رغم تحذيرات وزارة الداخلية من وجود دعوات على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تحرض على مهاجمة المنشآت العامة والشرطية فى الذكرى الأولى للأحداث الدامية فى شارع محمد محمود، ومطالبة الوزارة المتظاهرين بتوخى الحذر من وجود مندسين يسعون إلى الفوضى وعدم الاستقرار إلا أن ما كانت تخشاه الشرطة والمواطنون الحريصون على أمن مصر حدث.. إذ اشعلت اشتباكات بين عدد من المتظاهرين وعناصر من الشرطة لإصرار المتظاهرين للوصول لمقر وزارة الداخلية واستهدافه.. وتجددت ذكريات الألم فى 19 نوفمبر بسقوط نحو 120 مصاباً ووفاة الشاب جابر صلاح عضو حركة 6 إبريل. وكان الشارع قد شهد فى اليوم ذاته من العام الماضى أحداثاً مشابهة أسفرت عن ضحايا ومصابين بالعشرات أدت لإقامة حكومة د. عصام شرف.. «أكتوبر» عايشت لحظة بلحظة الأحداث الأخيرة.. البداية كانت من مجموعة صغيرة من المتظاهرين قرروا إلقاء الحجارة على الداخلية مساء 18 نوفمبرللتعبير عن غضبهم من سياسات الوزارة وتأخر القصاص وكانت كلها مناوشات بسيطة وبعض الروايات أكدت أن بداية الأحداث كانت للتعبير عن الغضب من سياسات الداخلية وغياب العدالة والقصاص ثم حدثت مناوشات محدودة بعد ذلك سرعان ما تصاعدت لمعارك القاء الحجارة من قبل المتظاهرين والداخلية بعدها ظهرت مولوتوف حارقة ورصاص خرطوش وإصابات كثيرة من قبل المتظاهرين والأمن المركزى لتبدأ الدعوات بالنزول للتصدى للداخلية ومواجهتها بعدها قطع المتظاهرون شارع قصر العينى بالحجارة والحواجز الحديدية، ومنعوا مرور السيارات، فى الوقت الذى انتقلت فيه الاشتباكات لشارع الشيخ ريحان بالحجارة بين المتظاهرين والشرطة وتصاعد الأمر بشدة بعد زيادة عدد المتظاهرين وانفلات الأعصاب من وزارة الداخلية ليتساقط العديد من الضحايا مصابين باختناقات نتيجة القنابل المسيلة للدموع أو إصابات مختلفة حتى أعلنت حركة 6 إبريل عن سقوط أول ضحية فى الإشتباكات وهو جابر صلاح وهو ما نفته وزارة الصحة ولكن الحركة وعدد من النشطاء أعلنوا أنه توفى إكلينيكيا لتزداد المناوشات حتى وصل عدد المصابين الى 120 مصابا لتعلن عدد كبير من القوى والحركات السياسية النزول يوم الجمعة للاعتراض على سياسات وزارة الداخلية والقصاص للضحايا ورحيل وزارة الدكتور هشام قنديل. اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية استعرض ما حدث فى شارع محمد محمود قائلاً إننا رصدنا معلومات عن استهداف الشرطة وبعض المنشآت ونبهنا المنظمين للمظاهرات وقلنا قبل فعاليات ذكرى أحداث العام الماضى إنه ليس لنا خصومة مع أحد وأننا نطبق القانون ولن نتعدى على أحد وأن سياسة الوزارة هى مواجهة الوقفات التى تقطع الطرق والسكك الحديدية ولن تواجه أى وقفات سلمية بل تتواصل مع المسئولين من اجل المواطنين والمتظاهرين أحيانا متسائلا عن هدف بعض المتظاهرين من الاقتراب من وزارة الداخلية ومحاولة اقتحامها بالرغم من وجود الحوائط الخراسانية، موضحا أن الوزارة وأبناءها تقبل النقد البناء وتدرب أبناءها على الحوار مع الآخر الأمر الذى يشير إلى عقيدة جديدة للوزارة تم فى إطارها إنشاء إدارة لحقوق الإنسان واستحداث منصب مساعد الوزير لحقوق الإنسان مشددا على أن هناك عمل جاد يجرى بالوزارة. وقال وزير الداخلية إنه سيتم تنظيم مؤتمر كبير تدعو فيه كافة طوائف المجتمع لمعرفة احتياجاتهم من الشرطة ومتوقعاً أن يخرج المؤتمر بإيجابية كما سيتم وضع خطة للتنفيذ فمصر دولة كبيرة وأنها سيكون لديها شرطة نفتخر بها. ولكن سامح عاشور نقيب المحامين ورئيس الحزب الناصرى أكد أن «ما يجرى فى محمد محمود (قولون عصبى)، ولا يوجد إحساس بالتغيير، لا يوجد تغيير فى الداخلية، ويجب تغيير ثقافة رجل الشرطة، الداخلية هى من تتعامل مباشرة مع المواطن ولا يوجد تغيير يحس به المواطن. وأكد أن الشرطة فى حاجة لإعادة بناء، وليس تغيير الوزير، ويجب أن تتغير أدوات الوزارة، وأنا لا أبرر الاعتداء عليهم، فالاعتداء على الداخلية يزيد من الفوضى. وعلى النقيض أكد نادر بكار، عضو الجمعية التأسيسية، عن حزب النور، أن ما يحدث فى شارع محمد محمود ليس له علاقة بالثورة من قريب أو بعيد، ومجرد استفزاز للداخلية بشكل غير عادى. وقال إن قيام المتظاهرين بمحاصرة مبنى مجلسى الشعب والشورى بلا