وجه راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة التونسية انتقادات حادة إلى تيار «أنصار الشريعة» السلفى الجهادى، وقال فى اجتماع لكوادر حركة النهضة عقد فى حى التضامن «أينما حل هؤلاء الجهاديون، وهم خوارج العصر، حل الدمار والخراب». وأضاف الغنوشى: «أتحداهم أن يعطونى دولة واحدة نجح فيها هؤلاء المتهورون»، وتساءل: «هل الصومال والعراق وأفغانستان دولة مستقرة». أبو عياض المؤسس ويقدر عدد أفراد التيار الجهادى فى تونس ما بين 3 إلى 4 آلاف جهادى، إلا أن تقارير إعلامية تشير إلى أن عدد المتعاطفين مع التيار السلفى الجهادى يقترب عددهم من 15 ألفا. وكان «أبو عياض» المطارد من قبل قوات الأمن التونسية قد أسس عام 2000 تجمع الجهاديين التونسيين فى جلال أباد - أفغانستان - وهو تلميذ أبو قتادة، المسجون حاليًا فى بريطانيا بتهمة تهديد الأمن القومى، الأحزاب التونسية تتهم التنظيمات المتشددة بفتح الباب أمام عناصر تتبنى العنف وتحمل السلاح وتستعمل القوة لفرض آرائها العقائدية. وختم الغنوشى حديثه بالقول: «إن فئة كبيرة من الشعب أصبحت خائفة من الإسلام نتيجة التشدد الذى تبديه بعض الجماعات، فالإسلام على رءوسنا، وعلينا مراعاة المحيط الجيو - سياسى. منابر للتطرف ومن جانب آخر أوصى «المجلس الوطنى للأمن» الذى يضم وزيرى الدفاع والداخلية وقائد أركان الجيش بمنع تحويل المساجد فى تونس إلى «منابر للتطرف والتحريض على العنف». وقالت رئاسة الجمهورية فى بيان إن المجلس عقد اجتماعه الثانى بإشراف رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان، لبحث موضوع «المساجد وطبيعة الخطاب الذى يلقى فيها». وأضاف البيان أن المجلس شدد على «ضرورة أن يكون هذا الخطاب معتدلًا، ودعا إلى «اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع أن تتحول المساجد إلى منابر للتطرف والتحريض على العنف». وشارك فى الاجتماع وزير الشئون الدينية نور الدين الخادمى الذى تشرف وزارته على المساجد فى تونس. وبعد الثورة سيطر أئمة متطرفون على مئات من المساجد. وأعلن الخادمى فى مؤتمر صحفى أن حوالى 100 مسجد من إجمالى 5000 مازالت خارج سيطرة الوزارة. وأضاف أن الوزارة أحالت إلى القضاء ملفات متشددين رفضوا إخلاء مساجد سيطروا عليها دون وجه حق. وللمرة الأولى منذ نجاح ثورات الربيع العربى، تصل العلاقة بين حكومة إسلامية وناشطين سلفيين لحد تفجر اشتباكات عنيفة بين «حركة النهضة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بتونس وحركة «أنصار الشريعة». وقد وقعت أعمال العنف بعد أن منعت الحكومة إقامة منتدى سنوى ل «أنصار الشريعة» فى مدينة القيروان، وهى مركز تاريخى للتعليم الدينى. وتتهم الحكومة «أنصار الشريعة» بأن لها صلات ب «القاعدة» لكن السلفيين ينفون ذلك. وقال الناطق باسم «أنصار الشريعة» سيف الدين الرايس إن الحركة لها عشرات الآلاف من المؤيدين، ويسهل التعرف عليهم بستراتهم البرتقالية ويمارسون أعمالًا خيرية ودعوية فيوفرون الطعام والأدوية والدعم المجتمعى فى المناطق التى تغيب فيها الدولة. ولم تكن هذه المرة الأولى فى الاشتباكات بين الحكومة والسلفيين، لكن هذه المرة أظهرت الحكومة إصرارها على التعامل بصرامة مع الأصوليين، ونشرت الداخلية التونسية قرابة 20 ألف عنصر من قوات الأمن لإحكام الوضع فى مدينة القيروان. وشبهت الصحف التونسية، المواجهة الحالية بين وزارة الداخلية وتنظيم أنصار الشريعة ب «معركة كسر العظام». ويبدو أن حركة النهضة بدأت تتصرف بحزم أخيرًا، فعلى مدار العامين الماضيين تسامحت مع نمو السلفية، ومن المتوقع أن يكون هناك مزيد من المواجهات بين الطرفين، لكن من الطبيعى أنه ليس من مصلحة أى من الطرفين أن يتسع نطاقها. وفى علامة على أن تيار السلفية الجهادية لا يعترفون بالدولة، أحرق محتجون أعلام تونس واستبدلوا بها علمًا أسود، ورددوا هتافات تدعو إلى الانضمام إلى جيش المسلمين. والمؤكد أن مثل هذه الأحداث تبطئ من التحول الديمقراطى فى تونس وتعطل التنمية الاقتصادية.