فى تطور جديد، وبعد أقل من شهر على تمرير قانون التظاهر الجديد فى روسيا والذى يقضى بمضاعفة الغرامات المالية وتشديد العقوبات على الاحتجاجات غير المرخص بها، جاء إقرار مجلس النواب الروسى (الدوما) لمشروع القانون الذى يخضع المنظمات غير الحكومية التى تتلقى تمويلا من الخارج وتعمل بالأنشطة السياسية بالبلاد للرقابة ويطالبها بالتسجيل بصفتها «وكيلاً أجنبياً»، وهو ما يتفق مع تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين خلال الأشهر الأخيرة بشأن المنظمات غير الحكومية التى شككت فى نزاهة الانتخابات التشريعية والرئاسية حيث اتهمها بالعمل لحساب بلدان أجنبية ولاسيما الولاياتالمتحدة. ويقضى مشروع القانون بضرورة إجراء تسجيل منفصل لتلك المنظمات باعتبارها «وكلاء أجانب» وإلزامها بتضمين تلك العبارة أعلى المواد التى تنشرها سواء المطبوعة أو الإلكترونية. وبموجب مشروع القانون أيضا سيتم إخضاع تلك المنظمات لمراقبة مالية صارمة وسيتم إلزامها بتقديم تقارير عن أنشطتها مرتين سنويا. كما أن عدم الامتثال لتلك الشروط يعرضها إما لغرامات مالية تصل إلى مليون روبل (25 ألف يورو) أو لعقوبة السجن من 2- 4 سنوات. وقد أقر مشروع القرار الذى تقدم به حزب روسياالمتحدة الحاكم بأكثرية ساحقة فى الدوما بلغت 323 صوتا حيث يتمتع حزب روسياالمتحدة بالأغلبية المطلقة فى المجلس. وأوضح حزب روسياالمتحدة أن الحكومات الأجنبية تستخدم المنظمات غير الحكومية فى روسيا كغطاء للتدخل فى السياسة الداخلية للبلاد. وقال فياتشيسلاف نكونوف النائب عن الحزب وأحد المشاركين فى صياغة مشروع القانون إن هناك أدلة كثيرة فى العالم تشير إلى تدخل بعض الدول فى شئون الدول الأخرى من خلال تلك المنظمات. لكن منتقدى القانون يقولون إن الهدف من ورائه هو سحق المعارضة وخنق المجتمع المدنى فى روسيا وخلق حالة من الذعر من التجسس بين المواطنين حيث يشيرون إلى أن مصطلح «الوكيل الأجنبى» يعيد لأذهان الروس مصطلح «الجاسوسية» إبان حقبة الحرب الباردة بين واشنطن والاتحاد السوفيتى السابق مما يتسبب فى تشويه سمعة تلك المنظمات أمام الرأى العام الروسى. ومن ناحية أخرى، لفتت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى أن مشروع القانون الروسى يأتى فى لحظة صعبة تشهدها العلاقات بين واشنطنوموسكو فى ظل الخلافات الحادة بين الجانبين بشأن سوريا ومنظومة الدفاع الصاروخى والملف النووى الإيرانى. ورأت الصحيفة تلك الخطوة من قبل موسكو كرد فعل انتقامى على مشروع قرار أمريكى باسم «ماجنتسكى» يعكف الكونجرس على مناقشته حاليا والذى يقضى بفرض عقوبة تجميد الأصول وحظر التأشيرة الأمريكية على ستين شخصا اعتبروا مسئولين بدرجة ما عن احتجاز المحامى الروسى سيرجى ماجنتسكى ووفاته. وكان ماجنتسكى يعمل محاميا فى مكافحة الفساد مع صندوق هرميتاج للاستثمارات و قد توفى فى مركز احتجاز فى موسكو فى نوفمبر 2009 وذلك بعد عام من إلقاء القبض عليه بتهمة التهرب الضريبى. ومن جانبها، أدانت ليودميلا اليكسيفا، رئيس مجموعة موسكو هلسنكى، وهى منظمة غير حكومية تعمل فى مجال حقوق الإنسان، مشروع هذا القانون. وأضافت أن منظمتها لن تسمح تحت أى ضغط بأن تسجل نفسها كمنظمة أجنبية، مهددة بمطالبة الكونجرس الأمريكى والبرلمان الأوروبى بإضافة أسماء واضعى مشروع القانون الروسى إلى قائمة ماجنتسكى، وهو ما وصفته ايرينا ياروفايا رئيسة لجنة الدوما للأمن ومكافحة الفساد وأحد المشاركين فى صياغة مشروع القانون بالابتزاز، وأوضحت ياروفايا لإذاعة «صوت روسيا» أن مشروع القانون الجديد يتفق مع المعايير التشريعية الأمريكية والأوروبية بشأن تسجيل المنظمات غير الحكومية حيث تتخذ فى هذا المجال إجراءات صارمة جدا.