يقول عبد الرازق خليل مدرس بمحافظة المنوفية إن ما يميز المحافظة انخفاض نسبة الأمية وهو ما يشير إلى ارتفاع معدل الثقافة أيضا والمعروف أن الإخوان يستخدمون الأسلوب النازى فى الدعاية الذى يعتمد على الكذب بصفة أساسية لإقناع الآخرين وحيث إن الإقناع بالكذب يتطلب من المتلقى أن تكون عقليته سطحية وبسيطة وتعليميه محدود هذه هى المواصفات التى تتوافر فيمن تم تجنيده للانضمام إلى تنظيم الإخوان المسلمين. ويشير خليل إلى أن شعب المنوفية على مستوى عالٍ من العلم والثقافة فيكتشف أسلوب عمل الإخوان ويكون رد الفعل قوياً فبعد الفساد الذى تميز به العقد الأخير من حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك ثار أهالى المنوفية على الرئيس الفاسد رغم أنه ابن من أبناء المحافظة وشارك أهالى المنوفية بفاعلية فى ثورة 25 يناير أملا فى إصلاح البلاد والعباد ولكن سرعان ما انكشفت الصفقة واكتشف أبناء المحافظة أن محمد مرسى ما هو إلا مندوب لمكتب الإرشاد فى رئاسة الجمهورية فقرروا الخروج عليه أيضا، ويؤكد المهندس عبد الرحمن محمد أحد أبناء المحافظة ارتباط أهالى المنوفية بالأرض الزراعية نظرا لأننا من المحافظات الزراعية، وهو ما يؤكد إيمانهم بالدولة ومفهومها المعروف ولكنهم اكتشفوا بعد تجربتهم مع الإخوان أنهم لا يعترفون بالدولة المصرية ذات الحدود المعروفة وأن هذا التنظيم ليس له علاقة بالوطن عكس المنايفة الذين يرتبطون بتراب أرض الوطن. أما الشيخ أحمد الرفاعى إمام مسجد فيقول: أهالى المنوفية يتصفون بالوفاء والأمانة وعدم الخيانة ويتضح ذلك فى تقديرهم لرؤساء مصر السابقين سواء الرئيس محمد نجيب أو الزعيم جمال عبد الناصر أو أنور السادات وحتى حسنى مبارك الذى يقولون عنه إنه كان فاسداً ماليا وسياسيا إلا أنه كان وطنيا مخلصا لبلده لم يفرط فى تراب بلده كذلك كان السادات وعبد الناصر، أما الصدمة التى تلقاها أهالى المنوفية فى حكم تنظيم الإخوان المسلمين هى عدم الأمانة والخيانة لتراب هذا البلد. ويؤكد الدكتور محمد سيف من أبناء المحافظة أنهم يتعاملون مع الجميع بمبدأ حسن النية إلى أن يثبت العكس وهذا ما حدث فى التصويت على استفتاء مارس على الدستور المؤقت والانتخابات البرلمانية والرئاسية التى أتت بمرسى وأخيرا استفتاء دستور 2012 وبعد كل ذلك تبين أن حسن النية لم يكن فى مكانه ولذلك كان رد الفعل شديداً فالمحافظة هى الوحيدة فى مصر التى لم تمكن الإخوان من إحداث أى تخريب فيها. تقديس الجيش ويوضح عبد الله حسن عضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية وعضو اللجنة التشريعية والدستورية بالشورى المنحل أن محافظة المنوفية تتميز عن غيرها من المحافظات بعدد سكانها المرتفع والتى تعد من أعلى المحافظات بعد القاهرة الكبرى والإسكندرية وقربها من القاهرة أتاح لسكانها الانتقال إلى العاصمة وهو ما وفر قدراً كبيراً من التعليم والثقافة. ويشير حسن إلى أن أبناء تلك المحافظة الزراعية يعشقون القوات المسلحة وينتمى نسبة كبيرة منهم إلى المؤسسة العسكرية