رغم التفاؤل الحذر الذى شاب منطقة اليورو نتيجة انتعاشه الأسبوع الماضى وارتفاعه عن أدنى مستوياته خلال عامين، وذلك بعدما أظهرت استطلاعات الرأى فى اليونان أن الأحزاب التى تفضل الالتزام بخطة الإنقاذ الدولية تحظى بتأييد مما دفع المستثمرين إلى خفض مراهناتهم القياسية على انخفاض العملة الموحدة ، إلا أن منطقة اليورو مازالت تواجه تهديدات قوية قد تؤدى إلى خروج اليونان منها نتيجة تعثرها فى التقيد بخطط التقشف وتسديد الديون، وخروجها مرهون بالانتخابات البرلمانية التى ستجرى فى 17 يونيو الحالى وما ستسفر عنه من التزام، فضلاً عن تأثير ذلك على عدد من الدول الأوروبية التى تواجه نفس الأزمة مثل أسبانيا وإيطاليا والبرتغال. وقد بدا جلياً أن بعض الدول الأعضاء ذات الاقتصاديات القوية فى مقدمتهم ألمانيا وبريطانيا قد بدأتا فى اتخاذ التدابير اللازمة فى حالة انهيار منطقة اليورو، حيث صرح وزير الداخلية الألمانى «ليبزينجر فولكسزيتنج» أنه فيما يتعلق باليونان فإن ألمانيا لن تضخ المزيد من الأموال فى «بئر بلا قاع». ومن جانبه، عقد رئيس الوزراء البريطانى «ديفيد كاميرون» اجتماعا مع نائبه «نيك كليج»، ووزير الاقتصاد «جورج أوسبورن»، ومحافظ البنك المركزى «ميرفين كينج» لبحث مدى استعداد البلاد لمواجهة الأزمة. وصرحت وزيرة الداخلية البريطانية «تريسا ماى» لصحيفة «ديلى تيليجراف» البريطانية أن الحكومة تدرس حالياً خططًا تحسبا لزيادة حركة الهجرة القادمة من اليونان وغيرها من دول الاتحاد الأوروبى حال تردى الوضع الاقتصادى الراهن. وفى سياق متصل، سعت كل من أسبانيا وإيطاليا لإيجاد حل لمنع تفاقم الأزمة، حيث تم تحديد يوم 22 من الشهر الحالى لعقد قمة رباعية بين كل من فرنساوألمانيا وأسبانيا وإيطاليا لمناقشة أزمة منطقة اليورو. ويرى المحلل الاقتصادى الأمريكى «تايلر كوين» أن بقاء اليونان فى منطقة اليورو لن يساعد كثيراً حتى لو كان استمرارها ممكناً، حيث استنزفت هذه الأزمة الثقة فى البنوك ليس فقط فى اليونان ولكن أيضاً فى أسبانيا والبرتغال وإيطاليا وإيرلندا ولكن بدرجات متفاوتة، ويؤكد كوين أنه ما لم تكن هناك ضمانات واضحة لهذه البنوك فى وقت قريب فإن السوق سيأخذ منعطفاً أكثر خطورة ممثلاً فى هروب رؤوس الأموال من هذه البنوك وانهيار مؤسسات مصرفية كبيرة. ويضيف كوين أن المشكلة الأساسية تتمثل فى أن الكثير من اليونانيين لن يبقوا على يورو واحد فى أى من البنوك اليونانية نظراً لفقدان الثقة فى هذه البنوك وكذلك هو الحال فى أسبانيا. ويشير كوين إلى أن هذه المخاطر تهدد العملة رقم 2 فى العالم بالانهيار، مما يعنى أن واحدة من الاقتصاديات الكبرى فى العالم مهددة بالشلل، مما سيؤثر بالسلب على النظام الاقتصادى العالمى وخصوصاً النظام الأمريكى نظراً لأنه مازال هشاً ولم يستعد عافيته حتى الآن. وفى سياق متصل، نشر مجلس العلاقات الخارجية مقابلة مع الخبير الاقتصادى «ريتشارد كلاريد» حول تأثير أزمة اليورو على الاقتصاد العالمى، حيث يرى كلاريد أن وضع الانتعاش الاقتصادى العالمى فى خطر نظراً لأنه مازال هشاً والسياسات المطبقة تقود النمو السريع، مما يؤثر على الاقتصاد الأمريكى لارتباطه بالاقتصاد العالمى من خلال أسعار الفائدة، والتجارة وأسعار الصرف وهوامش الائتمان وتكاليف الاقتراض المصرفى.