من غير الممكن أن تنظر إلى تفجيرى الريحانية عند الحدود التركية السورية إلا من ناحية التوقيت والمتغيرات الدولية، صحيح أن عدد القتلى كبير (46) والجرحى تجاوزوا المائة، لكن هذا العدد لا يقارن بعدد الضحايا فى المنطقة والذين يعدون بالآلاف. لقد جاءت هذه التفجيرات قبل أيام فقط من لقاء رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما لتوجه السلطات التركية اتهامها فوراً ودون أى تحقيق إلى دمشق، وهو ما يطرح علامة استفهام حول الهدف من وراء ذلك. صحيح أن النظام السورى ديكتاتورى ولا يتسم بالمعايير الديمقراطية لكنه ليس من الغباء لكى يدبر لمثل هذه التفجيرات فى هذا الوقت الحساس بالذات وفى منطقة محسوبة عليه تاريخياً وطائفياً أيضاً، فالانفجارات وقعت فى لواء الإسكندرونة وهو اللواء السورى المسلوب. والحقيقة أن السلطات التركية تواجه أزمات فى الداخل من بينها أن أعضاء فى البرلمان التركى عن حزب الشعب الجمهورى المعارض، ومنتخبين عن ولاية هاتاى، التى تتبع لها الريحانية، أشاروا إلى خطورة الوضع فى المنطقة بكاملها وتحدثوا عن السبب فى ذلك وهو دعم الحكومة التركية للجماعات المسلحة داخل سوريا وخاصة جبهة النُصرة الإسلامية التى يتسلل عناصرها الأجانب إلى سوريا عن طريق تركيا. ومن ناحية أخرى تحتضن تركيا على أراضيها آلاف من اللاجئين السوريين (أكثر من 400 ألف وفق آخر إحصاء)، وتعتبر مدينة الريحانية بصفة خاصة مركزاً للاجئين السوريين الفارين من المذابح فى سوريا. ويرى البعض أن هذه التفجيرات تُعد إنذاراً قوياً ونقطة تحول فى السياسة التركية، وصحيفة (زمان توداى) التركية تؤكد بأن هذه التفجيرات تعتبر نقطة تحول مهمة فى السياسة الخارجية التركية تجاه سوريا. وفى تحليلها ترى الصحيفة ذاتها أن التفجيرات الدامية جاءت بعد لقاء رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، بمسئولين أمريكيين وإعلانه عن عزمه إنشاء منطقة حدودية آمنة من قبل القوات الدولية بقيادة الولاياتالمتحدة. وقالت الصحيفة إن الشعب التركى يلقى باللوم فى هذه التفجيرات على أردوغان رغم كل الاتهامات التى وجهتها الحكومة التركية للنظام السورى. وتتساءل (زمان توداى) عن كيفية تعامل تركيا والمجتمع الدولى مع هذه التفجيرات، ولاسيما حلف شمال الأطلنطى (ناتو) والولاياتالمتحدة، وبعبارة أخرى: هل ستكون هذه التفجيرات وراء التدخل العسكرى لحلف الناتو فى سوريا؟ وتعتقد الصحيفة أن تفجيرات الريحانية من الممكن أن تحول العلاقات بين سوريا وتركيا إلى حرب مباشرة. فى نفس السياق، يرى الكاتب الإسرائيلى، درور زئيفى، أن تلك التفجيرات تزيد من الضغط العالمى نحو التدخل فى سوريا، ويوضح فى مقال تحليلى بموقع (والاه) الإسرائيلى أن تركيا بدلاً من أن تشن الهجوم على سوريا بمفردها تعمل على جر الولاياتالمتحدة إلى تحالف إقليمى.