سبب، مجرد محاولة لجر البلاد إلى الفوضى، مؤكدا أن التظاهر لابد أن يكون سلميا، أما حرق المدارس ومقر الجزيرة، فهو أمر غير مسبوق وخطير. وأكد بكارأن من يطالب بالقصاص للشهداء عليه أن يطلبه من القضاء والنائب العام وليس بحرق المنشآت. وأدان الدكتور أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار التعامل الأمنى العنيف مع المظاهرات التى خرجت لإحياء ذكرى أحداث محمد محمود معتبرا هذا تقصيرًا وفشلاً للحكومة فى التعامل مع مشاعر المواطنين الذين فقدوا أبناءهم ومع المصابين فى هذه الأحداث. وحذر سعيد من استمرار الأساليب الأمنية القديمة التى تستبدل الحوار بقنابل الغاز والخرطوش والرصاص المطاطى فى مواجهة غليان الشارع والمظاهرات الاجتماعية الغاضبة والمطالبة بالتغيير والإصلاح. ومن جانبه وصف نبيل زكى المتحدث الإعلامى لحزب التجمع، اشتباكات شارع محمد محمود بين المتظاهرين وقوات الأمن، بأنها غامضة نظرا لعدم صدور أى بيانات من وزارة الداخلية لإيضاح حقيقة الاشتباكات: المظاهرات بدأت سلمية للمطالبة بمحاكمة قتلة الشهداء ووصلت لهذه الدرجة من العنف،لماذا؟ وأضاف أن مصر تعانى من حالة توتر واحتقان، ومظاهرات محمد محمود مرتبطة بعدة قضايا أخرى مثل حادث قطار أسيوط واستشهاد 50 طفلا، وما يحدث فى سيناء التى تعربد فيها الجماعات المتطرفة وغزة التى تتعرض للقصف رغم ما أعلن عن تهدئة، بالإضافة إلى الجمعية التأسيسية ورغبة فصيل سياسى فى السيطرة على كتابة الدستور. وقال زكى: الصورة الآن قاتمة وتحتاج لعلاج جذرى خاصة أن المواطنين لا يشعرون بأن الدولة جادة فى القضاء على الفساد وإيجاد حلول لمشاكلهم الحياتية، بعد زيادة نسبة الفقر والبطالة والخدمات الصحية المتدنية ومشاكل الأمن لا تزال موجودة. من جهة أخرى وأكدت «الجبهة القومية للعدالة والديمقراطية» التى يترأسها الفنان عمرو واكد ونوارة نجم فى بيان على عدم تغير شيء منذ أحداث محمد محمود فى عام 2011. حيث مازالت الشرطة تبطش بالمتظاهرين، والمطالب كما هى لم تتغير لأن النظام مطالب الثورة، وأساليب التحريض على المتظاهرين تتكرر بشكل حرفي، وكأن مصر أضاعت عاماً كاملاً دون أن تحقق أى تقدم فى أى مجال. وأضافت الجبهة: عجب فيما يحدث من قتل واعتقال وتنكيل وتعذيب للمتظاهرين، فوزير الداخلية الحالى هو مدير الأمن العام الذى أدار الشرطة فى أحدث محمد محمود الأولى، تلك الموقعة التى شهدت سقوط 72 شهيدًا. وأكدت الجماعة الإسلامية، أن المظاهرات غير السلمية هى خروج على ثورة 25 يناير، وأن الأحداث الجارية بشارع محمد محمود تكشف أن المظاهرات السلمية التى تم تنظيمها للاحتفال بذكرى أحداث محمد محمود خرجت عن إطارها السلمى فى ظل محاولات البعض توظيفها لافتعال الأزمات وإشعال الأحداث و خلق بؤر للصراع داخل البلاد. وقالت الجماعة، فى بيان لها ، إن الهدف من ذلك اجهاض الثورة وإسقاط الرئيس المنتخب، وإسقاط الجمعية التأسيسية والعودة بالبلاد إلى نقطة الصفر، وإحداث فراغ دستورى وإرباك سياسى. وأضافت : أن أوهام الذين يسعون لإحداث هذا الشغب لن تنجح، ونطالب أبناء الثورة الشرفاء بأن ينسحبوا من محيط محمد محمود حتى يتم القبض على من يحاول جر البلاد للفوضى والذى لم ييأس بعد من كثرة محاولاته الفاشلة. وأعلنت الجماعة الإسلامية، مساندتها لاستكمال مسيرة بناء مؤسسات الدولة، واستكمال وضع الدستور الذى يعبر عن هوية البلاد, مطالبين الدولة باتخاذ إجراءات حازمة ضد كل من تسول له نفسه العبث باستقرار البلاد وأمنها. وطالبت الجماعة السلطات المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية لمواجهة الخارجين عن التظاهرات السلمى. وعلى صعيد آخر كلف النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود جميع أعضاء نيابات وسط وجنوب وغرب القاهرة الكلية بسرعة التحقيق فى أحداث مصادمات شارع محمد محمود التى اندلعت يوم الاثنين الماضي. وقامت النيابة العامة بتشكيل فريق من أعضاء ورؤساء النيابة لمباشرة التحقيقات فى تلك الأحداث وفى ما تتلقاه من محاضر الشرطة أو أيه بلاغات من أى جهة ومن المواطنين. وسوف تقوم النيابة العامة بإجراء معاينة على الطبيعة لأحداث شارع محمد محمود وقصر العينى وما تخللها من أحداث عنف حال سماح الموقف بإجراء تلك المعاينة.