تعرّف معنا على الصين.. وطبعاً حضرتك لست بحاجة لأن نقول لك إن الصين هى القطب الآخر القادم أو الذى جاء بالفعل ليزاحم - أمريكا - الكرسى القابع على قمة العالم وأيضاً لست بحاجة لأن نقول لك إن الصين هى مفخرة انتفاضة الجنس الأصفر العالمية وصانعة معجزته الاقتصادية والسياسة وهى التى صنعت جغرافيا تخيلية جديدة مدت فيها حدود الصين لتشمل العالم كله، ويكفى أن ننظر فى شوارع وحارات وقرى ومصانع ومتاجر مصر لنتأكد مما نقول.. والصين ليست فقط عدة «موبايل» وكاسيت وكافة الأجهزة الكهربائية وحتى الذهب والعروسة (الصينى). الصين أيضاً بشر وحضارة وطعام وسياسة وفيما يلى 5 مشاهد صينية سجلتها عدسة وقلم مصريتين من الداخل المصرى والخارج الصينى. فرغم وجود الجاليات الصينية التى تعيش فى مصر فترات قد تصل إلى حد الهجرة فإنهم مازالوا يحتفظون بكل عاداتهم وتقاليدهم ويأتى على رأسها عاداتهم فى الطعام والملبس. 1-المطاعم الصينية تغزو القاهرة فعند مرورك فى شارع أحمد سعيد فى حى الظاهر تشعر للوهلة الأولى وكأنك قد انتقلت سريعاً إلى إحدى أحياء الصين، حيث ستفاجأ بوجود مالا يقل عن أربعة مطاعم مخصصة للمأكولات الصينية وجميعها يمتلكها مواطنون صينيون مسلمون مقيمين فى نفس الحى بشكل دائم وقانونى وليس لديهم أية نية فى العودة إلى بلادهم، ولكن إذا ما قررت تجاوز أحد أبواب تلك المطاعم قد تشعر وكأن الحدود والمسافات بين مصر والصين قد اختصرت فى خطوات قليلة، ستجد نفسك أمام شاشات مخصصة لعرض الأفلام الصينية فقط بالإضافة إلى زينة وشارات من البيئة الصينية وأعلام لدولة الصين بالإضافة إلى تلك العيدان الشهيرة المخصصة لتناول الطعام والتى تعبر فى الثقافة الصينية عن الأخلاق والرقى، والأكل بدونها يعد عملاً بربرياً. وسيزداد اندهاشك أكثر وأكثر عندما تتفاجأ بأن كل العاملين داخل المطعم من الصينيين بلا استثناء، وذلك بناء على رغبة أصحاب المطعم، ولمساعدة أقرانهم من الصينيين على متاعب الحياة وغلو المعيشة أثناء إقامتهم فى مصر للعمل أو للدراسة بالأزهر الشريف وتعليم أصول الدين الإسلامى. لذا فكر «موسى أيوب» صاحب أحد أشهر تلك المطاعم فى هذا، حتى لا تتكرر معاناته فى البحث عن عمل بعينه على غلو المعيشة أثناء دراسته بالأزهر الشريف هو وزوجته وشقيقته، بالإضافة لأن المطبخ المصرى لا يملك الشعبية الكافية بين الجالية الصينية، التى تكتفى بتناول الأسماك واللحوم فقط. ولا يقتصر زوار تلك المطاعم على المصريين أو الصينيين فهناك العديد من الجنسيات المختلفة كالماليزيين والأندونيسيين، فقائمة المطبخ الصينى غنية وطويلة جداً تصل لأكثر من 200 نوع أشهرها الأرز والمكرونة الصينى واللحم المشوى وهى التى تجد إقبالا كبيرا من الجمهور المصرى، وعن المشروبات نجد الشاى الصينى الذى يعد لدى الصينيين وصفة طبية ومشروبا وطنيا له ثلاثة أنواع أحمر وأسود وأخضر، كما كان فى فترة من التاريخ يستخدم كعملة بعد صناعته على شكل مكعبات. «إن السماء تحب الإنسان الذى يأكل جيداً» تلك إحدى المقولات الشهيرة والتاريخية لدى الشعب الصينى الذى رغم مرور الزمن وتغير العادات على مدار العصور مازال يعشق الطهى على البخار وانسجام النكهات والتراكيب والألوان، فمن الضرورى لديهم أن يداعب الطبق الصينى جميع الحواس، فألوان الطعام لابد أن تسر الناظرين، ورائحته تنعش المتناولين وأن يكون ذا مذاق شهى وممتع. كما يحرص الصينيون على أن يكون الطبق متنوع المذاق بأن يحتوى على مقرمشات وأن يقدم الطبق الخفيف مع آخر مبهَّر بالإضافة إلى مذاق لين طرى مع عدم تجاهل أهمية أن يكون الطعام صحيَّا وتلك فلسفة الصينيين وعبقريتهم فى الطهى. ونظراً للكثافة السكانية العالية فى الصين كان لزاماً عليهم أن يستغلوا كل شىء وأن يستفيدوا من كل ما يمكن أكله حتى أصبحت أرجل الدجاج الغذاء الشعبى والوجبة الرئيسية تضاهى فى شهرتها عربات الكشرى والفول فى مصر. 2- الشعب?