مباشر من عرفات.. الحجاج المصريون بخير وفى انتظار النفرة للمزدلفة.. فيديو    خطأ شائع عند شوي اللحوم على الفحم.. يسبب السرطان    بايدن يهنئ رامافوسا على الولاية الثانية لرئاسة جنوب أفريقيا    يورو 2024.. تشاكا أفضل لاعب فى مباراة سويسرا والمجر    اعرف موعد صلاة العيد 2024 في المغرب وساحات المساجد المختلفة    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    محمد صلاح يجتفل اليوم بعيد ميلاده .. تعرف على محطات الملك المصرى من البداية للنهاية    في ثالث مراحل تنقلاتهم داخل المشاعر.. الحُجاج يتأهبون للنفرة من عرفات إلى مزدلفة    ما هي قصة رمي الجمرات بين سيدنا إبراهيم والشيطان؟    طقس مطروح معتدل على الشواطئ مع أجواء صافية والحرارة العظمى 32 درجة.. فيديو    كريم عبد العزيز وأحمد فهمي وفيدرا ورزان مغربى أبرز ضيوف شرف ولاد رزق 3    فصائل فلسطينية: إسقاط مسيرة إسرائيلية خلال تنفيذها مهام استخباراتية بخان يونس    شاهد محمد رمضان يطرح أغنيته الجديدة «مافيش كده» (فيديو)    موعد أذان المغرب يوم عرفة 2024    ما حكم صيام يوم العيد؟.. احذر هذا الفعل    بمناسبة عيد الأضحى.. مستشفيات جامعة القاهرة تعلن حالة الطوارىء    حياة كريمة في أسوان.. قافلة طبية تقدم خدماتها ل821 مواطنا بقرية الإيمان    9 خطوات لتبريد المنزل بدون تكييف في الموجة الحارة    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    «الرصيف العائم» ينفصل عن الشاطئ للمرة الثانية!    وفد الكنيسة الكاثوليكية بشرم الشيخ يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    وزير الرياضة: فتح مراكز الشباب بالمجان أمام المواطنين خلال العيد    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    الغرف العربية: 3 تريليونات دولار مساهمة القطاع الخاص العربي في الناتج المحلي الإجمالي    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    ما أفضل وقت لاستجابة الدعاء في يوم عرفة؟.. «الإفتاء» تحددها    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلمان الثورة فى العيادة النفسية
نشر في أكتوبر يوم 11 - 03 - 2012

شهدت جلسات مجلس الشعب مواقف كثيرة عكست التباين الشديد فى تركيبة النواب الذين ينتمى أغلبهم للتيار الإسلامى، بينما تتمثل الأقلية فى الليبراليين وشباب الثورة، «أكتوبر» التقت نخبة من خبراء علم النفس لتحليل آراء النواب وتركيباتهم النفسية المختلفة الذين أجمعوا على أن نواب حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين والذين يشكلون الأغلبية هم الأكثر هدوءاً واتزاناً نفسيًا لخبراتهم الطويلة فى الحقل السياسى، فضلاً عن رغبتهم فى الحفاظ على مكانتهم فى أول برلمان مصرى بعد الثورة، بينما أعضاء حزب النور «السلفى» مندفعون ومتعصبون نتيجة نقص الخبرة السياسية، أما الأقلية المحسوبة على الليبراليين فيلجأون إلى الصوت العالى لإثبات وجودهم وهى طريقة متعارف عليها فى البرلمانات العالمية ولعبة سياسية تؤتى بنتائج....فى البداية يقول الدكتور أحمد شوقى العقباوى أستاذ الطب النفسى: إن ما نشاهده عبر شاشات التليفزيون من سلوكيات أعضاء البرلمان شىء طبيعى فى كل برلمانات العالم سواء خناقات أو أصوات عالية ومن يطلب الكلمة لمجرد أن يسمع نفسه أو يريد أن يشاهده الناخبون من أبناء دائرته. وبالنظر إلى تركيبة البرلمان نجد من خلال الشرائح الثلاث وهى الأغلبية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين يليها حزب النور السلفى ويمثلان 75% من قوة البرلمان ثم الكتلة الثالثة وهم الأقلية من غير المنتمين للتيار الإسلامى وبالتالى تعد تركيبة البرلمان جيدة. فوجود أغلبية مع أقلية نشيطة يجعل للبرلمان قيمة وحيوية. ثم أن سلوك رئيس البرلمان د.محمد سعد الكتاتنى جيد جداً وقادر على ضبط إدارة الجلسات لحد كبير، فمثلاً عندما قام النائب ممدوح إسماعيل بالأذان تصرف معه تصرفًا طبيعيًا من الناحية السلوكية وألغى فكرة المزايدات فى الدين، أيضاً واقعة القسم التى تلاها بعض أعضاء حزب النور. وأنا شخصياً متوقع نتائج جيدة من البرلمان لو تجاوز المرحلة الحالية.
