خلال الأيام القليلة الماضية، وعقب موجة الثورة الثانية فى 30 يونيو، ظهرت دعوات تنادى بعدم عزل أى فصيل من الحياة السياسية المصرية، واحتواء كل التيارات فى النسيج المصرى بما فى ذلك حزب الحرية والعدالة وكما هو معلوم فإنه الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التى اتضح بعد كل تلك الأحداث الدامية التى مرت على مصر أن لها أذرعًا كثيرة كان أيسرها هذا الحزب! الحقيقة أن هذه الدعوة تندرج تحت ما يمكن أن يطلق عليه « التهريج السياسى»! فعلينا هنا أن نفرق بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ضحايا هذه الجماعة المشئومة، وبين قيادات تلك الجماعة، الذين رأينا منهم ما لم يكن يخطر ببال، بداية من النداءات التى قاموا بتوجيهها إلى الغرب والاستقواء به، وصولا إلى الدماء والعنف والقتل والسلاح والتضليل، وكلها أمور أتعبت هذا الوطن وقسمت أبناءه! علينا هنا أن نفرق بين هذه الأشكال التى تاجرت فى السلاح وفى السياسة وفى كل شىء، ولم يعز عليها أن تسيل دماء زهرة شباب هذا الوطن ، فى مقابل بقائهم فى سدة الحكم، والحفاظ على المغانم الهائلة التى حصلوا عليها، والتى لا يتخيلون فقدها! هذه النوعية من أمثال عصام العريان وصفوت حجازى ومحمد البلتاجى وغيرهم ليست هى كل جماعة الإخوان ، لكن هناك عناصر أخرى تعف وترفض كل ما يجرى أصوات عاقلة هادئة تعرف أن ما تفعله هذه الجماعة الآن لا يمت لحسن البنا أو حسن الهضيبى أو عمر التلمسانى أو غيرهم ممن كان يمكن أن نختلف معهم لكنا نتقبلهم داخل النسيج المصرى ! لكن كيف لنا أن نستوعب شخصًا كالبلتاجى الذى يرهبنا بتفجير خطوط الغاز فى سيناء، ويقول إنه لن يتوقف حتى تتحقق مطالبهم المرفوضة من الشعب؟ وكيف نتعامل مع صفوت حجازى الذى يحرض على العنف علنا دون أن يرمش له جفن ويهددنا بأن من يمس رئيسه بالماء سيرشه بالدم ؟ أمثال هؤلاء هم من حولوا هذه الجماعة إلى شىء كريه فى هذا المجتمع لفظه بعد عام واحد ولم يحتمل بقاءه ليوم واحد، فإذا ما أراد بقايا العقلاء فى هذه الجماعة أن يحافظوا على بقايا كيانهم فليبحثوا جيدا عما جعل المصريون يكرهونهم هكذا! وينفرون منهم إلى تلك الدرجة، على هؤلاء العقلاء أن يتساءلوا لماذا كرهنا المصريون بعد أن أعطونا اصواتهم فى الرئاسة وفى البرلمان؟ لماذا ضاعت الفرصة التى ظلوا ينتظرونها لثمانية عقود ؟ هذا الشعب الذكى لدرجة العبقرية بالفطرة والسليقة لا ينخدع ولا يساق بالقوة والعنف والتعالى والإرهاب ، فإذا ما أرادوا حقا أن يلتحقوا بركب هذا الوطن عليهم أن يدركوا الأسباب الحقيقية لما وصلوا هم إليه بغبائهم وجهلهم وليس بترهيبنا ، وإلا سيظلون ملفوظين مكروهين ولا ذنب إلا عليهم !