كتلة تصويتية هائلة يترواح عددها من مليون إلى مليون ونصف المليون صوت انتخابى يمكن أن تأتى بسهولة بمرشح إلى مقعد رئاسة الجمهورية، أو ترجح الرأى فى أى استفتاء.. أو حتى تأتى بمرشح إلى مقعد بمجلس النواب هذه الكتلة التصويتية تخضع بطبيعتها للانضباط، وبمعنى أكثر صراحة تخضع للأوامر، فهذا هو حكم «الميرى»!. فعلى سبيل المثال.. رئيس الجمهورية بحكم منصبه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للشرطة، وعندما يرشح نفسه لفترة رئاسة ثانية.. فمن السهل بمنح بعض الامتيازات أن يضمن الجلوس على مقعد الرئيس لفترة رئاسية ثانية، لأنه قد ضمن كتلة تصويتية هائلة لا تقل عن مليون صوت. وإذا كنا نتحدث عن انتخابات ديمقراطية ، فأى رئيس سيصل لمقعد الرئاسة سيكون بفارق ضئيل لن يزيد فى أفضل الأحوال على 10 % من حجم الكتلة التصويتية التى شاركت فى عملية الانتخابات. وإذا انتقلنا إلى المتقاعدين من رجال «الميرى» فبذلك تصل الكتلة التصويتية إلى أرقام هائلة لا يعلمها أحد بدقة. وكلنا نعلم أن الجيش والشرطة هما أكثر الجهات رعاية لمتقاعديهم من أندية ومستشفيات، بل حتى مجمعات استهلاكية أسعارها أقل من السوق. وإذا أضفنا أن الكثير من أصوات «الميرى» تتركز فى مشروعات إسكان الجيش والشرطة، ويمكن الوصول إليها والتأثير عليها بسهولة، فسنعلم مدى خطورة أن يكون ل «الميرى» صوت انتخابى. قرار مفوضى المحكمة الدستورية بأحقية العسكريين ورجال الشرطة فى التصويت فى الانتخابات، جاء صادمًا وأربك كل قطاعات الدولة المدنية والعسكرية على السواء، رغم أنه جاء استنادًا إلى المادة (55) من الدستور والتى تنص على «مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح، وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين» رغم أن البند «ثامنًا» من ديباجة وثيقة الدستورتؤكد أن القوات المسلحة مؤسسة وطنية محترفة محايدة لا تتدخل فى الشأن السياسى، وهى درع البلاد الواقى. أصبحت المسألة محيرة، حتى جاءت تصريحات الفريق أول عبد الفتاح السيسى بأن القوات المسلحة لن تُسيَّس ولن تُحزَّب أو تجر أبدًا للسياسة ولن تكون إلا مؤسسة وطنية تخدم الشعب المصرى وأن هذا الأمر لن يتغير أبدًا. الرد واضح من القائد العام بشأن موقف القوات المسلحة وقيادتها من قرار هيئة مفوضى الدستورية بممارسة ضباط الجيش حق التصويت والترشح فى الانتخابات. كما تحفظ اللواء عادل المرسى رئيس القضاء العسكرى السابق وعضو مجلس الشورى على السماح للجيش والشرطة بالتصويت فى الانتخابات، موضحًا أن هذا الأمر يؤدى إلى انشغال الجيش بالسياسة والتحزب. وأكد المرسى أن قانون الخدمة العسكرية يحظر ممارسة السياسة على ضباط وأفراد القوات المسلحة طوال فترة الخدمة. وحذر من خطورة تسجيل أفراد القوات المسلحة فى قاعدة الناخبين، لأن من هذا شأنه كشف بيانات الجيش، وأن الظروف الحالية التى تمر بها مصر لا تسمح بمنح حق التصويت للجيش والشرطة، خاصة أن ذلك يتطلب إعادة صياغة قانون الخدمة العسكرية وقانون الخدمة الشرطية. واسمحوا لى أن أقتبس قول د. طارق الزمر رئيس المكتب السياسى لحزب البناء والتنمية: «أن المحكمة الدستورية استطاعت بعبارة صغيرة أن تعبث بهيئة الناخبين وأن تهدد حياد الجيش والشرطة اللازمين لنزاهة وحماية الانتخابات». وبالله عليكم فكيف سيقوم الجنود بحماية الانتخابات والقيام بالتصويت وتأمين البلاد كل ذلك فى وقت واحد؟!. وكيف يحافظ الجيش والشرطة على حيادهما بعد ذلك؟!. ما نحن فيه الآن نتيجة عدم التدقيق فى نصوص الدستور والعجالة التى تم فيها اقراره.. منهم لله من وضعوا هذا اللغم فى الدستور.. ولم ينتبهوا إلى أبعاده ونتائجه على البلد بأكمله.. لكن خلاصة القول أن منح رجال الجيش والشرطة حق التصويت فى الانتخابات يهدد استقرار الدولة ويقودنا إلى المجهول.