فى ظل تردى للأزمة السورية وتداعياتها على المنطقة دعا مجلس الأمن لبنان للتراجع عن التورط فى الحرب السورية التى قد تضع لبنان على طريق المجهول والذى يغفل فيه القوى السياسية اللبنانية الآثار الكارثية التى ستصيب المواطن اللبنانى من جراء هذا الصراع. وتعتبر الأزمة السورية من أهم محددات الصراع فى لبنان، فأضلع مثلث الصراع اللبنانى متورطا بالكامل فى الأزمة السورية. وحزب الله لن يسمح بانهيار النظام السورى، لأنه لو انهار سيجر معه المشروع الإيديولوجى لحزب الله ولراعيته إيران. فى الجهة الأخرى سيخسر الحريرى وتيار المستقبل العديد من أنصارهما الذين يتحولون نحو الجماعات المتشددة والشيوخ السنة، وكلما أشتد النزاع فى سوريا ظهر المسلحون المتطرفون فى الشارع اللبنانى أكثر وأكثر. ووسط كل تلك الصراعات التى تسيطر على المشهد اللبنانى نجد الجيش ينتشر بصورة كبيرة فى منطقة طرابلس لوأد حرب أهلية بين السنة والعلويين. فتلك المنطقة تعانى منذ فترة من عمليات اختطاف وتبادل إطلاق نيران ويدعم كل من أطراف الصراع فى الداخل اللبنانى أبناء طائفته فى الصراع السورى. والجيش اللبنانى عانى كثيرا فى الفترة الأخيرة فقد تعرضت وحداته المنتشرة فى مناطق التصارع إلى مرمى النيران العديد من المرات. وفى السياق ذاته حذر الجيش اللبنانى من الانفلات الأمنى الذى تشهده المنطقة (طرابلس شمال لبنان) منذ أيام، من شأنه أن يضع مصير البلد برمته على حافة الهاوية , رافضا اى محاولات استيراد الفتنة الطائفية ،وسيكون بالمرصاد لكل من يحاول جر لبنان إلى اتون الفتنة. وأوضح الجيش اللبنانى أنه مستمر بالقيام بكل ما من شأنه حماية البلاد والحفاظ على أمنها واستقرارها مهما غلت التضحيات. و فى ضوء هذا المشهد الخطير فى لبنان والمنطقة من الواضح أن ملف الحكومة الآن مؤجل تماما خاصة بعد أن فشلت القوى السياسية التوصل إلى صيغة توافقية يتم عمل الانتخابات النيابية عن طريقها، حيث قام النواب بتأجيل الانتخابات التشريعية وإمداد ولايتهم لمدة 17 شهرا إضافيا. وهنا أثير العديد من التساؤلات حول قدرة هذا المجلس المشكوك فى شرعيته والمنقسم على ذاته فى انتخاب رئيس جديد يخلف الرئيس ميشال سليمان الذى ستنتهى ولايته فى مايو 2014. وفى ظل الوضع اللبنانى الحالى وتفاقم الأزمة السياسية و الاقتصادية من المتوقع أن تعجز الحكومة اللبنانية عن صرف رواتب العاملين بها فى نهاية شهر أغسطس الحالى، وسيكون نتيجة ذلك حرمان حوالى خمس سكان لبنان تقريبا من دخولهم. وما من شك فإن لبنان بتنوعه الحضارى والدينى والتعدد السياسى قادر على تجاوز أزمته خاصة وأن الجميع يدرك أن تركيبته لا تحتمل سياسة شد الحبل الذى إذا انقطع سوف يخنق الجميع دون استثناء، فالاحتكام إلى المواجهة عبر الشارع ليس حلاً ولا الاعتماد على الدعم الدولى مخرجاً.. ولبنان يستحق تقديم التنازلات ليبقى جميلاً مستقراً ومزدهراً لكل ابنائه الذين عليهم ان يعودوا إلى طاولة الحوار بقلوب صافية وعقول مفتوحة لمناقشة كل القضايا الخلافية للوصول إلى حلول تضع حداً للمخاطر التى تنذر بفتنة تأتى على كل الإنجازات المحققة على صعيد المصالحة والتحرير والاستقلال.. من اتفاق الطائف وحتى صمود وانتصار فى حرب 2006م أمام العدو الصهيونى. ولذلك فإن الوسيلة الوحيدة التى قد تساعد لبنان للخروج من هذة الأزمة هى اتخاذ حزب الله القرار بالخروج من الحرب السورية والعودة إلى لبنان وتقديم المصلحة اللبنانية وأمن اللبنانيين وحياتهم ومصالحهم العامة وسلامهم على أى مصلحة حزبية أو إقليمية لهذا الحزب أو ذاك.