إذا كانت برامج التوك شو والصحف «إياها» تتلذذ عندما تزايد على وطنية المجلس العسكرى والحكومة والقضاء بسبب سفر 14 أمريكيا وادعاء تلك البرامج أن مؤسسات الدولة باعت الوطن بثمن بخس، أقول إذا كانت تلك الأقلام والبرامج تروج هذا الكلام بغرض تشويه صورة المجلس العسكرى والقضاء فهذا يعد الكذب بعينه، ويجب أن تحاكم تلك الصحف والفضائيات بتهمة الغباء السياسى، مثلما فعل الرئيس السادات مع مراكز القوى التى أرادت توريط مصر فى حرب مع العدو الصهيونى بعد هزيمة 67، والتى وصفها الأستاذ هيكل آنذاك بأنها كانت نكسة، ولم يشر من قريب أو بعيد بأنها كانت هزيمة ثقيلة لنظام عبدالناصر بسبب ترويجه لشعارات براقة «دغدغت» مشاعر المصريين من عيّنة «سأحارب إسرائيل وما وراء إسرائيل».. وعندما ذهبت السكرة وجاءت الفكرة استيقظ عبدالناصر من الحلم ليجد إسرائيل وقد احتلت 4 دول عربية، وضاعت مصلحة مصر العليا وقتها ، وبعدها جاء السادات ليسترد سيناء بدماء مائة ألف شهيد والآن يخشى المصريون تكرار نفس السيناريو بسبب منظمات المجتمع المدنى المشبوهة فما أشبه الليلة بالبارحة.........ولكن لأن قيادات المجلس العسكرى، وباقى قيادات الفرق والألوية بالقوات المسلحة تعرف مصلحة البلاد جيداً فقد أطمأنت قلوب المصريين جميعا بعد أن أكد المشير طنطاوى فى كلمته أمام قادة وضباط وجنود المنطقة المركزية العسكرية مؤخرا أن المجلس يضع مصلحة مصر فوق أى اعتبار، هذا لكونه المسئول أمام الله والوطن والتاريخ عن حماية الأمن القومى المصرى من أية عدائيات، وأنه إذا حدث مكروه - لا قدر الله - سيكون المشير طنطاوى ورفاقه فى وجه المدفع، أما تلك الأقلام التى تزايد وتتعمد ركوب الموجه لنفاق الثورة والثوار فلن يكون لها وجود إلا على شواطئ مارسيليا وفنادق بنسلفانيا ومنتجعات سويسرا. ولأن ركوب الموجه أو الصيد فى الماء العكر أصبح موضة هذه الأيام، فقد قررت أكتوبر الانتظار حتى هدوء العاصفة لتكتب من خلال المصادر الخاصة وخبراء الاستراتيجية والأمن القومى عن حيثيات خروج ال 14 أمريكياً الذين تم إلقاء القبض عليهم فى قضية التمويل الأجنبى، وأسرار الصفقة التى لم يعلن عنها المجلس العسكرى، مع التأكيد بأن هذا التحقيق ليس بغرض الترويج أو الدفاع عن جهة معينة ولكنه لمصلحة الوطن والقارئ على حد سواء، وإن كان ولاؤنا للقوات المسلحة الباسلة تهمة لا ننكرها، وشرف لا ندعيه لأن تلك القوات هى مكونات جيش مصر العظيم. وقبل الحديث عن أسرار تلك الصفقة لابد من التأكيد على أن معظم منظمات المجتمع المدنى الحكومية وغير الحكومية العاملة فى مصر على علاقة وثيقة بأجهزة الاستخبارات العالمية، مع التأكيد بأن تلك المنظمات - خاصة الأمريكية منها - تنفذ مخططات وأجندات خارجية لتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات مثلما حدث مؤخراً فى جنوب السودان، ويحدث الآن فى شرق ليبيا، حيث أسس شيوخ القبائل هناك مجلساً فيدراليا برئاسة الشريف أحمد السنوسى ليتولى شئون المنطقة الواقعة من سرت شمالاً وحتى برقة وجغبوب جنوباً كمقدمة طبيعية لتشكيل دولة وليدة على الحدود المصرية، لتمتد خريطة التقسيم إلى جنوب اليمن والعراق وشمال سوريا، وهى نفس الخطة التى باركها الكونجرس الأمريكى ويقوم على تنفيذها جهاز ال CIA الأمريكى من عام 1937 وحتى كتابة هذه السطور.. الوقف الوطنى ولا يخفى على أحد أن مؤسسة الوقف الوطنى للديمقراطية تمول - من خلال مقرها فى أمريكا - منظمات المجتمع المدنى التابعة للمعهدين