عاش آلاف المصريين على هامش المجتمع بسبب الفساد الذى انتشر فى كل مؤسسات الدولة إبان النظام السابق، ودفع ثمن هذا الإهمال الطبقات الفقيرة التى انزوت فى عشوائيات لاتصلح للبشر فانتشرت البطالة والسرقة والبلطجية، وقد ناقش المجلس المصرى للدراسات الاقتصادية خطورة هذه القنبلة التى انفجرت بالمجتمع وأدت إلى سلبيات كثيرة، إذ عقد المجلس مؤخرًا ندوة بعنوان (دعم قدرات محدودى الدخل من خلال أوضاع الاقتصاد غير الرسمى) وكشفت المناقشات أن العشوائيات والاقتصاد غير الرسمى وجهان لعملة واحدة.بداية تقول الدكتورة ملك رضا أستاذ بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية إن الأسباب الاساسية لانتشار العشوائيات هو الاختلال الهيكلى فى سوق الاسكان والذى أدى إلى تفاقم مشكلة الاسكان العشوائى إلى جانب تزايد عدد النازحين من الريف للحضر وعدم القدرة على تدبير أماكن سكنية فى ظل غياب التخطيط العمرانى مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت أن مصر من أكثر الدول التى تعانى من ظاهرة العشوائيات التى بلغ حجمها فى سنة 1993 (1221) منطقة عشوائية وفى سنة 2007 وصل إلى (1171) منطقة عشوائية بها 15مليون نسمة وتضاعفت مساحة العشوائيات 18مرة من سنة 1950 إلى سنة 2006 وتقدر مساحتها بنحو 120 ألف كيلو متر مربع. وأضافت أن إسكان العشوائيات يتنوع بين فوضوى وعشش وهامشى وغرف مستقلة ومقابر وقوارب ومساكن الايواء وجامعى القمامة، وتتوزع المناطق العشوائية على المحافظات ففى الدلتا تصل 30%. وفى جنوب الصعيد 16% و15% فى القاهرة مشيرة إلى أن القاهرة الكبرى هى أكبر المناطق التى يوجد بها ساكنو عشوائيات أما القليوبية فوصلت نسبة العشوائيات إلى 15 ضعفا وبالجيزة 7 أضعاف عن المناطق الأخرى فى باقى المحافظات، وقد تم عمل ثلاث خطط خمسية للتعامل مع ظاهرة العشوائيات ووصلت الاستثمارت إلى 3,1 مليار حتى 2007م وحصلت شبكة الصرف الصحى من تلك الخطة على 29% من حجم الانفاق وتلا شبكة الكهرباء بنسبة 15% وشبكة المياة 3,4% وتعانى العشوائيات من مشاكل عدة فى شبكة الصرف الصحى فتم تطوير 17% من إجمالى 58% تحتاج إلى تطوير ويوجد 21% لم يتم البدء فى تطويرهم. وذكرت الخبيرة بمركز الدراسات أن صندوق تطوير العشوائيات لة دور مهم فى رسم خريطة للعشوائيات. وقام بعمل تقارير تفيد بضرورة تخصيص 4مليارات جنيه للانتهاء من عملية تطوير المناطق العشوائية منها فقط 800مليون تخصص بشكل أساسى للمناطق العشوائية غير الآمنة وبعد الثورة قامت مبادرات حملة المليار يدعمها الفنان محمد صبحى والاعلامى عمرو الليثى بهدف توفير مساكن صديقة للبيئة شعارها «هدفنا ليس فقط بناء الحجر ولكن بناء البشر»، غير أن من أبرز ما يواجه تطوير العشوائيات هو نقص الاعتمادات وضعف المشاركة المجتمعية وغياب التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة ورفض السكان الانتقال من مكانهم وعدم وجود أراض بالمحافظة. وأكدت الدكتورة ملك فى نهاية كلمتها على ضرورة تدبير الاعتمادات المالية وتشجيع مساهمة القطاع المدنى والخاص لإنهاء تلك الظاهرة والتنسيق مع الجهات الحكومية لإنشاء سجل عينى بمعنى إعطاء رقم قومى لكل وحدة سكنية مما يسهل التعامل فيما يخص الملكيات ونصحت بضرورة وقف زخم العشوائيات بتشديد الرقابة وتسهيل امتلاك العقارات بتقديم قروض ميسرة بالاضافة الى التشجيع على تسجيل العقارات وخفض