إضافة إلى الشرطة والقضاء. كل ذلك ظهر واضحا فى انتماء أبناء المحافظة للقيادة العسكرية وكرههم الإخوان بعد أن ظهرت عداوة الجماعة للمؤسسة العسكرية. ويشير حسن إلى أن انتماء أبناء المحافظة «الدلتاوية» للنظام الحاكم سواء فى حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات أو الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك كان له أكبر الأثر فى ألا تكون المحافظة مناخا خصبا لتفكير جماعة الإخوان المسلمين فمحافظة المنوفية تتميز كما يتردد فى الآونة الأخيرة داخل أروقة صناعة القرار أنها محافظة بلا إخوان فنسبة الإخوان فى المحافظة هى الأقل بين محافظات الجمهورية. رد الجميل ويؤكد د. أحمد حجازى أستاذ علم الاجتماع أن المجتمع بمحافظة المنوفية يغلب عليه الطابع العلمى فأبناء تلك المحافظة يبحثون عن العمل لتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم فالمحافظة الزراعية ذات الرقعة الضيقة وعدد السكان الكبير جعلها أكثر المحافظات طردا لسكانها فالحياة تعد أكثر صعوبة عن باقى المحافظات مما جعل أبناء تلك المحافظة يبحثون عن التعليم والعمل الجاد وهو ما جعلها المحافظة الأقل اضطربا منذ أحداث ثورة 25 يناير وحتى الآن فالجميع يعمل ويبحث عن الأفضل سواء سكان المحافظة أو من هم بالقاهرة وتنتمى جذورهم للمنوفية. ويشير حجازى إلى أن ظهور قيادات بارزة فى النظام الأسبق من أبناء تلك المحافظة جعل المواطنين بالمحافظة يردون الجميل خاصة أن تلك القيادات قدمت الكثير من الخدمات للمحافظة سواء خدمات عامة كمرافق وغيرها أو خدمات خاصة بتوفير فرص عمل جيدة لأبناء المحافظة وهو ما ظهر واضحا فى الخدمات التى قدمها أحمد عز أمين عام لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل بدائرته وبالمثل الراحل كمال الشاذلى أحد أبرز قيادات الوطنى المنحل. الفقر والجهل ويضيف حسن ترك رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى أن محافظة المنوفية تتميز بأن بها أعلى نسبة تعليم وهو ما كان له أكبر الأثر فى فهم الواقع السياسى للأحداث منذ 25 يناير وحتى الآن فالمحافظة السياسية بطبعها كانت تشارك منذ الأيام الأولى لثورة يناير وهى إحدى المحافظات القليلة التى لم يحدث بها انفلات أمنى وخرج أبناء المحافظة من المواطنين لحماية مراكز الشرطة مع إخوانهم من رجال الشرطة مشيرا إلى أن المواطن فى محافظة المنوفية الذى يكافح لتوفير حياة كريمة له ولأسرته استطاع أن يتعامل مع أرض الواقع ويعى ما يدور من حوله. ويوضح ترك أن أبناء المنوفية لم يكرهوا الإخوان المسلمين منذ البداية لكنهم كأبناء كافة المحافظات تعاطفوا مع هذه الجماعة فى فترة ما قبل 25 يناير، وعلى الرغم من انتماء عدد كبير من رموز النظام الأسبق وفترة حكم الحزب الوطنى لمحافظة المنوفية إلا أن أبناء المحافظة لم يكن ولاؤهم إلا للوطن فقد تفاعلوا مع ثورة 25 يناير وفطنوا مبكرا لمخططات جماعة الإخوان المسلمين فكانوا هم الأبرز فى رفضهم للإخوان وظهر ذلك من خلال الانتخابات الرئاسية، فالمحافظة