الديمقراطى والجمهورى ومؤسستى فولبرايت وفريدوم هاوس العاملتين فى مصر بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات العالمية وعلى رأسها - كما ذكرت - ال CIA مطبخ القرارات الأمريكية والذى بارك خطة عوريض بن يون مدير مكتب مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، والتى يدعو فيها - كما يقول الخبير الاستراتيجى الكبير اللواء حسام سويلم - إلى احتلال سيناء، وقناة السويس وتقسيم مصر إلى 3 دويلات، والسيطرة على مدن القناة الثلاث، حتى لا تقوم لمصر قائمة، بعد حرمانها من العملة الصعبة، وعزلها عن العالم الخارجى، وتحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل للفرات. ومع أن المخابرات العامة والحربية والأمن الوطنى وباقى الأجهزة الرقابية الأخرى كانت تعلم مسبقاً أن الأموال التى تقوم بتوزيعها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على منظمات المجتمع المدنى ليست لوجه الله والوطن أو أنها ليست صدقة جارية على أرواح رؤساء أمريكا أمثال جورج واشنطن وروزفلت وإيزنهاور وكيندى فإن قضاة التحقيق فى قضية التمويل الأجنبى اكتشفوا مستندات خطيرة مفادها أن تلك المنظمات على علاقة وثيقة بقيادات فى الكونجرس والبنتاجون والموساد، وأن الأموال التى يتم ضخها لتلك المنظمات بغرض إشاعة الفوضى، وكسر إرادة الدول الواعدة وخلق قضايا خلافية للتدخل فى شئون البلاد الداخلية بحجة مراقبة الانتخابات، وحقوق الإنسان، وتعذيب السجناء، والأقليات ومشاكل الأقباط وأبناء النوبة وسيناء. سر الصفقة وفى تعليقه على الخروج المفاجئ ل 14 أمريكياً، وسر الصفقة التى لم يعلن عنها المجلس العسكرى قال الخبير الاستراتيجى اللواء حسام سويلم: قبل الحديث عن خروج ال 14 هلفوتاً أمريكياً - على حد وصفه - وسر الصفقة التى لم يعلن عنها المجلس لابد من تذكير القارئ بأنه ثبت من خلال الوقائع الثابتة والفيديوهات المسجلة أن تلك المنظمات على علاقة وثيقة بأجهزة الاستخبارات العالمية، وأنها تدعو من خلال عناصرها للاعتصام والعصيان المدنى لإسقاط الدولة وشل يد الحكومة والتمهيد لثورة جياع كما حدث فى دعوة العصيان الفاشلة التى دعت إليها حركة 6 أبريل فى الأول من فبراير الماضى، مع التأكيد بأن عناصر تلك الحركة وغيرها من الحركات على علاقة وثيقة بمؤسسة فريدوم هاوس التى يتزعمها اليهودى الصهيونى جورج سورس صاحب نظرية تغيير الأنظمة الحاكمة والشرق الأوسط الجديد وتقسيم المنطقة إلى دويلات لصالح إسرائيل، حيث تدربت تلك العناصر فى المعهد الديمقراطى، والمعهد الجمهورى الأمريكى على فن الصدام مع الجيش والاشتباك مع عناصر الشرطة المدنية، والحصول على دورات وبرامج مكثفة فى أوكرانيا وصربيا وجورجيا والأردن وقطر فى فنون التحريض، والتظاهر، وخلط الأوراق، والقيام بمليونيات لإشاعة الفوضى والتشكيك فى مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء، والقوات المسلحة والإعلام والداخلية وتشويه صورة الرموز الوطنية. وتأكيداً لسير الأحداث فى قضية التمويل الأجنبى وحرصاً على مصلحة مصر العليا فقد كلف المستشار عادل عبدالحميد - وزير العدل - بعد الاطلاع على تقارير المخابرات العامة والأمن الوطنى، والأموال العامة قضاة التحقيق بالتفتيش القضائى على مقرات تلك المنظمات، الذين عثروا - كما يقول اللواء حسام - على أوراق ومستندات خطيرة، كشفت بالصوت والصورة عناصر الطرف الثالث أو اللهو الخفى الذين يتقاضون أموالاً من أمريكا وإيران، وبلدان أخرى معروفة بالاسم.. وقد أجابت الوثائق عن السؤال الذى شغل الرأى العام كثيراً وهو من الذى يدفع؟ ومن الذى يقبض؟ ومن الذى يبيع الوطن بثمن بخس مقابل دولارات أو دراهم أو جنيهات معدودة؟ ومن هم تجار الشعارات الذى يتزلفون على أبواب السفارة الأمريكية؟ ومن الذين يقدمون القرابين لمن يدفع أكثر؟، مشيراً إلى أن حملة تفتيش مكاتب منظمات المجتمع المدنى الأمريكية والمصرية قد حققت أهدافها وكشفت عن أسماء ورموز كبيرة ستكون مفاجأة للجميع بعد انتهاء التحقيقات. أما فيما يتعلق بسفر الأمريكيين فييرجح اللواء حسام سويلم أن هذا تم من خلال صفقة كبيرة لصالح مصر، ولصالح القوات المسلحة، إذ ليس من المعقول أن يتم سفر الأمريكيين مجانًا خاصة أن المشير طنطاوى قال لأوباما فى كلمات قاطعة أن مصر لن يحكمها إلا المصريون، وأن رئيس مصر القادم لن يتم اختياره إلا بإرادة شعبية خالصة. الطريق المسدود ومع أن اللواء حسام سويلم لا يدعى أنه اطلع على أسرار تلك الصفقة أو الوقوف على أبعادها، فإنه يدعو إلى إعمال العقل قليلاً ويؤكد أن تلك الصفقة سدت الطريق على هيلارى كلينتون والتى هددت بقطع ال 1.3 مليار دولار قيمة المعونة العسكرية لمصر وهدأت من روع آن باترسون السفيرة الأمريكية فى القاهرة. وأضاف سويلم بأن المشكلة ليست فى قيمة المعونة، ولكن فى الأغراض التى تحققها، حيث تنفق فى أغراض عسكرية بحتة، وعلى رأسها تجديد وإصلاح وصيانة الطائرات المقاتلة والقاذفة والفرقاطات والقطع البحرية، ومعدات الدفاع الجوى والدبابات والرادارات، وأسرار صناعة بعض الأسلحة الخاصة والذكية التى لا تملكها إلا الجيوش المتقدمة وعلى رأسها الجيش الأمريكى، هذا بالإضافة إلى الصفقات السرية والعلنية التى يمكن إبرامها بين القوات المسلحة المصرية وهيئة الجيوش الأمريكية. وفى ذات السياق يتساءل الخبير الاستراتيجى اللواء حسام سويلم: هل فى مصلحة مصر عندما تقطع المعونة أن تظل الطائرات المقاتلة رابضة على الأرض لا تحرك ساكناً أو تظل عاجزة عن الإقلاع فى حالة عدم توافر قطع الغيار، وهل فى مصلحة مصر أيضاً أن يتم تعتيم الرادارات لتقف تلك الأجهزة عاجزة عن كشف العدائيات أو المقاتلات المعادية والتى تتربص بنا من كل جانب؟، وهل من مصلحة مصر أيضاً أن تظل القطع البحرية والأسلحة والذخائر الذكية اللازمة للمقاتلات الجوية متعلقة ب 14 «هلفوتاً» أمريكياً. ودعا اللواء سويلم الذين يهاجمون المجلس العسكرى والحكومة والقضاء والوزيرة القديرة فايزة أبوالنجا بالحق والباطل أن ينظروا لمصلحة مصر أولاً، ويضعوا فى عين الاعتبار الدور الذى تلعبه أمريكا فى المنطقة والعالم خاصة أن سفر الأمريكيين، مسألة تخص القضاء المصرى الشامخ، وأن ترحيلهم يتوافق مع نصوص الدستور ومبادئ القانون كما قال المستشار مجدى عبدالبارى القاضى الذى أمر بترحيلهم، والأخطر من ذلك وجود اتفاقيات دولية تنص على عدم محاكمة الأمريكيين خارج الأراضى الأمريكية، وقد تم إبرام تلك الاتفاقيات فى وقت سابق بين أمريكا وأغلب دول العالم وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبى، وأعتقد أن مصر دخلت طرفاً فى هذه الاتفاقية فى السنوات العشر الأخيرة، وبالتالى فمن المتوقع أن يكون تسليم العميل عمر عفيفى ضابط الشرطة السابق على رأس قائمة المطلوبين بعد سفر الأمريكيين. ويوجه اللواء حسام سويلم رسالة إلى الذين يصطادون فى الماء العكر قائلاً لهم: إن السيادة المصرية مصانة، ولا يمكن تدنيسها بمقاتلات أمريكية أو قواعد أو