ظاهرة تغيير الحكومات الأردنية ليست جديدة، فالأردن يشهد كل عام وزارة جديدة، ولكن فى العام الأخير شهد الأردن ثلاث وزارات!! تغيير الحكومات فى الأردن شأن خاص ينفرد به وحده، ساهم فى تسارعه تواصل الحراك الشعبى وموجة الاعتصامات والإضرابات، واستقالة الحكومات الأردنية لا تتم نتيجة سحب الثقة فى مجلس النواب، بل بقرار من العاهل الأردنى. ستة أشهر فقط أمضاها عون الخصاونة فى رئاسة الوزراء، وكلف الملك عبد الله الثانى رئيس الوزراء الأسبق فايز الطراونة - آخر رئيس وزراء فى عهد الملك حسين - بتشكيل حكومة جديدة. والأردن يشهد منذ يناير 2011 تظاهرات واحتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية ومكافحة الفساد، وفى إحدى التظاهرات حملت إحدى اللافتات «طلب وجبة ديليفرى من - أحد المطاعم - يحتاج 45 دقيقة وتغيير رئيس وزراء الأردن يحتاج 30 دقيقة»، ولافتة أخرى تقول «لا لتغيير الحكومات بدنا تغيير سياسات». إقالة حكومة الخصاونة جاءت بسبب الاختلاف مع القصر حول أولويات الإصلاح، فالقصر كان يرى أن وضع قانون الانتخابات لضمان إجراء انتخابات برلمانية قبل نهاية العام له الأولوية، فى حين أن الخصاونة كان يرى أن الأولوية لمكافحة الفساد، فضلاً عن مطالبته بصلاحيات كاملة مما جعله يصطدم بمراكز القرار الأخرى كالقصر والدوائر الأمنية. الأردنيون يتطلعون إلى قانون الانتخابات، وإلى حكومات تأتى بعد انتخابات شعبية، حكومات يقرر بقاءها ورحيلها مجلس النواب، مع صلاحيات كاملة. هذه الآمال والطموحات تستدعى إجراء تعديلات دستورية على الدستور الحالى الذى وضعه الملك طلال عام 1952، وإذا كانت إحدى لافتات التظاهرات قد حملت شعار «حكومات من صنع الشعب»، فإن قانون الانتخابات المتوقع إصداره قريباً سيأتى بحكومات من صنع الشعب. وهو إجراء سيضع حداً للتوترات الاجتماعية والسياسية وتداخل الصلاحيات، وتنافس مراكز النفوذ، ويسمح لشرائح من المعارضة بالتواجد فى مقاعد الوزراء لتتحمل مسئولياتها تجاه الشعب الذى منحها صوته فى الانتخابات. وقد صرح الملك عبد الله الثانى فى أكثر من مناسبة أن الحكومات البرلمانية هى هدف موضوع نصب الأعين. تحقيق هذا الهدف كفيل بوضع حد لظاهرة التغيير السريع للحكومات، ويضع الحكومات المنتخبة أمام مسئولياتها تجاه الشعب، ويحقق نوعاً من الاستقرار السياسى والاقتصادى الذى تفتقده الأردن منذ انطلاق ثورات الربيع العربى.