يعنى فوز « أوهورو كينياتا» برئاسة كينيا؟ وهل يحميه تولى هذا المنصب من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية؟ وكيف ستتعامل القوى الغربية مع الرئيس المنتخب؟ أسئلة عديدة طُرحت بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية فى كينيا التى فاز بها « أوهورو كينياتا» بنسبة 50.7% من أصوات الناخبين رغم رفض القوى الغربية له، واتهامه من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقد أجمعت العديد من الصحف العالمية على أن فوز كينياتا برئاسة كينيا ضربة قوية للقوى الغربية التى اتخذت موقفا عدائيا منه، بل دعت الشعب الكينى لعدم اختياره، حيث حذر «جونى كارسون» السكرتير المساعد للشئون الأفريقية بوزارة الخارجية الأمريكية قبل الانتخابات الكينية من أن «الخيارات ستترتب عليها نتائج» وهو تصريح اعتبر على نطاق واسع كتوصية للناخبين بالتصويت ل «أودينجا» منافس كينياتا، كما حذرت بريطانيا من أنها ستقلل إلى أدنى حد ممكن اتصالاتها الرسمية بكينياتا إذا أصبح رئيسا، ولكن رغم هذه التهديدات الغربية اختار الكينيون هذا الرجل المغضوب عليه من الغرب لقيادة بلادهم فى السنوات القادمة. وتعليقا على هذه النتيجة ذكرت مجلة «تايم» الأمريكية أن كينيا تنظر إلى نفسها باعتبارها مهمة للغرب الذى لم يعد يستطيع إملاء أوامره عليها، خاصة أنها أصبحت قوية نسبيا خلال السنوات العشر الماضية بفضل التطور التكنولوجى واستقرار اقتصادها، وأضافت أن مكانتها كمحور للتجارة بشرق أفريقيا تعززت مؤخرا بالاكتشافات الأخيرة لاحتياطات كبيرة من الغاز الطبيعى والنفط، ويعتمد الغربيون على كينيا أيضا بطرق أخرى، فالعاصمة نيروبى هى الخيار المفضل لكثير من موظفى المجتمع الدولى بشرق أفريقيا والمؤتمرات الدولية، وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه فى حال إصرار الغرب على الابتعاد عن كينيا، فإن الأخيرة لن تتشبث بعلاقاتها بالغرب كما كان فى الماضى، فهناك الدبلوماسيون ورجال الأعمال الصينيون، والهنود، والشرق أوسطيون، ومن أمريكا اللاتينية. وبعيدًا عن معاداة الغرب، إذا تحدثنا بشكل تفصيلى عن الاتهامات الموجهة لكينياتا، فسنجد أن المحكمة الجنائية الدولية اتهمته – بالإضافة إلى « ويل روتو» الذى نجح أيضا كنائب للرئيس- بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حيث توجه إليهم تهم تشجيع عمليات العنف بعد الانتخابات الرئاسية عام 2007 والتى أسفرت عن مقتل نحو ألف شخص، وإجبار 600 ألف على النزوح بعيدا عن منازلهم، ومن المنتظر أن يمثل كينياتا أمام المحكمة فى يوليو القادم، وذكرت صحيفة «الإندبندنت» البربطانية أن كينيا ستصبح الدولة الأفريقية الثانية التى يكون رئيسها مطلوبًا للادعاء العام فى محكمة لاهاى بعد الرئيس السودانى عمر البشير. وقد أعلن كينياتا أنه ونائبه سيمثلان أمام المحكمة، وسيتعاونان مع المؤسسات الدولية، ولكنه عاد وقال إن واجباتهما الرسمية ستمنعهما من الذهاب إلى لاهاى معا باستمرار، وهى إشارة تعبر عن ضعف اهتمامه بالمحكمة. يذكر أن كينياتا يعد أحد أهم السياسيين فى بلاده، حيث سبق أن كان عضواً فى البرلمان، كما تقلد حقائب وزارية مهمة، بما فى ذلك منصبى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية معاً، علاوة على توليه قيادة حزب «الاتحاد الوطنى الأفريقى الكينى» منذ عدة أعوام، وهو ابن «جومو كينياتا» أول رئيس لكينيا بعد استقلالها، كان أول دخول لكينياتا عالم السياسة عام 1997، خلال الانتخابات الداخلية لحزب «الاتحاد الوطنى الأفريقى الكينى»، حيث انتخب رئيساً لأحد أفرع الحزب فى مدينة «جاتوندوم الجنوبية» التى ينحدر منها، وذلك بموافقة من «دانييل آراب موى»، رئيس البلاد وزعيم الحزب فى حينه، بهدف إعداده لتولى مسئوليات كبيرة. لكن فى الانتخابات العامة، وقد جرت فى العام نفسه، خسر كينياتا المنافسة فى مدينته أمام مهندس نيروبى غير معروف، فقلّص نشاطه السياسى، وبدأ ينشغل بإدارة إمبراطورية الأعمال التى تملكها عائلته، غير أن موي واصل دفعه على الساحة السياسية الكينية، فعينه عام 1999 رئيساً لهيئة تنشيط السياحة، ثم عام 2001، وزيراً للحكم المحلى، ثم اختاره لخلافته فى رئاسة البلاد حيث دعمه كمرشح لانتخابات الرئاسة عن عام 2002، لكنه خسر أمام مرشح المعارضة «مواى كيباكى» فأصبح زعيم المعارضة فى البرلمان، وفى 2008 عُين وزيراً للإدارة المحلية، ثم نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للتجارة. وفى نهاية عام 2010، أُعلن اسم كينياتا كمتهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال أعمال العنف التى أثارتها نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2007. فقد وجه أوكامبو، مدعى عام المحكمة الدولية، إلى كينياتا تهمة تنظيم مجموعة سياسية دينية تدعى «مونجيكى» مارست أعمال قتل وحرق واغتصاب، ثم استدعت المحكمة كينياتا، فى 8 مارس عام 2011، للمثول أمام الدائرة التمهيدية فيها، إلى جانب خمسة مشتبهين بهم آخرين. لكن كينياتا أنكر تلك التهم، نافياً أية علاقة له بطائفة «مونجيكى».