جواسيس، والدليل ما صرح به المهندس حسين مسعود وزير الطيران المدنى والذى قال صراحة إن سلطات الأمن فى المطار منعت الضباط الأمريكيين المرافقين للطائرة من النزول إلى أرض المطار ولم تحقق لهم رغبتهم بالذهاب إلى السفارة الأمريكية، أو ملازمة ال 14 أمريكيا فى عملية الخروج. دول الخليج ومع أن أمريكا تروج لنظرية العولمة للسيطرة على دول العالم عسكرياً واقتصادياً وثقافياً، ونجاح تلك النظرية فى إقامة قواعد عسكرية لها فى أوروبا وآسيا ودول الخليج، ومنها بالطبع قطر التى يوجد بها قواعد أمريكية عدة وعلى رأسها العيديد والسيلية والتى تضم أكثر من 150 ألف جندى أمريكى. أقول - والكلام على لسان اللواء سويلم - فإن أمريكا بجلالة قدرها فشلت فى إقامة قاعدة عسكرية واحدة على الأرض المصرية، وهذا الفشل يعد من الأسباب الرئيسية لتوتر العلاقات بين القاهرةوواشنطن أيام الرئيس السابق مبارك والرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش أيضاً حيث طلب الرئيس الأمريكى من الرئيس مبارك أيام غزو العراق إقامة قاعدة جوية أمريكية فى «رأس بناس» على شواطئ البحر الأحمر لتضرب منها المقاتلات الأمريكية الأهداف الحيوية فى العراق، وغيرها من الدول المارقة التى أطلقوا عليها آنذاك «محور الشر» وعندما رفض الرئيس السابق مبارك طلبوا أن تعبر السفن والفرقاطات والأساطيل الأمريكية من قناة السويس مجاناً، وقبل هذا وذاك رفضت الإدارة المصرية الطلب الأمريكى أيضاً إرسال قوات عسكرية مصرية لمساندة قوات الناتو فى أفغانستان، وعندما رفض مبارك أدركت أمريكا الدور المحورى الذى تلعبه مصر فى المنطقة، وأنها لن تستطيع اختراق الأمن القومى المصرى عن طريق القواعد العسكرية مثلما فعلت مع أمراء الخليج فقررت اختراقه عن طريق عملاء أمريكا فى مصر وبعض منظمات المجتمع المدنى غير الحكومية بدعوى دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. ومن هنا هددت الإدارة الأمريكية وعلى رأسها هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية وفيكتوريا لاند المتحدثة باسم الخارجية، وجون ماكين رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى بقطع المعونة العسكرية عن مصر فى حالة منع الأمريكيين من السفر، وتوالت تصريحات التهديد على أساس أن مصر تمر الآن بمرحلة حرجة لتوقف عجلة الإنتاج والوقفات والاعتصامات، وتراجع الاحتياطى من النقد الأجنبى، وزيادة الاحتجاجات الفئوية والانفلات الأمنى. ولم تكتف الإدارة الأمريكية بالتهديد بقطع المعونة العسكرية فحسب، ولكنها تحركت على المستوى الدولى، وأوعزت إلى دول الاتحاد الأوروبى بعدم استيراد الحاصلات الزراعية وعلى رأسها البطاطس والبرتقال مما يسبب تراجعاً مضاعفاً فى عجلة الاقتصاد ومعدلات النمو. الأشقاء العرب ومن مظاهر الضغط على «الإرادة» المصرية أيضاً ضغط أمريكا على الأشقاء العرب - كما قال د.كمال الجنزورى - حيث عاتب مؤخراً السعودية ودول الخليج الذين وعدوا فى وقت سابق بتقديم مساعدات لدعم اقتصاد مصر بعد الثورة، ولكن هذه الوعود تبخرت فى الهواء، وقيل وقتها إن أمريكا مارست ضغوطاً مكثفة على تلك الدول لعدم منح مصر أى أموال لأنها استشعرت خطورة الإرادة المصرية بعد الثورة على مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية، والمصرية الأمريكية، وهو ما جعل تلك الوعود محلك سر. والمشكلة - على حد تعبير اللواء سويلم- أن أمريكا لن تنسى أنها دولة عظمى، ولا يستبعد أن توعز لحليفتها إسرائيل بخطورة