مشروعات عملاقة يلتف حولها الشعب مثلما حدث فى السابق بإنشاء السد العالى ولابد من بناء رؤية استراتيجية لإقامة نهضة صناعية وسياحية تعتمد على التعدين والصناعة ومد شبكات من المواصلات وإنشاء وتحسين المدارس والمستشفيات وإقامة مجتمعات عمرانية متكاملة وأن يضم جهاز تعمير سيناء خبرات فى التخطيط والتعمير والرى والمياه الجوفية والتعدين والصناعة والكهرباء والزراعة والجيولوجيا. وأوضح الخبير الاقتصادى أن مصر شهدت حالة من عدم الاستقرار الاقتصادى خلال السنوات الثلاث الماضية ومن الضرورى أن يشهد هذا القطاع العديد من الإجراءات التى تخرجه من كبوته، ويجب على الرئيس القادم أن يضع ضمن أولوياته البحث عن حلول جذرية للأزمات المتجذرة فى الاقتصاد المصرى مثل أزمة البطالة والتى تعد مشكلة حقيقية تعانى منها مصر ويمكن إذا تم حل تلك المشكلة بطريقة علمية أن تكون دافعًا قويًا لنهضة الاقتصاد المصرى وذلك عن طريق استغلال طاقات الشباب المتعطلة فى دفع عجلة الإنتاج وهناك حلول ضرورية وأساسية يجب العمل عليها.. أولها الاهتمام بالصناعات الصغيرة إضافة إلى تنشيط الاستثمارات الداخلية والخارجية، مؤكدًا أن الغلاء أزمة أخرى يعانى منها المواطن المصرى فمن الضرورى حماية المستهلك من جشع التجار من خلال الجهات الرقابية والتى من المفترض أن تضع آليات لضبط الأسواق إضافة إلى أن الدعم الحكومى لا يصل إلى مستحقيه، لذا يجب العمل على حصول الشرائح التى تحتاج إلى الدعم على كل مخصصات الدولة فى هذا الشأن ويشير إلى أن إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة أمر ضرورى وإلغاء كافة البنود التى تستنزف الموازنة وإبدال تلك المخصصات فى بنود أخرى تساعد على دفع عملية التنمية. ويقول عبد الله حسن نائب رئيس حزب المؤتمر وعضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى السابق إن أهم الملفات التى تنتظر الرئيس القادم هو الاستعداد للانتخابات البرلمانية وذلك لإتمام أركان الدولة والتى تكتمل بمجلس الشعب بعد أن تم إلغاء الغرفة التشريعية الثانية وهى مجلس الشورى، مشيرًا إلى أن البرلمان القادم له أهمية بالغة خاصة أن آلاف القوانين تنتظره ليتم بها استكمال هيكل الدستور الذى تم إقراره، مؤكدًا أن الدستور بدون هذه القوانين يظل حبرًا على ورق وليس له علاقة بأرض الواقع فالقوانين المنظمة لا تقل أهمية عن مواد الدستور، مؤكدًا أن الرئيس القادم سيتحمل عبئا كبيرًا فالشعب ينتظر من الرئيس المضى فى خطوات جادة لفتح مستقبل جديد يليق باسم مصر، مشيرًا إلى أن ثورة 30 يونيو التى جاءت لتعديل مسار ثورة 25 يناير ومكملة لها وضعت أساس تعامل مصر مع العالم الخارجى ومبادئ ذلك التعامل ظهرت فى مقومات خارطة الطريق وسوف يكون للرئيس القادم دور مهم فى استكمال خارطة الطريق والعمل بعدها على رفع شأن مصر فى أفريقيا والشرق الأوسط، مضيفًا أنه من الضرورى أن يقوم الرئيس القادم بالعمل على تقوية الحالة الديمقراطية والسياسية ووضع مبادئ الحرية والمساواة كأساس للعمل السياسى إضافة إلى العمل على تحقيق أهداف الثورة التى خرج من أجلها المواطن المصرى. ضبط الشارع ويضيف عبد الفتاح عمر الخبير الأمنى ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب سابقًا أن الملف الأمنى أهم الملفات التى تنتظر الرئيس القادم ليس لبدء العمل فى هذا الملف ولكن لاستكمال ما تم عمله فى هذا الإطار منذ ثورة 30 يونيو، خاصة أن الأجهزة الأمنية ترصد كافة أشكال العداء لمصر وللمصريين سواء داخليًا أو خارجيًا منذ الثورة وتعمل كافة أجهزة الدولة على مقاومة هذا الإرهاب المنظم، مشيرًا إلى أن الرئيس القادم سيكون له دور كبير فى استكمال ما تم عمله فى هذا الإطار ويجب أن يتم العمل على هذا الملف بطرق غير تقليدية بداية من مواجهة الفكر المتطرف بالفكر الوسطى من خلال وسائل الإعلام. ويشير إلى ضرورة مواجهة عمليات الاختراق الخارجى وتصفية الوجود الأجنبى الذى تسلل إلى البلاد فى فترة حكم جماعة الإخوان. ويشدد الخبير الأمنى على أن هيبة القانون يجب أن تتصدر المشهد فى الشارع المصرى حتى يتم ضبط إيقاع الشارع خاصة بعد أن فرض البعض قانونهم الخاص بالقوة والبلطجة ويجب أن يتم تطبيق القانون بشكل حاسم وعلى الجميع فالكل أمام القانون سواء.