هل تتذكرون «إبريل جلاسبى».. السفيرة الأمريكية لدى العراق فى عهد صدام ؟! هذه الدبلوماسية الحيزبون الشريرة هى التى أوقعت صدام فى مصيدة الكويت!وهى التى شجعته على غزوها.. فاندفع بغباء إلى الحفرة التى صنعها لنفسه.. بنفسه.. حتى خرج من حفرة إلى حفرة أخرى وأخيرة.. لا تقل سوءاً عن الحفرة السياسية والدبلوماسية التى أوقعته فيها سفيرة الشر!! ويبدو أن أغلب سفراء أمريكا من تلك النوعية التى تصنع المكائد وتدير المؤامرات وتدبر المصائب! لذا يجب علينا أن ندقق مراراً فى الموافقة على اعتماد أى سفير أو سفيرة أمريكية لمصر!! فهؤلاء يعملون لمصالحهم ومصالح بلادهم.. وضد مصالحنا أيضاً. وهنا يجب أن نتذكر أن جورج بوش الابن.. قال بعد 11 سبتمبر 2001 أنه سوف ينقل الحرب إلى 60 بلداً فى العالم.. يقصد 60 بلداً إسلامياً.. وقد بدأ فعلاً بأفغانستان.. وها هى أمريكا تخرج منها.. وقد تفاوضت مع طالبان.. ولم تنجح فى إقامه نظام بديل قوى قادر على ملء الفراغ الذى سوف يخلفه الغربيون والناتو عند الانسحاب من أفغانستان. ثم انتقلت الحرب الضروس إلى العراق الشقيق.. والحقيقة أن تأصيل المؤامرة بدأ قبل ذلك.. عندما تم إشعال حرب دامية بين العراق وإيران استمرت سنوات طويلة.. وانتهت بإنهاك وإضعاف البلدين.. وكان غزو صدام للكويت المصيدة الأولى التى قادت إلى غزو العراق عام 2003.. ثم تمزيقه إلى ما يشبه ثلاث دويلات (كردية وسنية وشيعية). وعراق الأمس غير عراق اليوم الذى يشهد مواجهات دامية وتناحراً هائلاً.. مذهبياً وسياسياً وعسكرياً. بل إن الخطيئة الأمريكية الكبرى تمثلت فى خسارة العراق على مستوى الأمن القومى العربى.. وتقديمه هدية على طبق من ذهب لإيران.. صاحبة النفوذ الأكبر هناك.. خاصة من خلال الحكومة الشيعية الحاكمة. وزادت الأمور تعقيداً وتشابكاً مع تطور الأزمة السورية.. حيث دخلت الحكومة العراقية على خط اللعبة السياسية والاستراتيجية مع نظام بشار فقدمت له الدعم.. بتشجيع من إيران.. وأيضاً بحكم التواصل الجيوبوليتيكى على أرض الواقع.. من إيران إلى العراق.. ثم سوريا وحتى لبنان.. إذا فالعم سام يواصل مؤامرة تمزيق وتدمير العالم الإسلامى.. بأيدى أبنائه وعملائه وأشياعه.. وعندما نقوم بتقييم الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط.. نلاحظ أنها تقوم على عدة محاور: * أولاً.. أمن إسرائيل.. فهى الهدف الذى تعمل أمريكا وخاصة اللوبى الصهيونى والكونجرس الأمريكى للحفاظ عليه بكل السبل. لتحترق المنطقة.. لتتمزق.. لتنهار.. ولكن المهم هو أمن إسرائيل وبناء إسرائيل حتى ولو على أشلاء دول المنطقة. لذا نلاحظ أن ملف الشرق الأوسط فى الإدارة الأمريكية عموماً (البيت الأبيض - الخارجية - مجلس الأمن القومى - الكونجرس) يهيمن على اللوبى الصهيونى.. هو الذى يديره ويوجهه ويرسم سياساته واستراتيجيته. والأخطر من ذلك أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع القضية الفلسطينية من منطلق «أمنى» أى من منطلق أمن إسرائيل.. وليس باعتبارها قضية احتلال وشعب يجب أن يقرر مصيره ويستعيد حقوقه المشروعة. بل إن رؤية الإدارة الأمريكية وكذلك إسرائيل للمفاوضات مع الفلسطينيين تنبع من ذات المنطلق (أمن إسرائيل). بل إنها توظف عملية المصالحة الفلسطينية (المؤجلة والمعطلة) فى ذات الإطار إيضاً. وللأسف الشديد فإن واشنطن وتل أبيب تلعبان على وتر التناقضات بين الفصائل الفلسطينية.. بل على تباينات القوى الإقليمية والدولية التى تدعمها أو تتاجر بها!!. * ثانيًا.. المصالح النفطية والاقتصادية.. هو الهدف الثانى للاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة. ورغم أن نفط الشرق الأوسط لم يعد بذات الأهمية للاقتصاد الأمريكى.. إلا أنه مازال حيويًا بالنسبة للحلفاء