البداية كانت اضطرابات بدأت يوم 19 مايو الماضى بعد أنباء أفادت قتل الشرطة لمهاجر برتغالى عمره 69 عاما فى منطقة هوسبى إحدى ضواحى العاصمة السويدية ستوكهولم التى ترتفع بها معدلات المهاجرين، وقالت الشرطة إن القتيل كان يحمل سكينا ولم يلتزم بالأوامر، وهو ما نفاه سكان المنطقة الذين اتهموا الشرطة بالعنف فى تعاملها مع السكان وإطلاق تعبيرات عنصرية الأمر الذى فجر غضبا بين الشبان أدى إلى إحراق سيارات واندلاع أعمال عنف استمرت لأيام توسعت إلى بلدات أخرى مجاورة للعاصمة لتشهد السويد أسوأ أعمال شغب منذ سنوات وإن كانت محدودة بالمقارنة بالاضطرابات التى شهدتها لندن وباريس خلال السنوات الأخيرة فى أحياء المهاجرين. وأثارت أعمال الشغب التى اندلعت بالسويد ملف المهاجرين الذين وصل العديد منهم إلى السويد بفضل سياسات السويد السخية فى منح اللجوء السياسى حيث أصبحت السويد بسبب سياسة الهجرة الليبرالية التى تعتمدها واحدة من أبرز الوجهات التى يقصدها المهاجرون إلى أوروبا، وهو ما اعتبره السويديون غلطة لأنه فتح الباب على مصراعيه أمام كل راغب، فى حين ذكرت صحيفة دى تراو الهولندية أن التفرقة وعدم المساواة الاجتماعية هى السبب وراء اندلاع أعمال العنف بين الشرطة والمهاجرين. واعتبر وزير الاندماج السويدى أن أعمال العنف تعود أسبابها إلى البطالة والعزلة الاجتماعية فى المناطق ذات الغالبية من المهاجرين. وقال أحد مثيرى الشغب فى هوسبى للإذاعة السويدية إن التمييز العنصرى منتشر فى المنطقة التى يعيش فيها وأن العنف هو الطريقة الوحيدة للفت النظر، حيث لم تعد الأحداث التى بدأت مجرد رد فعل على العنصرية من جانب الشرطة بل تعتبر أيضا تعبيرا عن غضب من تغير السياسات الاجتماعية التى تعود المهاجرون عليها من قبل فى السويد. فيما يرجع البعض الاضطرابات الأخيرة إلى الوضع الاقتصادى العام فى السويد رغم أنها لا تزال من أعلى المستويات بين دول أوروبا إلا أنها فشلت فى الحد من معدلات الفقر والبطالة بين الشباب، وكان المهاجرون الأكثر تضررا من هذا الحال حيث تبلغ نسبة البطالة بين المهاجرين 16% مقارنة بنسبة البطالة بين المولودين فى السويد وهى 6% وفقا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية. وفى الوقت الذى يعانى فيه المهاجرون فى كل أنحاء أوروبا خاصة بعد أزمة اليورو التى جعلت منهم عبئا إضافيا على كاهل حكومات الدول الأوروبية، كشف تقرير نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية عن انتشار المشاعر القومية المتشددة بين الشباب خصوصا على نطاق واسع فى القارة الأوروبية وتزايد الاستياء من حكومات بلادهم والاتحاد الاوروبى والخوف على هويتهم من المهاجرين وتفشى الشعور المعادى لهم. ويقول رئيس منظمة ايتيما لمساعدة اللاجئين «سيبروس ريزاكيس» إنه وسط الأزمة الاقتصادية وحالة الركود التى تمزق المجتمع أصبح المهاجرون كبش فداء وبطبيعة الحال مسألة المهاجرين واللاجئين تغذى التطرف والآراء العنصرية التى تؤدى إلى هجمات عنصرية، وهو ما عبر عنه «اندرز بريفيك» عندما شن هجمات دامية فى النرويج قتلت 77 شخصا حيث نشر رسالة أشار فيها إلى أن الهجرة تسببت فى مشكلات كثيرة فى بلاده، وهو ما حرص السياسيون اليمينيون على تغذيته بإثارة مشكلة الهجرة فى النرويج، إضافة إلى محافظين يقولون إن بعض المهاجرين يحرمون النرويجيين الأصليين من الحصول على فرص عمل، إضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة فى المناطق ذات الجنسيات المختلفة. أما فى اسبانيا، فقد أدت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى تفاقم أوضاع المهاجرين هناك فى ضوء قلة فرص العمل حيث أصبح المهاجرون فى مقدمة الفئات الأكثر تضررا حيث شددت الحكومة الاسبانية الخناق على المهاجرين وخاصة غير الشرعيين وهو ما أدى إلى تعقيد أوضاعهم وجعلها أكثر صعوبة. أما فى اليونان فلا تكاد مدينة او منطقة تخلو من هجمات اليمين المتطرف ضد المهاجرين والتى بدأت تجد استحسانا كبيرا من قبل المجتمع اليونانى الذى أصبح يصغى للدعاية العنصرية التى تقول إن الأجانب هم سبب التردى الذى وصلت إليه اليونان وأنهم يستهلكون أموال صناديق التضامن الاجتماعى إضافة إلى استيلائهم على وظائف اليونانيين. وفيما تسببت الأزمة الاقتصادية فى رحيل عدد كبير من الأجانب عن اليونان، يحاول آخرون التكيف مع الظروف الجديدة.