الأغنية الشعبية هى اللقمة الطرية التى يتناولها فقراء الحضر يبثون فيها جوعهم وهى الحمام الزاجل أو «الماسيج» التى يرسلونها إلى الحاكم يشكون إليه ضعف حالهم. هذا ما تفيده أحدث دراسة أكاديمية قدمتها الباحثة أمل عبد الله المدرس المساعد بكلية الآداب جامعة حلوان. والأغنية الجميلة هى الحقنة الشافية من الأمراض العادية منها والمستعصية والروحية أو الجسدية فهى ذات تأثير قوى على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان وهذه أيضًا دراسة علمية استغرقت عقدًا كاملًا من الزمان، ولمن يريد التفاصيل فإن الجزء الأيمن من المخ يستقبل الموجات الموسيقية بعد نقلها عن طريق الأذن ومنه إلى الجزء الأيسر فتبدأ عملية تحليل الصوت، بعدها يتدفق الدم إلى المخ وبعد دقيقة واحدة من الاستماع يعنى بعد سماع مذهب الأغنية الجميلة يبدأ المخ فى إفراز مادة «الدوباجين» المسئولة عن الإحساس بالسعادة، وبعد سماع الكوبليه الأول يعنى بعد دقيقة ثانية يشعر الشخص بتغيير واضح فى حالته النفسية والعصبية فيبدأ فى الاسترخاء وتتحسن حالته المزاجية فلو استمر الاستماع إلى موسيقى جميلة وأكرر جميلة أو أغان رفيعة المستوى فإنه يشعر بتحسن كبير وتحل الأحاسيس الإيجابية محل السلبية فيشعر بالتفاؤل. لا أظن أن فى بلادنا موظفين يستخدمون الموسيقى فى المكاتب.. فمعظمهم يحصلون على كرسى للجلوس بالعافية! لكن الشركات التى يتاح فيها سماع الموسيقى أثناء العمل ثبت أن معدلات التوتر لديهم تكون قليلة ومعدلات الإنتاج كبيرة. نشرت مجلة العلوم النفسية والعصبية بولاية جورجيا الأمريكية مؤخرًا بحثا للعالم الأمريكى هانا بلارى أجراه على عدد من الأشخاص فوق سن الستين ولمدة عشر سنوات وكانت نتيجته أن الاستماع للموسيقى بصفة يومية يجدد شباب المخ وينشط الذاكرة ويجعل الأذهان أكثر صفاء. وأجرى علماء فنلنديون أبحاثًا على مائة من تلاميذ المدارس تتراوح أعمارهم بين أربع وتسع سنوات فوجدوا أن الأطفال الذين يدرسون الموسيقى مع باقى العلوم تكون نتائجهم الدراسية أفضل خاصة فى الرياضيات والمواد التى تعتمد على المنطق. ونسمع كثيرًا أن الحالة النفسية تؤدى إلى الشفاء من أصعب الأمراض كالسرطان مثلًا وقد أجريت دراسات على أشخاص يحبون الاستماع للموسيقى والغناء وثبت تحسن حالات الإصابة بخفقان القلب وانخفاض ضغط الدم المرتفع. والاستغراق فى سماع الموسيقى يزيل الشعور بالألم، أثبتت ذلك أبحاث قامت بها الجمعية الأمريكية للعلاج بالموسيقى فقد طلبت من 143 سيدة تم اختيارهن بنية البحث العلمى الاستماع إلى مقطوعة موسيقية طويلة وأن يرصدن النغمات النشاز التى يسمعنها فيها عندما يتعرضن لخبطة شديدة من أطراف أصابعهم بغرض صرف اهتمامهن عما يشعرن به من ألم، فوجدوا أنه كلما زاد استغراقهن فى الاستماع تقلص شعورهن بالألم خاصة من كان يعانين منهن من القلق أو التوتر، وبالطبع فقد استخدمت وسائل عديدة للقياس، وأظهرت هذه الدراسة أن الشعور بالقلق يضاعف من الإحساس بالألم وأن الذين يعانون من أمراض مزمنة أخفقت الموسيقى من آلامهم حيث كان لها تأثير شبيه بتأثير العلاج بالإبر الصينية. وقد ظهرت آثار هذه الأبحاث التى تؤكد ان الموسيقى علاج للروح والجسد علينا فى مصر حيث أجريت بعض هذه الأبحاث فى مستشفيات جامعة القاهرة وأثبتت نجاحها فى تخفيف الألم عند اقترانها بالمسكنات وشهدت بذلك الدكتورة أميرة سيد فرج العميد الأسبق وأستاذة مادة الصولثيج والإيقاع الحركى والارتجال الموسيقى بجامعة حلوان.. طالبت الأبحاث هنا بضرورة وجود مكتبة موسيقية فى المستشفيات ومتخصصين فى العلاج بالموسيقى. والمعنى: داووا مرضاكم من الأمراض الروحية والجسدية بالموسيقى والغناء المحترم، فالمغنى حياة الروح، يسمعها القليل تشفيه وتداوى كبد مجروح يحتار الأطباء فيه. أى أن الموسيقى الرفيعة والغناء المحترم هما بهجة الروح والجسد مع الشكر للعلماء ولبيرم وزكريا ولكوكب الشرق.