وللتغلب على حالة الإحباط الشديد والالتباس الذى يسيطر على كل قطاعات المجتمع أكد د. شوقى العقباوى أن هذا هو دور الحكومة القادمة بالقيام بإجراءات وإصلاحات لكسب ثقة الشعب، مطالباً رئيس الجمهورية الجديد بعمل توازنات بين السلطات الثلاث والفصل بينها.
وفيما يتعلق بالتفسير النفسى للاختلافات والتباين فى أداء النواب ما بين هدوء الإخوان وتشدد السلفيين والصوت العالى للأقلية قال العقباوى: إن الإخوان المسلمين يلعبون سياسة منذ 80 عاماً ولديهم ذكاء سياسى وبالتالى فهم يشعرون بقوتهم لذا فلا يعلو صوتهم لأنهم فى النهاية قادرون على حسم أى شىء يطرح للتصويت، أما بالنسبة لأداء أعضاء حزب النور فليس لهم خبرة سياسية ودائماً كلام نوابه خارج الواقع، حيث يتحدثون عن أمور غير واقعية تعود إلى 200 أو 300 عام، أما الأقلية من غير المنتمين للتيار الإسلامى فيشعرون بأنهم أقلية وبالتالى يريدون أن يكسبوا موقع قدم مع الأغلبية وهذا ما يفسر لماذا أصواتهم زاعقة أو عالية.. ومن المنظور النفسى هذا دليل على قوة البرلمان، حيث توجد كتلتان قويتان فى طرح موضوعاتهما والنقاش يكون عقلانيًا ولا توجد سيطرة من الأغلبية؛ وإجمالاً واضح أن تصرفات الإخوان تتسم بالتعقل الشديد.
خلل نفسى
وحول ثمة رابط بين دخول بعض من أعضاء البرلمان السجون والمعتقلات وحدوث خلل نفسى على أدائهم قال العقباوى: لايوجد سبب لحدوث خلل نفسى فى أدائهم لأنهم أشخاص عقائديون بمعنى أنهم لم يدخلوا السجون والمعتقلات فى جرائم سرقة مثلا بل دخلوها لأنهم يؤمنون بشىء استقر فى نفسياتهم ومستعدون لدفع الضريبة عن الإيمان بهذا الشىء، صحيح هم عذبوا فى المعتقلات وعانوا لسنوات طويلة بالسجون إلا أنهم يعتبرون ذلك جزءًا من رسالتهم، وبالعكس أرى من الناحية النفسية أنهم يتميزون بالصلابة ولم يؤثر ذلك فى نفسيتهم ولكن من الممكن أنهم يعيشون حالياً مرحلة زهو الانتصار ويشعرون بوزنهم فى المجتمع والحياة السياسية ويمارسون سياسة لأول مرة فى تاريخهم ومن خلال البرلمان وليس كما كانوا جماعات محظورة. بل عن طرق معترف بها ويكفيهم أنهم حصدوا الأغلبية عن طريق انتخابات نزيهة.
وتساءل البعض حول وجود ضغط نفسى على أداء النواب تحت قبة البرلمان بسبب حالة الإحباط الموجودة فى الشارع والآمال الكبيرة المعقودة عليهم؟.
قال د.العقباوى: إن هذا العامل يؤدى إلى الإسراع فى مناقشة القضايا الأساسية المهمة والملحة للشعب وبالتالى هناك شعور بأنهم من الممكن ألا يقبلوا شيئًا وأن جلسات البرلمان تحولت إلى «مكلمة» وأننا بحاجة إلى إجراءات فعلية، وإن كنت أرى أن حالة الإحباط من المواطنين بها تسرع. ولكن يتصور أنهم خلال الجلسات المقبلة سيقومون بأعمال برلمانية جليلة وإصدار قرارات لصالح الشعب وهو ما يتضح فى قضية الدستور، حيث يوجد اتفاق حتى مع الكتلة الإسلامية ذات الأغلبية بأن البرلمان لا يعكس الأيديولوجية الخاصة بالإسلاميين فى الدستور وأنه سيكون بالتوافق.
