الصوم عبادة قديمة ، وصوم رمضان يرتبط بظهور الهلال في كبد السماء، ولعل الصوم كان منذ آدم أو عهد نوح أو إبراهيم عليهم السلام مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) وهو ليس خاصاً بطائفة من الطوائف و لا برسالة دون أخرى بل يشعر بالحاجة الملحة إليه كل كائن حى وإن اختلفت أشكاله وأوقاته باختلاف الأزمنة فالمتدين يعرف الصوم على أنه وسيلة للتقرب من المولى عز وجل والمتصوف يعرفه كطريق من طرق صفاء الروح والنفس ورجل الاجتماع يعرفه طريقاً من طرق تآلف القلوب وربط الجماعات والذي يتتبع حياة الأمم يجد أنها اعتبرت الصيام ركناً من أركان عبادتها والمسلمون لم يكونوا هم الأمة الوحيدة أو أصحاب الشريعة الوحيدة التى فرض عليها الصيام ولكن هناك شرائع أخرى وأمم أخرى عرف عندها الصيام. وعن الصوم عند مختلف الشرائع يقول إبراهيم العنانى إن التوراة تفرض الصوم في بعض المناسبات منها اليوم العاشر من الشهر السابع واليوم التاسع من الشهر الثامن، كما كانوا يصومون يوم الكفارة وكان مظهر تقشفهم في الصوم أنهم كانوا يلبسون المسوح أجسادهم وينثرون الرماد على رءوسهم ويتركون أيديهم كما هى مغسولة كما ورد أنهم يصومون أسبوعاً تذكاراً لخراب أورشليم. وقد امتدح الإنجيل الصوم وعده عبادة كبرى ومن المعروف أن السيد المسيح عليه السلام لم يكن يصوم الصيام الشرعي المعهود من قبل ولكن يذكر أنه صام مرة أربعين يوماً بلياليها ولم يفرض صياماً معيناً ولكن جاءت الكنيسة ففرضت الصوم ونظمته على القواعد والأسس التى وضعها الرسول «بولس» فى كتابه {أعمال الرسل} ومن أغرب أنواع الصيام يقول إبراهيم العنانى إنه صيام الصمت ، وهو يتمثل في الصمت عن الكلام وقد عرف هذا النوع من الصيام عند اليهود وأخبر الله عنه فى قصة مريم حيث قال : { فأما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً } ولقد أكد الطب على الصوم العلاجى وها هوذا د.إليكس كاربل الحائز علي جائزة نوبل في الطب يقول : « إن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا ، وصدق رسول الإسلام حيث قال : { المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء} هذا هو الإسلام وهاهو ذا رمضان سمو بالعقل والروح وجنة الخلد بإذن الله.