حين أبدى الكاتب الكبير وحيد حامد قلقه علي الإبداع بتولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية، كان يعبر عما يجيش في صدر وعقل كل محب للفنون والآداب، وكل محب لهذا البلد الذي تميز بتركيبة عجيبة تجمع بين المحافظة والتدين من ناحية، وحب الحياة الذي يمثل الإبداع الفني أحد أروع معالمها من ناحية ثانية! في حفلين متعاقبين بدار الأوبرا المصرية كان الأول لفرقة الباليه سمعت إحدى الحاضرات تقول لصديقاتها استمتعن بالباليه قبل أن تشاهدونه بالسراويل، وضج المحاطين بها بالضحك فهي تشير إلي ما سيؤول إليه حال الفن في حال الحكم الديني! ثم في حفل آخر للموسيقي العربية، وكان به عدد كبير من المحجبات يصفقن ويتمايلن مع الموسيقي همست لي صديقتي أن هذا هو الشعب المصري الذي ينشد التدين ويستمتع بالفن والحياة في آن واحد! لكني حين طالعت كتاب الزميل الكاتب الصحفي عمرو فاروق «دولة الخلافة الإخوانية»، الصادر عن دار كنوز للنشر، شعرت بنفس التوجس الذي أصاب كاتبنا وحيد حامد، فلمن لا يعرف فإن الإخوان لهم تجاربهم في مجال المسرح، وهذا جانب مما رصده كتاب عمرو فاروق تحديدا لعدد من المسرحيات التي أنتجتها جماعة الإخوان المسلمين،صحيح أنهم قدموا محاولات في مجال الأناشيد وأغاني الأفراح الإخوانية والقصة وغيرها تناولها أيضا المؤلف، لكن في رأيي أن للمسرح شأنا آخر فهو أبو الفنون، وهو مؤشر خطير للإبداع، ومن المعروف أن الأعمال التي قدمتها الجماعة علي المسرح تخلو تماما من العنصر النسائي، كما أنها توضح رؤيتهم المحدودة للإبداع، وطريقتهم المباشرة في تناول العمل الفني الذي يبدو دعائيا أكثر منه فنيا! الرصد الذي قدمه عمرو فاروق في كتابه يجسد تلك الرؤية المحدودة للفن والإبداع، ولنواحي أخرى كثيرة تثير القلق بحق، فهناك فرق كبير بين أن يتقلد الحكم من يدرك أهمية الإبداع، وبين من يعتبره رجسا من عمل الشيطان، وبين الاثنين فرق شاسع، لن يقربه محاولات التعايش أو الرغبة في تجاوز الأمور! كل هذا يطرح سؤالا مهما: ما هو مستقبل السينما والمسرح والبالية والفنون الشعبية والأغنية والأوبرا في مصر؟ هل ستظل مصر هي أم الدنيا ومهد الحضارة والإبداع أم سننافس إيران في انغلاقها؟