وفيما يتعلق برأى النائب مصطفى بكرى فى إحدى الجلسات بأنه توجد حالة «غِل» اجتماعى داخل البرلمان بين أعضائه.
قال العقباوى: المشكلة تعود لأيام السادات عندما تولى الحكم عام 1971، حيث نسف تماماً التوجه الاشتراكى وفكرة الطبقات المتعارف عليها بالمجتمعات بين الأغنياء ومتوسطى الدخل والفقراء، أما الناصريون واليساريون فيرون أن الصراع الطبقى يحدد الكثير من مظاهر السياسة. وجاء السادات وأخرج نظرية جديدة هى السلام الاجتماعى بمعنى أنه لا يوجد صراع طبقى كنوع من التعمية لأنه أخذ قرارًا بتحويل الاقتصاد إلى رأسمالى حر ومفتوح، وفى ال 50 سنة الماضية ازداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً وطوال حقبة مبارك (30 عامًا) توحشت الرأسمالية وعانى الفقراء كثيرًا فالذى كان فقيراً أصبح معدوماً وتآكلت الطبقة الوسطى وبدأت تدخل فى رحاب الفقراء.
وحول بث جلسات مجلس الشعب على الهواء مباشرة ورفض أعضاء البرلمان قرار د.سعد الكتاتنى رئيس المجلس بوقف بث الجلسات هل له علاقة بالناحية النفسية لأداء النواب؟
قال د. العقباوى: إن بث الجلسات فى التليفزيون يمكن أن يؤثر نفسياً على أداء النواب مما حول أداءهم للاستعراض والشو الإعلامى لكن فى ذات الوقت بث الجلسات ضرورى لأنه على الأقل يعد نوعًا من المراقبة الشعبية القوية لأداء النواب، صحيح سيمر بمرحلة بها استعراض و«شو» ولكن هذه المرحلة ستنتهى ويستقر النواب نفسياً ويلعبون أدوارهم كنواب بشكل صحيح.
صراعات شخصية
أما الدكتور سيد صبحى أستاذ الصحة النفسية وعميد كلية التربية النوعية الأسبق ومقرر شعبة الرعاية الاجتماعية بالمجالس القومية المتخصصة، فيرى أن البرلمان منظومة خطط لها وأعدت بطريقة معينة وتكون تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن عندما يغلب على البرلمان تيار معين وتكن لهم الغلبة، فهذا الأمر لا يفرز إطلاقاً الآراء المتنوعة، فكنا نتطلع لبرلمان يمثل كل المفكرين الذين يعملون بالحقل السياسى إلا أن الكثرة غلب عليها عدم التخصص والوعى بالسياسة ومقدرات البلاد ومطالبها التى نادت بها الثورة بتحرير مصر من الفساد وتعطى للجميع الحق فى الحصول على لقمة العيش والحرية والكرامة، فرأينا فى جلسات البرلمان صراعات على المستوى الشخصى والتناحر وعدم التوافق فى الرأى باستثناء المجموعة صاحبة الاتجاه الواحد. وهو ما يمثل خطورة فى المستقبل لأنها لن تسمح للآخرين بإبداء رأيهم خصوصاً فى قضية التصويت.
وعلينا الانتظار لأننا أمام تجربة جديدة حيث إن غالبية أعضاء البرلمان لم يعملوا بالسياسة فلابد من الانتظار حتى يحدث الانصهار فى بوتقة البرلمان.
وحول التباين فى أداء النواب يقول د.سيد صبحى: إن التباين فى أداء النواب ما بين من يميل للهدوء أثناء المناقشات مثل الإخوان أو به نوع من التشدد كالتيار السلفى أو «الزعيق» والصوت العالى للأقلية من المستقلين هذا التباين مطلوب، والتفسير النفسى له أن الفكر الإخوانى مختلف عن الباقين لأن الإخوان متمرسون فى السياسة منذ زمن طويل، لذلك يبدون فى صورة الهادئ بينما السلفيون يريدون فرض الرأى وقد يغلب عليهم هذا العنف فى الأداء لطبيعتهم، بينما الأقلية من المستقلين يرون أنهم يمثلون الميدان ويريدون الإعلان عن أنفسهم فلابد من استخدام هذا الضجيج والصياح.
