لاشك أن اجتماعات الدوحة وفرت فرصة ثمينة .. وربما أخيرة،لتغيير مسار الثورة السورية،فهل ترتفع جميع قوى المعارضة عن حساباتها الخاصة لمصلحة الثورة وسوريا فقط..؟ بعد إعلان المعارضة توحدها فى «ائتلاف»جديد،هل يمكن أن يتغير الموقف الدولى مع الثورة حتى تحظى بالدعم المعنوى والمادى والسياسى..؟ بعد جهود وصعوبات وتحت ضغط عربى ودولى مكثف وقع قادة المعارضة السورية فى الدوحة اتفاقاً توصلوا خلاله لتشكيل ائتلاف جديد موسع بزعامة أحمد الخطيب للإعداد لمرحلة ما بعد سقوط بشار الأسد. وبموجب الاتفاق تتوحد المعارضة تحت لواء «الائتلاف» الذى تنبثق منه حكومة مؤقتة وتنضوى تحت لوائه المجالس العسكرية المعارضة داخل الأراضى السورية والذى سيشرف أيضاً على صندوق إنقاذ لتوصيل المساعدات إلى الداخل. توحيد الجهود إن توصل مجموعات من المعارضة السورية إلى اتفاق على انشاء «الائتلاف الوطنى لقوى المعارضة والثورة السورية» لن يكون خطوة حقيقية للأمام إلا عندما يصبح الائتلاف والجبهة التنفيذية الوحيدة،بعيداً عن الانقسامات التى لا تحتملها المرحلة ولاتخدم أهداف الثورة ولا تنقذ الشعب السورى مما يعانيه من مجازر يومية وتشرد وهجرات جماعية. لا يكفى أن تجتمع المعارضة وأن تتخذ قرارات ومبادرات بل عليها إعادة النظر فى أسلوب عملها،لأن مواصلتها نهجها السابق لم يثمر إلا المزيد من الانقسامات وعدم القدرة على مخاطبة العالم بكلمة واحدة وموقف واحد.وعضوية الائتلاف مفتوحة لكل أطياف المعارضة السورية، وقد اتفقت الأطراف المشاركة على إسقاط النظام بكل رموزه وأركانه وتفكيك أجهزته الأمنية ومحاسبة من تورط فى جرائم ضد السوريين. ويلتزم الائتلاف بعدم الدخول فى أى حوار أو مفاوضات مع النظام ويقوم الائتلاف بعد حصوله على الاعتراف الدولى بتشكيل حكومة مؤقتة. المقر فى القاهرة وأكد الرئيس السابق للمجلس الوطنى عبد الباسط سيد أن الحكومة الانتقالية ستتشكل بعدما يحصل الائتلاف على الاعتراف الدولى موضحاً أن مقر «الائتلاف الوطنى» سيكون فى القاهرة لأن لها رمزية خاصة لكل عربى وفيها مقر الجامعة العربية،وسيكون مقر الحكومة الانتقالية الأراضى المحررة داخل سوريا. ووصف المعارض السورى رياض سيف إنشاء الائتلاف بأنه «انجاز تأخر كثيراً..كان من المفروض تحقيقه قبل أكثر من عام، لكن حالياً يجب أن نعمل ليلاً ونهاراً لإسقاط النظام وتخفيف معانات أكثر من عشرة ملايين سورى متضرر ومنكوب». تسليح المعارضة رغم تعدد الأصوات المطالبة بدعم المعارضة السورية المسلحة بالسلاح أو بالتدخل العسكرى المساعد،فإن هذه النداءات لم تشهد أبداً إجماعاً منذ بدء الثورة،حيث نادى عدد من الدول العربية بذلك سابقاً كما أشارت إليها دول مثل تركيا وفرنسا، إلا أن الفيتو الثنائى لحلفاء النظام السورى روسيا والصين،إلى جانب عدم تفضيل الولاياتالمتحدة لخيار التسليح أدت إلى إطالة أمد الصراع السورى.