اسلوب إخافة الشعب الإسرائيلى من كل شىء وفى كل وقت هو أسلوب قديم، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى «بنيامين نتنياهو» برع فيه بصورة واضحة لدرجة جعلت الكثيرين من الكُتاب والمحللين يكتبون فى هذا الموضوع بصورة ساخرة. فالكاتب والصحفى الإسرائيلى «جدعون ليفى» كتب مقالاً ساخراً فى هآرتس أطلق فيه اسم «مخيفانياهو» على رئيس الوزراء الإسرائيلى، ويقول فيه:مرة أخرى صدق رئيس الوزراء، فقد تنبأ بنيامين نتنياهو بمجئ الإرهاب وها هو ذا قد أتى، وصدق بعدم وجود شريك فلسطينى، وبعد قليل لن يكون هناك شريك، صدق عندما تنبأ بأن الربيع العربى يهدد إسرائيل، وبعد قليل أيضاً سوف يتحقق ذلك، والآن يصدق أيضاً عندما يقول إن إيران سوف تمتلك القنبلة النووية، وربما تتحقق نبوءته. وهكذا الحال عند نتنياهو نبوءات الغضب تحقق نفسها، فهو عندما يرى الخطر فى كل شىء يصبح العالم هو الخطر بعينه! غالبية الإسرائيليين يعتقدون أن السيد «مخيفانياهو» نبى دولة اليهود الثانى بعد هرتسل، دولة المخاوف والفزع، على حق وأنه يتنبأ بصورة صحيحة، لكنه إذا كان قد تصرّف بصورة مختلفة منذ يومه الأول، لكان العالم يبدو مختلفاً الآن. ويستشهد جدعون ليفى بما كتبه «روبرت منكوف» محرر الرسوم الكاريكاتورية بمجلة «النيويوركر»، فى مسابقة الكتابة الساخرة لرسم القنبلة، عندما كتب يقول إن «نتنياهو هو القنبلة» فإسرائيل لديها قنبلة موقوتة اسمها نتنياهو. ويضيف ليفى: أن نبوءاته تتحقق لأن هذه البارانويا تحقق نفسها فى النهاية، فالشعوب العربية أرادت الديمقراطية وقد تحققت ولو بصورة جزئية فى عدد من الدول. لكن نتنياهو سرعان ما أعلن عن الخطر الذى يحقق نفسه فى النهاية. لو كان لدينا رئيس وزراء يستقبل الربيع العربى بالأمل والخطوات الإيجابية، لكانت العلاقة مع إسرائيل مختلفة تماما الآن. ونحن عندما نستبدل انشغالنا بقضية الاحتلال بزرع الخوف، فسوف نحصد قنبلة إيرانية مع عدم وجود شريك وتواجد للقاعدة. إن أكبر نجاح حققه نتنياهو هو إخافتنا من أى تطور يحدث، وجعلنا ننسى ما يجب ألا ننساه واستبدال ذلك بإخافتنا وإخفاء الدافع والاكتفاء بتقديم النتيجة. إن هذا ما يحدث مع رئيس وزراء يخطو بنا بخطوات تدميرية نحو أوشفيتس ولا يسأل نفسه لماذا يقف العالم ضدنا مرة أخرى؟. إن إيران تشكل خطراً على إسرائيل مثلها مثل التطرف الإسلامى وربما أيضاً الربيع العربى. فماذا نفعل؟ نخيف ونرعب الشعب الإسرائيلى إلى أن يصبح التهديد خطراً أكبر وأكبر، وهذا بالضبط هو عكس ما كان من الواجب على إسرائيل أن تفعله، فلكى نحيّد الخطر يجب أن نواجه دوافع هذا الخطر. المنطقة تموج بالحقد والكراهية لإسرائيل ووجود إسرائيل، لكن من الممكن الحد من ذلك وجعله شيئا لا يذكر وذلك بحل المشكلة الفلسطينية على سبيل المثال، ونحن لسنا فى حاجة لكثير من الخيال لكى نعيش فى واقع آخر ينتهى فيه الاحتلال، ويحصل الفلسطينيون فى معظمهم على السلام ويقبل العالم العربى فى معظمه بوجود إسرائيل، وعليكم أن تتذكروا الأيام الأولى لاتفاق أوسلو عندما كان إسحق رابين ملك العالم بما فى ذلك العالم العربى إلى أن توقفت إسرائيل عن الوفاء بما عليها فى هذا الاتفاق. وينهى جدعون ليفى مقاله بالقول: تخيلوا ما الذى يمكن أن يقولوه فى طهران وما الذى سيرددونه فى شوارع غزة؟ فالتهديد الإيرانى لإسرائيل فقد دوافعه أو على الأقل الذريعة لوجوده.. صحيح سوف تبقى دائما معارضة مريرة لإسرائيل، لكن إسرائيل لا تحرك ساكنا للحد منها، وهى فى الواقع تبذل كل الجهد لتضخيمها، فلديها رئيس وزراء رسام أعمى يرسم خطوطا باللون الأحمر، لون الحرب القادمة التى تنشط بفعل رسوماته ونبوءاته.