بالرغم من أن حملة الانتخابات الرئاسية الفنزويلية مازال أمامها أكثر من أسبوعين لتنطلق رسميا، إلا أن وسائل الإعلام العالمية تسابقت مبكرا، بل منذ الإعلان عن وفاة «هوجو شافيز» فى الخامس من الشهر الحالى، لاستطلاع الآراء لمعرفة أيهما سيحل خليفة لشافيز، نائبه ووزير خارجيته «نيكولاس مادورو» أم الزعيم المعارض «إنريكى كابريليس»، لما فى ذلك من صلة مباشرة بمستقبل الثورة الاشتراكية للزعيم الراحل وبالتالى بمستقبل ليس فقط فنزويلا - رابع دولة منتجة للنفط فى العالم - ولكن أيضا أمريكا اللاتينية كلها. ومنذ الإعلان عن وفاة شافيز، قال معظم المحللين إن إجراء انتخابات مبكرة يصب فى مصلحة مادورو وذلك للاستفادة من المشاعر الجياشة التى أثارتها وفاة الزعيم الاشتراكى، وهو ما فطن إليه الرئيس بالوكالة فما كادت تنتهى مراسم جنازة الرئيس الراحل حتى حددت اللجنة العليا للانتخابات فى فنزويلا، بناء على طلب مادورو، يوم 14 إبريل القادم موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة لاختيار خليفة شافيز. ومن المعروف أن مادورو (50 عاما) لم يحصل على تعليم جامعى وعمل سائق حافلة واشتغل بالنشاط النقابى قبل أن يتعرف على شافيز فى تسعينات القرن الماضى ويصبح أحد المقربين منه سياسيا وشخصيا وقد اختاره الرئيس الراحل لخلافته، ففى ديسمبر الماضى قبل مغادرته كراكاس للعلاج فى كوبا طالب شافيز الفنزويليين بانتخاب مادورو فى حال حدوث انتخابات مبكرة، مؤكدا أنه «ثورى بالكامل، وأحد القادة الشباب الذين يتمتعون بأفضل الكفاءات لقيادة البلاد». ولم يكتف مادورو بذلك بل عمل منذ وفاة الرئيس الراحل على جذب أنصاره حيث قرر تحنيط جثمان شافيز على غرار القادة العظماء ووضعه بمتحف الثورة. وبعد أدائه اليمين الدستورية أمام الجمعية الوطنية (البرلمان) رئيسا مؤقتا للبلاد، أقسم مادورو على «الولاء المطلق للرئيس القائد»، مؤكدا أنه ولاء يتجاوز الموت، متعهدا وعيناه تملأهما الدموع بالمحافظة على الثورة الاشتراكية للرئيس الراحل والسير على نفس نهجه. كما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن مادورو عمد إلى محاكاة شافيز حيث قام بطرد ملحق عسكرى أمريكى بعد اتهامه بمحاولة زعزعة استقرار البلاد، بل اتهم أعداء فنزويلا التاريخيين بالتسبب فى إصابة شافيز بالسرطان، إضافة إلى محاكاته الرئيس الراحل فى طريقة الملبس حيث سار إلى جوار نعشه فى الموكب الجنائزى مرتديا سترة قصيرة تحمل ألوان علم البلاد (الأصفر والأزرق والأحمر) مثلما دأب أن يفعل شافيز. وفى المقابل، بدأ مرشح المعارضة حاكم ولاية ميراندا إنريكى كابريليس (40 عاما) حملته الانتخابية مبكرا بالهجوم على مادورو حيث اتهمه بأنه «يستخدم جثة الرئيس (هوجو شافيز) للقيام بحملة انتخابية». وجدد اتهامه للنظام وعلى رأسه مادورو بالكذب على الشعب الفنزويلى بشأن حقيقة الوضع الصحى للرئيس الراحل من أجل كسب الوقت وتدبير كل شىء بدقة لضمان خلافة مادورو لشافيز. وبالرغم من أن كابريليس يعتبر منافسا قويا حيث هزم مرشحين موالين لشافيز مرتين فى الانتخابات لمنصب حاكم ولاية ميراندا، وتعتبر النتيجة التى أحرزها فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة فى أكتوبر الماضى ( 44% له مقابل 55% لشافيز) أفضل نتيجة يحققها منافس للرئيس الراحل فى انتخابات رئاسية خلال السنوات ال 14 التى قضاها شافيز فى السلطة، إلا أن معظم المحللين يجمعون على خسارة كابريليس فى الانتخابات المقبلة لدرجة أنهم كانوا يتوقعون أن ترشح المعارضة وجوها جديدة حتى يتسنى لها صياغة رؤيتها بوضوح دون تدمير نجمها اللامع كابريليس. وفى هذا السياق، نقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن ديفيد سمايلد المحلل بمكتب واشنطن لأمريكا اللاتينية، وهو منظمة فكرية أمريكية غير حكومية، قوله إن «هذه الحملة الانتخابية لن تمثل للمعارضة أكثر من كونها مجرد فرصة لتقديم نفسها تمهيدا للمستقبل، ولإظهار أن لديها بعض الأفكار للدولة». وتوافقه فى الرأى انجيل ألفاريز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فنزويلا المركزية، حيث ترى أن كابريليس يعى جيدا أن زهرة الحظ تميل لصالح مرشح النظام الحاكم. وحتى المواطن الفنزويلى يرى ذلك أيضا حيث يقول خوزيه منديز، رجل أعمال يبلغ 54 عاما، إن « مادورو يتمتع بفرصة أفضل من كابريليس للفوز فى الانتخابات وذلك بسبب كل ما قام به النظام الحاكم منذ وفاة شافيز لتأجيج المشاعر ولكن كابريليس ليس لديه أى شىء. لا يستطيع أن يحمل شمعة حزنا على شافيز». وكشف لويس فيسنتى ليون، مدير شركة لاستطلاعات الرأى مقرها كراكاس، لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الاستطلاعات التى أجرتها الشركة تظهر تأييدا أكبر لمادورو عن كابريليس وأرجع ليون ذلك إلى إجراء الانتخابات عقب وفاة شافيز ما سيجعلها فى نظر الكثيرين منافسة بين كابريليس وشافيز نفسه.