الفنان ويتميز الصينيون بحبهم الشديد للفن والرسم والرموز القديمة، فكثير منهم يعمل خطاطا وفنانا كما يعرف عنهم حبهم للفراشات والألوان، وفى مختلف دول العالم تقام المعارض الفنية الصينية حيث تعرض أعمالهم من الفنون المختلفة وخاصة الفن التشكيلى ذات السمات المبهرة. وتضيف رحاب محمود أن الصين بها أكثر من 300 نوع من الأوبرات وتعد أوبرا بكين هى الأشهر على الإطلاق وأوسعها انتشارا وقد أدرجها اليونيسكو ضمن الدفعة الأولى من الأعمال النموذجية للتراث البشرى الشفهى وغير المادى فى 2001 ونجد فى أوبرا بكين فنا متكاملا من غناء ورقص وتمثيل ومسرح. 3- سور الصين.. رمز الوحدة والقوة يعرف الصين بسور الصين العظيم كأحد أهم معالم تلك البلد العظيم وأحد عجائب الدنيا السبع ولكن أعجوبته الحقيقية فى كونه رمز وحدة وقوة الشعب الصينى على حد تعبير د. رحاب محمود رئيس قسم اللغة الصينية جامعة القاهرة ومدير معهد كونفوشيوس والتى تؤكد على وجود ما يزيد على 55 قومية مختلفة داخل الصين يجمعها سور الصين على حب بلادهم، حتى نجحوا فى إدراج 100 مدينة فى قائمة المدن ذات الشهرة الحضارية التاريخية 4- المرأة الصينية.. مشاركة فى الحكم ما يميز دول الصين الحديثة هو ما وصلت إليه مكانة المرأة هناك، فارتفعت درجة مشاركتها فى إدارة الدولة والشئون الاجتماعية ووصلت نسبتها فى البرلمان إلى 20.24% ومن بين قادة الدولة 7 نساء و65 كادراً على مستوى الوزير فى الهيئات المركزية والحكومة والمنظمات الشعبية وأكثر من 5000 كادر فى 31 مقاطعة وبلدية مركزية ومدينة وارتفع وعى النساء فى المشاركة فى حكم الدولة بصورة واضحة. 5- حماية الحقوق شعار الحزب الحاكم يتميز النظام السياسى أن جميع جهود الحزب الشيوعى الحاكم تهدف إلى تحقيق وحماية الحقوق الأساسية للجماهير الغفيرة فضمنت للجميع حقوق اختيار الاعتقاد الدينى وحسب الإحصاءات الأخيرة فإن عدد المعتنقين لمختلف الأديان فى الصين أكثر من 100 مليون وأكثر من 3000 من المنظمات الدينية الوطنية والمحلية وأكثر من 100 ألف من مواقع النشاطات الدينية و300 من حاملى الأديان. وأصبحت عربات أرجل الدجاج المتبلة فى الصين تضاهى فى شهرتها عربات الكشرى والفول فى مصر. 6- الثقافى الصينى همزة الوصل بين مصر والصين وفى وسط القاهرة الشامخة يوجد المركز الثقافى الصينى كشاهد رئيسى على عمق العلاقة التاريخية بين الفرعون المصرى والتنين الصينى وهذا ما يؤكده مدير المركز بأن العلاقة المصرية الصينية تضرب بجذورها فى التاريخ وبشكلها الحديث منذ بداية الخمسينات فى فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حيث بدأت الجالية بأعداد قليلة للغاية ولا يتجاوز عدد البعثة الدبلوماسية وتوافق ذلك مع سياسات الصين التى كانت أميل إلى الانطلاق ثقافيا وسياسيا ولكن مع مرور الوقت بدأت عملية الانفتاح على العالم مع الانفتاح الاقتصادى الصينى منتصف السبعينات وما ساعد على اجتذاب الصين إلى مصر طبيعة الشعب المصرى الودودة المرحبة بالغرباء فزادت أعداد الجالية وأضاف أن الجالية كانت متفرقة ولكن بعد افتتاح المركز الثقافى استطاعوا جمع الجالية وعمل تجمعات لهم وأشار إلى أن الاختلاط بين المصريين والصينيين يتضح فى زيجات مصرية صينية كثيرة أنتجت جيلا جديداً.