وقد دخلت بريطانيا مدار تسليح المعارضة بقوة،وتكررت نداءات رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بفتح الباب أما التسليح المعارضة السورية. سفير فى باريس ومن جهة اخرى استقبل الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند رئيس الائتلاف معاذ الخطيب، وبعد اللقاء أعلن أولاند انه سيكون هناك سفير لسوريا فى فرنسا معيناً من قبل رئيس الائتلاف،وهو المعارض منذرماخوس المنتمى غلى الطائفة العلوية وكان أحد أعضاء الوفد السورى الذى التقى اولاند. وعلى الجانب الأخر صرح وزير المصالحة الوطنية السورى على حيدر أن قرار فرنسا استقبال «سفير» للمعارضة السورية يشكل عملاً عدائياً تجاه سوريا. وقد أعلنت فرنساأنها ستقترح على شركائها الأوروبيين رفع الحظر على «الأسلحة الدفاعية» للثوار السريين. مؤتمر طهران ومن جهة أخرى نظمت إيران اجتماع «الحوار الوطنى السورى» وشارك فيه70شخصية سورية يمثلون 35حزباً سياسياً جاءوا من داخل سوريا من أجل بحث آلية إنهاء الأزمة السورية. ولم تشارك قوى وطنية فعالة فى الحوار إن اعتذرت «هيئة التنسيق» الوطنية عن عدم المشاركة اعتراضاً على عنوان الاجتماع الذى حمل اسم الحوار لأنها كانت تشترط أن يكون الاجتماع تشاور يأوليس حواراً مع الحكومة فى المرحلة الحالية. وقال وزير الخارجية الإيرانى على أكبرصالحى إن ايران عرضت مبادرة للحوار الوطنى السورى لكونه الطريق الوحيد للخروج من الأزمة. وانتقد نائب مجلس الشعب السورى المستقل محمد زهير غنوم اجتماع طهران «لأنهم جاءوا بنا إلى هنا لنسمع الخطابات». معرباً عن اعتقاده بأن المؤتمر ليس له فاعلية على الأرض وهولا يعد وأن يكون إلا عرض خطابات. وكانت قناة «روسيا اليوم» قد ذكرت بأن وفداًمن هيئة التنسيق الوطنى السورية المعارضة سيزور موسكو الإثنين القادم. وسيضم الوفد هيثم مناع وسيلتقى وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، وسط معلومات تشير إلى أن موسكو تسعى لإحياء مقترح عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية فى سوريا برعاية روسية. الشيخ الخطيب الرئيس الجديد للمعارضة السورية هو أحمد معاذ الخطيب، الخطيب السابق للمسجد الآموى فى دمشق، اعتقله الأمن السورى 4مرات بسبب معارضة النظام ومساندة الحراك الشعبى،وبعد خروجه من السجن فى نهاية ابريل الماضى استطاع مغادرة سوريا حيث استقر فى القاهرة . ولد فى دمشق عام1960متزوج ولديه أربعة أبناء. وينادى الخطيب بالتعايش السلمى حتى مع تفاقم التوترات الطائفية بين الغالبية السنية التى تقود الانتفاضة،والعلويين الذين يهيمنون على السلطة بعد عقود من حكم عائلة الأسد. ويقول الخطيب إن الشعب السورى مكون بشكل أساسى من الطائفة السنية،والتى تعرضت للإقصاء لفترة طويلة ومن الطبيعى ان تكون مكوناً رئيسياً فى الثورة. وأكد الخطيب أن الحكومة المقبلة التى سيشكلها الائتلاف ستضم كافة أطياف المجتمع السورى من مسيحيين وعلويين وغيرهم.والآن وبعد انتخاب قائد جديد وبعد الاعتراف بالمعارضة من قبل الجامعة العربية ودول أوروبية يبدو أن المعارضة السورية على المسار الصحيح فى التقدم إلى الأمام. لكن التحدى الأكبر الذى يواجه الائتلاف هو هل سيتمكن الخطيب من قيادة وفرض إرادته على الكثير من المجموعات المسلحة الذين يقاتلون ويقتلون فى سوريا..؟