كشف تقرير رسمى صدر حديثا عن الإدارة المركزية لحماية الأراضى بوزارة الزراعة حجم حالات التعدى المروع على الأراضى الزراعية خلال المدة من 25 يناير 2011 حتى 26 اغسطس 2013، حيث يبلغ إجمالى عدد حالات التعدى 827 ألف حالة، بإجمالى مساحة تصل إلى 35 ألفا و332 فدانا، وقد قامت الحكومة بإزالة 740 ألف حالة ولم تقم سوى بإجمالى مساحة 4736 فدانا من إجمالى 35 ألفا فدان. وأشار التقرير إلى أن 5 محافظات احتلت المراكز الأولى فى التعديات وهى المنوفية والغربية والبحيرة. والدقهلية والشرقية، فى حين احتلت محافظات ومناطق الإسماعيلية والنوبارية وأسوان والجيزة الأقل فى حالات التعدى، بينما شهدت محافظات الشرقية والغربية الأعلى فى تنفيذ الإزالات بينما كانت محافظات المنوفية والبحيرة والدقهلية وسوهاج وأسيوط الأقل فى تنفيذ قرارات الإزالة. وتتزامن تلك التعديات مع تقديرات الأممالمتحدة التى أعلنت خلال الاحتفال العالمى السنوى بيوم التصحر الذى يوافق 71 يونيو من كل عام أن مصر احتلت المركز الأول فى تلك المعدلات بسبب انكماش مساحات الأراضى الزراعية وتدهور خصوبتها وانخفاض انتاجيتها بسبب تزايد معدلات التعديات عليها. وكشف د. حسين عبدالمنعم باحث بمعهد البحوث الزراعية لأكتوبر أن الأسباب التى أدت إلى ظاهرة الاعتداء على الأراضى الزراعية متمثلة فى السياسات الزراعية وفكرة دعم المزارع، حيث تم إهمال القطاع الزراعي؛ كما أن الأراضى أصبحت تستخدم للبناء، وبالتالى شعر المزارع أن نظام الزراعة الخاص به لم يعد يأتى بهمه. وأشار عبد المنعم إلى أن الرقابة مطلوبة مشيرا الى ضرورة ان تقوم المحافظات بوضع مراقبين فى تلك القرى والنجوع الصغيرة للإخطار بأى تعد على الأرض الزراعية لانقاذها قبل ان تقام المبانى عليها أو ان يقوم اصحابها بتبويرها. واضاف مقترحا انه من الضرورى ان تقوم وزارة الزراعة بتخصيص مبالغ ليتم شراء أى أراض من المزارعين ممن لا يستفيدون منها لتقوم هى بزراعتها والحفاظ عليها أو أن تستبدلها معهم بأراض خاصة بالبناء. وجدير بالذكر صدور تقرير وزارة الزراعة الذى جاء مرافقا لتصريح لوزير التنمية المحلية عادل لبيب تفويض جميع المحافظين بتفعيل دورهم فى إزالة اى تعديات على الأراضى الزراعية وذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة والاجهزة الامنية. وتعليقا على قرار وزير التنمية المحلية قال محمود العدوى رئيس الإدارة المركزية لحماية الأراضى ان هذا القرار موجود من قبل فى القانون ولم يصدر حديثا وانما وزير التنمية المحلية قام بتفعيله ليس اكثر. وعن أنواع المخالفات التى تقع على الارض الزراعية قال يمكن تصنيفها الى ثلاثة أنواع الأولى التعديات البسيطة ( تبوير ، تشوين، اسوار ) ويتم ازالتها فورا عن طريق اللجان الثلاثية والتى تشكل من المهندس الزراعى المشرف، والنوع الثانى وهى التعديات المتوسطة بمعنى التعديات غير المكتملة وغير المأهولة بالسكان وليس بها مرافق ويتم ازالتها بنفس الهيئة السابقة. وأضاف: هناك التعديات الكثيفة أو الشديدة وهى المبانى المكتملة والمأهولة بالسكان والتى تم إضافة مرافق لها لافتا إلى أنه فى تلك الحالة فإنه يقترح ان تغلظ العقوبات والغرامات على أصحاب هذه المبانى أو مصادرتها منهم نظرا إلى صعوبة إخلائها. وقال العدوى انه من الضرورى تغليظ العقوبات وليس مكافأة المخالف للقانون كما يطالب البعض وذلك من خلال مصادرة تلك المبانى للمنفعة العامة أو أن يقوم بدفع ضعف التكلفة الخاصة بالمبنى وليس ان نتركهم يقيمون المبانى ثم يرفعون القضايا التى تحكم لهم بأحقيتها. وذكر ان الفترة الماضية شهدت حالة من الانفلات الأمنى ساعدت فى تزايد التعدى على الأراضى الزراعية الا انه حتى 26-8-2013 تم إزالة 83217 حالة تعد على الأرض الزراعية بما يعادل 4736 فدانا و21 قيراط لافتا إلى أن عدد التعديات على الارض الزراعية بلغ 826563 حالة بما يعادل إجمالى 35332 فدانا مؤكدا ان استمرار حالات التعدى بهذا المعدل سينهى الرقعة الزراعية فى فترة زمنية لا تتعدى السنوات العشر. واضاف العدوى ان وزارة الزراعة متمثلة فى الإدارة المركزية لحماية الأراضى قامت بعرض تقارير اسبوعية عن حالات التعدى وتخطر بها مديريات الزراعة وكذلك أجهزة الحكم المحلى بالمحافظات بالبرنامج الزمنى لتنفيذ الإزالات بالإضافة إلى التنسيق مع الأجهزة الأمنية لمساعدتها فى تنفيذ تلك الإخطارات مشيرا إلى أنه قد يتعرض القائمون بتنفيذ قرارات الإزالة إلى العنف من جانب الأهالى عند التنفيذ. معالجة الأسباب ومن جانبه وصف د.