أرسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عمر بن الخطاب، لجمع الصدقات. أخذ عمر رضى الله عنه وأرضاه جهته، وامتثل الأمر وطاف على المسلمين قائلًا: ادفعوا الصدقة. فعمر صارم وهو يصلح لمثل هذه المهمات، ذهب عمر يطرق على الأبواب: ادفعوا الزكاة. يقولون: من أرسلك؟ فيقول: محمد ( صلى الله عليه وسلم )، فإذا سمعوا محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) دفعوا الصدقة؛ لأن عمر مهما أوتى من قوة، لا يملك القلوب كما يملكها ( صلى الله عليه وسلم ). فذهب عمر ليطرق الأبواب، ومر بالناس جميعاً، فوصل إلى العباس: عم الرسول ( صلى الله عليه وسلم )، فقال له: ادفع الصدقة، قال: من أرسلك؟ قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ). قال: لن أدفع. فذهب إلى خالد وقال له: ادفع الصدقة. قال: من أرسلك؟ قال: الرسول ( صلى الله عليه وسلم ). قال: لن أدفع؟ فذهب لابن جميل، قال: أدفع الصدقة. قال: من أرسلك. قال: محمد ( صلى الله عليه وسلم ). قال: لن أدفع؟ فرجع عمر بالأموال، وقال: يا رسول الله، دفع الناس جميعاً إلا ثلاثة. قال: (من هم؟) قال: عمك العباس وخالد بن الوليد وابن جميل. قال: (يا عمر، أما تعلم أن العباس عمى، أما تعلم أن عم الرجل صنو أبيه، هى على ومثلها لعامين) (يقول: صدقته على ومثلها، فأنا اقترضت منه صدقة عامين، ولكن استحيا العباس أن يقول لعمر أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) اقترض منى زكاة عامين، وعلم أنه إذا رد عمر سوف يتذكر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ). قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ):(أما خالد، فإنكم تظلمون خالداً، إنه قد احتبس أدرعه وأعتده فى سبيل الله عنده مائة سيف وعنده مائة رمح، وعنده مائة فرس، قال: هى رهن، وهى محبوسة فى سبيل الله). إذا عذره الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وقال: (إنكم تظلمون خالداً). وأما ابن جميل فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (وأما ابن جميل فما ينقم إلا أن كان فقيراً فأغناه الله)، أى: أنه لا عذر له، أما العباس فمعذور وخالد معذور.