ويعلق د. صبحى على قضية بث الجلسات قائلاً: بث الجلسات أعطت فرصة للبعض من غير المؤهلين بأن يستعرضوا أفكارهم وهذه الأفكار يبثها التليفزيون وهذا ليس معيبًا لأننى أعتبره نوعًا من أنواع التعبير عن رغباتهم لكن البعض منهم اعتبر هذه الطريقة أو الوسيلة مظهرًا أو نوعًا من أنواع الإعلان عن أنفسهم وهى قضية خطيرة لأنها ستجعلهم يميلون إلى التناحر والسباب والتراشق بالألفاظ وهو أمر معيب لأن جلسات البرلمان يشاهده العالم العربى فلابد أن نهدأ ونتبادل الآراء باحترام ونعترض إذا ما كان هناك ما يدعو إلى الاعتراض لكى نعطى للمواطنين نماذج مشرفة لمصر.
وحول تأثير حالة الإحباط المتولدة لدى المواطنين بسبب سياسات الظلم والفساد السابقة وتأثيرها على أداء النواب قال: إن ذلك لا يولد ضغطاً نفسياً فهى معاناة طبيعية لأنه لا يوجد شخص لم يتعب من هذا العصر الذى كان يمثل الفساد الضاغط على رقبة الشعب ولكى نتخلص من هذه الحالة علينا أن نعمل.
عدم التوازن النفسى
فى حين تؤكد د. سوسن فايد أستاذ علم النفس السياسى أن الاعتقالات الكثيرة لنواب التيار الإسلامى وتراكم المشكلات التى واجهوها مع النظام السابق الذى كان له تاريخ طويل من الأزمات لكبح جماحهم أدت -مع الكبت الطويل للحريات الذى تعرضوا له والحرمان السياسى- إلى حماسة زائدة على الحد المسموح به أو المتعارف عليه فكسروا حاجز الخوف؛ لذلك نجدهم ينفعلون ومتخبطين وهذا يؤدى إلى نوع من عدم الاتزان الانفعالى داخل البرلمان.
وإذا نظرت - والكلام لا يزال للدكتورة سوسن - للتيار السلفى ممثلاً فى نواب حزب النور والتيار الليبرالى من المستقلين سنجد أن هناك نوعًا من التوخى والحذر بين الطرفين على المستوى العام فالكل حذر ومتربص من التيار الإسلامى خاصة السلفى عكس الإخوان الذين يتميزون بالهدوء والعقلانية بينما السلفيون مختلفون خصوصاً أنهم من الناحية السياسية يخطون خطواتهم الأولى فى الحياة السياسية وموضوع الشريعة الإسلامية شىء أساسى فى توجهاتهم ويستفزون الأطراف الأخرى سواء من الليبراليين أو حتى الأقباط وفى ذات الوقت يسببون توتراً نفسياً للإخوان لأنهم فى النهاية محسوبون عليهم كتيار إسلامى وبالتالى لو حللنا نفسياً أداء نواب التيار السلفى فستجدهم مندفعين متعصبين وهم الذين يتسببون فى أى اضطراب داخل البرلمان وتنقصهم المرونة والخبرة السياسية والسياسات والتوازنات والمواءمات التى يتميز بها نواب الإخوان مما يولد صدامات كثيرة، ولكن من وجهة نظرى أعتقد أن الصدامات لم تنفجر حتى الآن وستبدأ عند تشريع القوانين وسندخل فى مزايدات كثيرة وصدامات عنيفة حسب مرجعيات كل تيار بالبرلمان. فسنجد أن نواب حزب الحرية والعدالة لديهم تفهمً فى قضية حقوق الإنسان لأن رؤيتهم أشمل وأعمق للأمور بينما لو نظرنا للتحليل النفسى للتيار الليبرالى أو الأقلية من المستقلين فسنجدهم يتميزون بالصوت العالى لأنهم متحررون ولا يريدون دخول الدين فى السياسة ومنفتحون أكثر مع النظام العالمى ولديهم رؤية أكثر انفتاحًا وهذا سببّ لهم مشكلات عدة ولكنهم فى النهاية لديهم قناعة بالرفض الشديد لدخول الدين بالسياسة، لذلك حسب اعتقادهم فهو مردود سيئ ويسبب مشكلات ويحدث صدامات، وأعتقد أن رئيس البرلمان يؤيد عدم خلط الدين بالسياسة.