عبد الرحمن فهيم، الخبير الزراعى ان حل تلك المشكلة يبدأ باكتشاف الأسباب أولا مشيرا إلى ان اراضى الريف محدودة والنمو السكانى فى ازدياد مستمر وبالتالى لابد من توفير أراض بديلة للفلاحين للبناء ثم التفكير فى الحد من التعدى على الأراضى الزراعية. واضار ان الآثار السلبية للتعدى على الأراضى الزراعية لا تقف عند الارض وحدها وانما تخلق ايضا نوعا من العشوائيات الجديدة التى يصعب إيصال المرافق لها. وأكد على ضرورة ان يكون هناك ضبطية قضائية وهى شرطة خاصة بحماية الأراضى الزراعية تتولى تنفيذ قرارات الإزالة بالإضافة إلى ضبط المخالفين للقوانين الزراعية وان يكون ذلك بالتنسيق مع الاجهزة الامنية. فجوة غذائية وتعليقا على التقرير قال د. محمد على أحمد، الأستاذ بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي؛ يؤكد أن إهمال القطاع الزراعى بدأ مع تفتيت الأراضى الزراعية، ففى مصر منذ ثورة 1952 تم توزيع الأراضى على الفلاحين ليمتلكها أجيال متلاحقة البعض حافظ عليها والآخر لم يجد جدوى من زراعتها، مشيرا الى ضرورة عمل تأمين زراعى على الأرض مثل التأمين على الحياة والممتلكات الأخرى للتشجيع على الزراعة. محذرا من استمرار التعدى على الأرض سيؤدى إلى أن تقليص المساحات المزروعة وبالتالى تناقص المحاصيل الحقلية الأمر الذى سيترتب عليه فجوة غذائية من الصعب تداركها فى المستقبل لافتا إلى أن الأمر بدأ يتحول إلى قضية امن قومى يجب وضعها فى الاعتبار. واضاف احمد ان القانون قد حدد أماكن خاصة بالبناء على الاراضى الزراعية فى حالات معينة مثل مشروعات النفع العام كمشروعات الانتاج الزراعى او التى تخدم الانتاج الحيوانى والداجنى لافتا إلى ضرورة الاستفادة من الظهير الصحراوى أو الأراضى المستصلحة حديثا والموجودة فى جميع أنحاء الجمهورية. مبديا تعجبه قائلا اننى استغرب من الذين يتركون كل الاماكن المخصصة للبناء ليستخدموا الأراضى الزراعية فى مشاريعهم، مشيرا الى ضرورة ان تقوم وزارة الزراعة بإلغاء حتى تلك المشاريع المقامة على الأرض الزراعية حفاظا عليها. سياسات خاسرة وفى نفس السياق انتقد عصام شلبي، أستاذ علوم المحاصيل بجامعة الإسكندرية، عدم تدعيم الحكومات للاستثمار فى الزراعة، مشيرا إلى أن السودان ومصر لديهما عيب واحد، فمع أن السودان تمتلك 200 مليون فدان قابلة للزراعة إلا أنها غير مستغلة بشكل كلى ومع التقنيات السيئة والإنتاجية والموارد المالية القليلة فإن تنمية قطاع الزراعة لابد ان يتم تفعيله والاهتمام به بصورة اكبر. ووصف حالة العزوف عن الاستثمار فى الزراعة بأن «رأس المال جبان.. يريد العائد السريع والمضمون، والزراعة ليست كذلك» وبالتالى فالكثير يعزف عن الاستثمار فى الزراعة وتحويلها إلى مبان أسمنتية والاستفادة منها بصورة اسرع. ورأى أن السياسات الزراعية خاسرة وقاصرة النظر، والدليل على ذلك عدم إعطاء الموارد المالية الكافية لتدعيم البحوث العلمية فى مجال الزراعة، مشيرا الى ضرورة تفعيل السياسات المطروحة بعد مناقشتها، يليه القرار التمويلي؛ لتوفير الموارد المتاحة للزراعة ودعم الاستثمار بها، إلى جانب توفير الدعم المادى للعاملين بالزراعة مشيرا إلى اننا نعانى من مشكلة ضخمة وهى التعامل بسياسة رد الفعل وبالتالى ننتظر وقوع المشكلة ثم التعامل معها. تفعيل القرارات شدد د.مصطفى أحمد مصطفى، الخبير الاقتصادي، على ضرورة التوسع فى الاستثمار الزراعى المنتج باعتباره المرتكز الأساسى فى تحقيق الأمن الغذائى فى مصر، حيث يتم من خلاله التحكم فى تطور التكنولوجيا الزراعية، والتى ستساهم فى الزيادة الإنتاجية الزراعية بما يتماشى مع الزيادة الحاصلة فى الطلب على الغذاء. ودعا إلى تفعيل قرارات وتوصيات المؤتمرات بالإضافة إلى تفعيل القوانين الحبيسة الإدراج والنظر فى الملفات المعطلة من خلال إستراتيجية منسقة أو بنك أو برنامج خاص بالسياسات الزراعية يعمل على تقديم الحلول وتنفيذ المقترحات المقدمة والقابلة للتطبيق على أرض الواقع، والنظر إلى الخطط السابقة وبعثها إلى الحياة مرة أخرى مع مراقبتها والتقييم المستمر لها.