رسوم التسجيل والعمل بآليات منخفضة التكلفة. فى نفس السياق قالت الدكتورة منال شاهين المدير التنفيذى لصندوق تطوير العشوائيات ومدير عام متابعة مشروعات تطوير العشوائيات تحتاج تلك المناطق إلى تضافر الجهود للقضاء على المشكلة موضحة أن المناطق غير الآمنة لا تتعدى 1% وأن الصندوق استطاع تحقيق نجاح فى إنهاء مشكلة عشش زرزارة فى بورسعيد وأن 35 منطقة مهددة حتى 2010م على مستوى الجمهورية. أضافت: هناك عدد من البرامج الاجتماعية والاقتصادية التى يقوم بها الصندوق منها رفع صحة المرأة ومحو الامية والتدريب الحرفى وإصدار بطاقات الرقم القومى وخفض حرمان الاطفال فى المناطق العشوائية وعلاج الإدمان من خلال صندوق الإدمان وتشجيع الاقتراض والقروض وتشير د.منال إلى أن الإسكان غير الرسمى يصل إلى 80% من العمران، موضحة أن القوات المسلحة ساهمت فى بناء 3 آلاف وحدة سكنية سعيا لإنهاء العشوائيات. وعن الأسواق العشوائية فقالت شاهين إن هناك 233 ألف وحدة بيع على مستوى المحافظات يعمل بها مليون شخص ونصحت بالعمل على تطوير الأسواق جغرافيا عن طريق تسوير الموقع وجمع المخلفات وتحسين المنتجات والاقراض والادخار وأكدت أن الصندوق يعمل على إتباع سياسات عامة للتعامل مع المناطق غير الرسمية منها تقنين أوضاع المناطق السكنية مع عدم إلقاء أعباء مالية على الاقتصاد وتنفيذ برامج اجتماعية واقتصادية من شأنها الرفع من قدرة قاطنى العشوائيات والتوسع فى تشجيع الاقتصاد غير الرسمى لتوفير فرص عمل. وأشارت الدكتورة سعاد كامل رزق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة وعميد كلية الإدراة ونظم المعلومات بالجامعة الفرنسية بالقاهرة إلى أهمية الفصل بين الاقتصاد الرسمى والوحدات الاقتصادية والأصول العقارية وكذلك التمييز بين القطاع الرسمى والخاص وأسباب ظهور القطاع غير الحكومى واستمراره ونموه موضحة خطورة الدعوة إلى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى فى ظل الظروف الحالية لمصر وقد قام الجهاز المركزى للمحاسبات بعمل إحصاء يقول إن فى الربع الأخير من 2011 زادت نسبة المتعطلين عن العمل بنسبة 4,2% . وأشارت د.سحر الطويلة مدير مركز العقد الاجتماعى إلى ضرورة وجود استراتيجية يساندها تشريع لتشجيع الاقتصاد غير الرسمى مطالبة تدعيم أصحاب الاعمال من خلال اعفائهم تماما من الضرائب وفتح ملف استخدامات أراضى الدولة وتعديل التشريعات الخاصة بذلك. وطالب الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق بضرورة منع الهجرة من الريف إلى المدن لتخفيف الأعباء عن محافظة القاهرة وأضاف أننا لا يمكن أن نتجاهل الوضع المأساوى والكارثى والحل الأمثل هو عمل مشروعات قومية تحقق معدلات تمتص طاقة الشباب فلدينا النمور الأسيوية وتضم أندونيسيا وكوريا والفلبين ثم تأتى تجربة الهند موضحاً تأييده لفرض ضريبة العقارات التى تعادل ضريبة العوائد. وأكد اللواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء ضرورة دفع المخاطر عن نمو الاقتصاد المصرى ورفع مستوى العاملين فى القطاع غير الرسمى مشيرة إلى أن الاحصائيات أثبتت أن 80%من الأنشطة الاقتصادية تتركز فى القاهرة والاسكندرية وأن البنك المركزى له دور فى حصر المشروعات الصغيرة والمتوسطة بل وقيامه بزيادة نسبة الاقراض وآخر إحصاء كانت نتيجته أن 57%من عمليات الاقراض سنة 2010 كانت خارج المنشات الحكومية.