الموقف فى سيناء على غير الحقيقة، وتقوم بتمويلها ومساندتها بالمال والسلاح، والوقوف بجانبها بكل قوة بالهجوم على الأراضى المصرية بحجة تهديد الأمن القومى الإسرائيلى، ومع أن القوات المسلحة المصرية قادرة على ردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على أرض الوطن سواء كانت إسرائيل أو غيرها، كما أنها قادرة وبكل قوة على حماية سماء الوطن فى أى وقت من ليل أو نهار، ولكن ومع هذا فمن الأفضل أن يتم التفرغ لبناء مؤسسات الدولة ودعم الاقتصاد بدلاً من الدخول فى صراعات وحروب لا طائل من ورائها مع إسرائيل وأمريكا بسبب 14 هلفوتاً - كما يقول اللواء سويلم - ومن هنا فقد قررت الإدارة المصرية أن تربأ بنفسها -فيما يبدو- بعدم جرها لمشاكل لا محل لها من الإعراب.. وبات واضحًا أن الإدارة المصرية تعى دروس التاريخ جيدًا؛ فعندما احتجزت إيران 300 أمريكى لمدة 400 يوم تقريباً، تم إطلاق سراحهم بعدها فى صفقة مشابهة، ولكنها أوعزت لصدام حسين بالهجوم على إيران وأمدته بالمال والسلاح بعد أن حركت الأحداث على مسرح العرائس، وانتهت حرب الخليج الأولى حيث أنهك صدام حسين قوته ليكون لقمة سائغة لقوات التحالف فيما بعد وزوال خطر العراق الذى كان يمثل البوابة الشرقية للأمن القومى العربى. ويتابع اللواء سويلم قائلاً: أنا لا تهمنى محاكمة الأمريكان فى شىء، فقد دفعوا الكفالة بشيك مقبول الدفع بإجمالى مبلغ 30 مليون جنيه تقريباً فى حين لو تمت محاكمتهم لن يسجن الواحد منهم أكثر من 6 أشهر و500 جنيه غرامة، مضيفاً أن كل ما يهمنى هم المصريون العملاء الذين كانوا يقبضون ويحرضون، ويدعون للصدام مع قوات الشرطة والجيش.. ما يهمنى هى تلك الأوراق والمستندات التى وقعت تحت يد قضاة التحقيق، والتى كشفت عن أسماء ورموز تدعى ليل نهار أنها تعمل لصالح مصر وقد تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بنشر حقائق مذهلة بعد تسليم السلطة فى 30 يونيو، حتى يعرف أبناء هذا الشعب من يعمل لصالح مصر؟ ومن يسعى لبيعها بدراهم معدودة؟.. وفى ذات السياق لا يستبعد اللواء حسام سويلم امتداد الصفقة إلى الجوانب الاقتصادية حيث يرى من وجهة نظره الخاصة، وتأكيداً لما نشرته «النيويورك تايمز» من أن الإدارة الأمريكية قررت - بدعم من الكونجرس الأمريكى ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون - وجون ماكين منح الحكومة المصرية ما يوازى 10.8 مليار دولار فى شكل قروض ومعونات ومنح واستثمارات. ومع أن الإدارة الأمريكية رفضت ربط المعونات والتسهيلات بالصفقة، إلا ان هناك معلومات مؤكدة تم تداولها مؤخراً بأن أمريكا وعدت مصر بمِنَح وقروض عاجلة تجاوزت ال 50 مليار جنيه عبارة عن 3.5 مليار دولار من السعودية و4 مليارات من قطر و3 مليارات من الإمارات، بالإضافة إلى 1.3 مليار دولار معونات عسكرية مع منح الإدارة المصرية قروضاً ميسرة بنحو 3.4 مليار من صندوق النقد الدولى ومليار دولار من البنك الدولى، ونصف مليار من بنك التنمية الأفريقى. وبعيداً عن قضية سفر الأمريكيين حذر اللواء حسام سويلم من مخطط تقسيم الدول العربية إلى دويلات والذى ظهرت بوادره بعد إعلان الشريف أحمد السنوسى فى ليبيا عن تأسيس دويلة جديدة على الحدود المصرية تمتد من سرت شمالاً وحتى جغبوب وبرقة جنوباً، ويعد هذا جزءاً من المخطط الذى وضعه الجنرال اليهودى جابتونسكى عام 1937 ووافقت عليه الإدارة الأمريكية وأطلقت عليه «الكومنولث العبرى» وفيه تكون إسرائيل قوة إقليمية عظمى تدور