كانت أقل المحافظات تصويتا للرئيس السابق محمد مرسى. ويؤكد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى أن عدونا الحقيقى فى مصر الفقر والجهل فلن نستطيع القضاء على الإخوان بالسلاح أو بالحبس لكننا بالقضاء على الفقر والجهل سنقضى على الإخوان خاصة أنهم يسيطرون على عقول مريديهم مستغلين جهلهم وكذلك فقرهم مثلما حدث كثيرا فى الانتخابات سواء الرئاسية أو البرلمانية عن طريق تقديم مواد تموينية للمحتاجين بشرط تقديم أصواتهم للإخوان وهو ابتزاز واضح للجماعة واستغلال للفقر الذى يعانى منه أغلب المواطنين فى محافظات مصر. خيبة أمل ويقول الدكتور محمد عبد المقصود القيادى بحزب الوسط إن الحياة السياسية المصرية شهدت حراكا كبيرا فى السنوات السابقة لثورة 25 يناير وكان لهذا الحراك انعكاساته الواضحة فى المنوفية التى شارك كثير من أبنائها بنشاط فى أحداث ثورة يناير واحتكوا بمختلف الأحزاب والقيادات السياسية مما ساهم فى زيادة مستوى الوعى السياسى وانعكس ذلك على الانتخابات البرلمانية التالية للثورة حيث فقد الإخوان كثيرا من مقاعدهم فى المحافظة ثم كان طبيعيا أن ينعكس ذلك فى الانتخابات الرئاسية وكذلك فى الاستفتاء على الدستور الإخوانى المعيب، ففى الانتخابات الرئاسية خسر مرسى فى الجولة النهائية لصالح أحمد شفيق ولا ينعكس ذلك بصورة تأييدهم للفريق أحمد شفيق بقدر ما يعكس خيبة أملهم العميقة فى الإخوان ونفورهم منهم. أما بخصوص الدستور فقد عكس تصويت أغلبية ناخبى المنوفية ضد هذا الدستور المعيب وعياً عاليا بقضايا الثورة والحريات والديمقراطية. العقل المنوفى ويقول كمال حبيب المحلل السياسى إن الأمر يتعلق بالعقل المنوفى نفسه الذى يرضى غالبا بما هو قائم بديلا من العشوائية والتظاهر وبعض المظاهر التى أعقبت الثورة الأولى 25 يناير والفترات التى تبعتها وحتى الآن هذا الفكر الذى نتج عن ارتباط أغلب أبناء المحافظة بالوظائف الحكومية والتى جعلت المواطن المنوفى أكثر التزاما وحرصا على ما هو قائم بالفعل دون المجازفة بما هو فى اليد بشىء غير معروف أو هدف يسعى لتحقيقه، مشيرا إلى أن المنوفية محافظة صغيرة فهى أصغر محافظات الجمهورية وأغلب أبنائها يعملون خارج المحافظة فذلك كان مؤثرا فى عدم حدوث أى مظاهر عشوائية فى داخل المحافظة نفسها فى حين أن أبناء المحافظة شاركوا فى فعاليات الثورة الأولى والثانية بالقاهرة. ويشير حبيب إلى أن تنظيمات الإخوان موجودة فى كافة محافظات الجمهورية وكذلك المنوفية ولكنها غير مؤثرة فلا يمكن القول إن المحافظة خالية تماما من أى تواجد إخوانى فهذا غير صحيح فالمحافظات التى حدث بها مشاكل ومسيرات إخوانية بها تجمعات للحزب الوطنى المنحل وجماعات ترفض الإخوان فليس الأمر يتعلق بالتواجد السياسى لكن الأمر له علاقة بالفكر السائد لمواطنى المحافظة نفسها. ويتفق كمال حبيب فى الرأى القائل إن نسبة التعليم المرتفعة كان لها تأثير كبيرا على الفكر السائد بين أبناء محافظة المنوفية والتى تعد من أعلى المحافظات فى نسبة التعليم بين أبنائها.