الغربيين.. كما أن تحالف دول النفط مع العم سام تاريخى واستراتيجى ويزداد قوة ورسوخاً.. خاصه فى ظل هذا المحيط الشرق أوسطى المضطرب. والشرق الأوسط سوق هائلة لكل القوى الإقتصادية الكبرى (أمريكا والصين - وأوروبا.. إلخ) لذا يجب الحفاظ على هذه السوق بالنسبة للاقتصاد الأمريكى. وللعلم فإن كل القوى الاقتصادية الكبرى ترسم خططها الاقتصادية على أساس أن الشرق الأوسط خاصه دول الخليج هو أحد محاورها. * ثالثًا.. المصالح الاستراتيجية الأمريكية تقتضى منع نشوء أو بزوغ أية قوة جديدة. بالمنطقة - إسلامية أو غير إسلامية - سواء كانت إيران أو تركيا أو مصر.. أو حتى تحالف إقليمى جديدة. لذا فإن نقل الحرب إلى 60 بلداً إسلامياً يخدم هذه الاستراتيجية الأمريكية المدمرة. وكلنا يتذكر كيف دمرت أمريكا - وقبلها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل - مشروع عبد الناصر.. بغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق معه.. ثم مشروع صدام.. رغم إخطائه وخطاياه التى جلبت الدمار والخراب للمنطقة.. والعالم الإسلامى بأسره. * رابعًا.. الصراع الأيديولوجى العقائدى.. هدف رابع للاستراتيجية الأمريكيةالغربية الإسرائيلية فى المنطقة عامه والعالم العربى والإسلامى خاصة. وهنا يجب أن نتأكد من أن إسرائيل تؤكد على إنها دولة (يهودية).. بل إنها وضعت الاعتراف بهذه الهوية شرطًا من شروط المفاوضات مع الفلسطينيين بل أن العم سام وكثيرين من دول الغرب تدعم هذا الاتجاه سرًا أو علناً!! والتركيز على يهودية إسرائيل يؤكد أن هذا الصراع عقائدى أيديولوجى بامتياز.. شئنا أم أبينا.. حتى لو كره العلمانيون.. والداعون إلى دولة مدنية صرفه! وهنا يجب أن نشير إلى أن أحد أهم محاور العلاقة الغربية الإسرائيلية.. والعلاقة الأمريكية الإسرائيلية هو الدين.. والدعم العقائدى الواضح والصارم لإسرئيل اليهودية. إذا.. فالمسأله تجاوزت مرحلة الصراع العسكرى أو الأمنى أو السياسى إلى أسس أعمق وأشد خطورة (الصراع الأيديولوجى العقائدى). وهذا ما تؤكده إسرائيل.. حتى لو اعتمدت على نصوص دينية محرفة أو مزورة. وهذا ما يؤكده الواقع.. واقع الصراع الطويل الممتد عبر القرون. نعم إن ما نشهده هو مجرد حلقة من حلقات الصراع العقائدى الطويل المستمر منذ قرون.. ونعتقد أنه سوف يتواصل.. ويستمر إلى ما هو أبعد من ذلك كثيرًا نعم سوف تتغير الشخصيات والأسماء والمسميات.. ولكن سيظل الصراع قائماً.. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. *** وبعد هذا العرض لمشاهد المكائد والمصائد التى يصنعها العم سام.. يجب أن ندرك ما هو المطلوب منا فى أرض الكنانه.. * أولًا.. يجب أن نكون أوعى وأكثر ذكاء ممن يتآمرون علينا ويتلاعبون بمصائرنا وبقضايانا.. من أجل مصالحهم هم. * ثانيًا.. يجب أن نتكاتف جميعًا حتى لا نقع فى مصائد العم سام.. فمصلحة مصر وأمانة المسئولية التاريخية والوطنية تقتضى منا أن نتجاوز خلافاتنا ودموعنا ودماءنا العزيزة الغزيرة.. أيًا كانت ومن أى طرف وأى إنسان.. بغض النظر عن انتمائه وتوجهاته. نعم إننا ندرك أنها مهمة صعبة إن لم تكن شاقة.. وقد يراها البعض مستحيلة.. ولكننا نؤكد أنه لا بديل أمامنا سواها.. بأن نتجاوز الجراح الدامية والآلام القاسية. * ثالثًا.. البدء فى التفكير فى المستقبل.. هو المهمة الكبرى أمامنا من أجل الحفاظ على وحدة مصر واستقرارها.. هذه مهمة القيادة المصرية الآن.. والمطلوب من الحكومة أن تثبت أنها حكومة كل المصريين.. وإنها لا تعادى فصيلًا أو تيارًا وأن يتوقف مسلسل التهميش والإقصاء.. من أجل مصلحة مصر.. والحكومة والمعارضة.. على حد سواء. هذه هى المهمة الأكبر والأشق والأصعب.. فهل نبدأها.. وهل ننجح فيها؟ هذا ما نتمناه.. ويتطلع إليه كل المصريين.