فى فلكها الدول العربية بعد تقسيمها إلى دويلات لا تسمن ولا تغنى من جوع. الجولان ولبنان واستمرارا لمسلسل التقسيم لصالح إسرائيل أنه بعد حرب أكتوبر العظيمة، وبالتحديد عام 74 ظهر مخطط آخر كان فى أدراج عوريض بن يون مدير مكتب مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق وسيتم تنفيذه تباعا بعد احتلال إسرائيل لجنوب لبنان والاحتفاظ بالجولان، وإعادة احتلال سيناء والدفع بقوات هائلة لاقتحام قناة السويس، واحتلال مدن القناة الثلاث، وهو ما تم التمهيد له مؤخراً بظهور جماعات الجهاد، وإعلان العريش إمارة إسلامية فى سيناء لتكون مركزاً لتنظيم القاعدة بدعم من حزب الله وحماس لإثارة القلاقل فى مصر، بالإضافة إلى تهديد بعض الجماعات والحركات العميلة باحتلال ميناء بورتوفيق ووقف الملاحة فى القناة، وهو المخطط الذى تصدت له القوات المسلحة التى يريدون النيل من سمعتها، وتشويه رموزها، وإحداث وقيعة بينها وبين الشعب والتطاول على قيادات المجلس الأعلى مثلما فعل مؤخراً النائب زياد العليمى، والذى يتم التحقيق معه حالياً، حتى لا يتكرر مثل هذا التطاول المقصود. ويتابع لواء سويلم قائلاً: إن المنظمات العاملة فى مصر تنفذ وبكل دقة مخطط «برنارد لويس» لتقسيم العالم العربى إلى دويلات أو كانتونات بإسقاط الجيوش العربية وتفكيك مفاصل الدولة بالدعوة إلى الاعتصامات والمليونيات والاحتجاجات الفئوية وقطع الطرق، وإشاعة الفوضى مع العلم بأن عناصر تلك المنظمات بأوامر وتعليمات من قيادات الموساد وال CIA وما خفى كان أعظم. لعبة المصالح وعن رأيه فى سفر المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى أشار الخبير الاستراتيجى اللواء أحمد عبد الحليم إن كل دولة مسئولة عما تراه مناسباً لتحقيق مصالحها ومصالح شعبها، وإذا كانت الصفقات مقبولة فى العلاقات التجارية فإنها فيما يبدو غير مقبولة فى العلاقات الدولية لأنها قائمة على المصالح المشتركة والمتبادلة بين الدول، وكما قلت يجب على أى دولة مراعاة مصالح بلادها وشعوبها، وأعتقد - والكلام للواء أحمد عبد الحليم - أن قضية التمويل الأجنبى منظورة أمام القضاء، وأن سفر الأمريكيين جاء بناء على قرار من القاضى ومن هنا - فأعتقد أيضاً - أن المجلس العسكرى برىء من قرار السفر. ويتابع اللواء عبدالحليم قائلاً: يجب ألا نتوقف عند هذه النقطة كثيراً، مع التأكيد بأن السهام التى توجه لصدر المجلس العسكرى حالياً لن تثنيه عن الجدول الزمنى الذى تم تحديده ووافق عليه الشعب العظيم فى استفتاء مارس 2011 بأغلبية اقتربت من 80%. أما بالنسبة للمعونة فإنها لا تمثل شيئاً بالنسبة للإرادة المصرية، ولكننا نؤمن بمبدأ «شىء أفضل من لا شىء»، وأتذكر - كما يقول اللواء عبد الحليم - أنه فى عام 92، عندما كان عمرو موسى وزيراً للخارجية هددت الإدارة الأمريكية بقطع المعونة عندها قام عمرو موسى - وهذه شهادة لله والتاريخ - وقال: المعونة لا تلزمنا فى شىء مع العلم بأن أمريكا لن تستطيع قطعها لأنها تصب فى صالح أمريكا وإسرائيل مثلما تصب فى صالح مصر. وعن المعونة العسكرية قال اللواء أحمد عبدالحليم: إذا لزم الأمر أو تأزمت الأمور يمكن الاستغناء عنها بالتدريج مع التأكيد بأن القوات المسلحة المصرية تؤمن بتنوع مصادر السلاح مع امتلاك القوات المسلحة المصرية لقدرات جبارة من العقول والخبرات والصناعات الحربية التى يعترف بها العدو قبل الصديق، كما أنها تمتلك قيادات وطنية واعية تجبر أى منصف أن يضرب لها تعظيم سلام.