أما بالنسبة للتحليل النفسى لأداء رئيس البرلمان فتقول د. سوسن: إن د.سعد الكتاتنى يتسم بقدر كبير من المرونة والذكاء وسرعة البديهة حتى الآن ويحاول التغطية على عدد من المواقف التى تؤدى إلى اشتعال الصدام داخل البرلمان، كما أنه أيضاً يتمتع بصفات القيادة ولديه مرونة سياسية وفكرية.
وعن التراشق اللفظى بين الأعضاء فى أكثر من واقعة تبرر د. سوسن ذلك بالانفعال الزائد، حيث يخرج العضو عن شعوره ويتخطى الحواجز وبصفة عامة أرى أن نواب البرلمان يعانون من حالة انفعال زائدة على الحد.
قلة خبرة
أما الدكتورة ليلى عبد الوهاب أستاذ علم النفس الاجتماعى فتقول: إن ما نشاهده من تصرفات غريبة لأداء البرلمان سببه الأول أن جزءًا كبيرًا من تركيبة البرلمان غير مسيسّة لأن المسألة السياسية والطائفية هى السبب فى نجاح عدد كبير منهم وليست برامجهم التى تعد المحك الأساسى لأعضاء البرلمان، لذلك وجد قطاع كبير من النواب أنفسهم فجأة تحت قبة البرلمان وتلاحقهم عدسات وكاميرات القنوات الفضائية. فضلاً عن وجود جهل سياسى لبعضهم، فمثلاً السلفيون هم فى الأساس جماعات دعوية لم تمارس السياسة وليس لديهم الخلفيات السياسية وكان عملهم قبل العمل السياسى هو العمل الدعوى من خلال الجمعيات الخيرية وحل المشكلات الاجتماعية، فضلاً عن أن إدارة جلسات البرلمان من قبل الكتاتنى لها دور فى الفوضى الحادثة لأنه لا يصح أن يعطى الكلمة لمن لا يتحدث فى شىء مهم فوجدنا عددًا كبيرًا من كلمات النواب غير مهمة واستعراضية إعلامية.
وأرجعت سبب الصياح الدائم والأصوات العالية من الأقلية داخل البرلمان إلى قلة خبرتهم بأصول السياسة عكس الأغلبية الملتزمة بالهدوء لأنهم غير مسيسّين بل جماعات دعوية.
أما الدكتورة محاسن على حسن أستاذ المخ والأعصاب فتؤكد أن الانطباع الأول للجلسات الأولى للبرلمان أعطت انطباعاً بأنه برلمان قوى وبدأ فى منتهى الجدية والحماسة لكن تراجعت الحماسة وبدأنا نشاهد هزلاً من عينة النائب الذى قام برفع الأذان وواقعة القسم والخرطوش. ومال أداء البرلمان للتهدئة فى وقت كانت الجماهير لديها آمال عريضة ووجدنا الأعضاء يسعون لمصالحهم الشخصية والحفاظ على كراسيهم.
وبتحليل سريع لأداء النواب نجد أن نواب الإخوان يميلون للهدوء وعدم الاندفاع لأن تركيبتهم تميل لدراسة الموقف وتقديره قبل اتخاذ القرار، فأعضاء الإخوان يتميزون بالذكاء السياسى لأنهم متمرسون على السياسة منذ 80 عاماً، وسبب هدوئهم أيضاً هو الحفاظ على المكاسب السياسية التى حققوها. فهم أغلبية داخل البرلمان، أما نواب التيار السلفى فهم متشددون ولكن هذا التشدد سينخفض بمرور الوقت، أما الصوت العالى للأقلية المستقلة فسببها أنهم بالأساس ثوريون وكانوا فى الثورة ويشعرون بمطالبها ويرون أنها مستمرة فيقاتلون لكى يصل صوتهم ليفرضوا على المجلس مطالبهم التى يرونها معبرة عن الثورة أمثال زياد العليمى ومحمد أبوحامد ومصطفى الجندى ومصطفى النجار والبدرى فرغلى وأبوالعز الحريرى.. لكن فى العموم أداء النواب به نوع من المراهقة السياسية ويهدف بعضهم للمعارضة لمجرد المعارضة والاستعراض الإعلامى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.