على العكس من موقف «اينريكى كابريليس» الذى ركز خلال حملته الانتخابية للترشح للرئاسة الفنزويلية على الدعوة إلى المصالحة ووحدة البلاد بتجنب الاستقطاب الحاد بين اليسار واليمين وتفادى مهاجمة خصمه الرئيس هوجو تشافيز، سارع الأخير إلى مهاجمة منافسه على الرئاسة، فى خطوة قد تحمل دلالة على تخوف تشافيز الفعلى من إمكانية نجاح كابريليس فى القضاء على حلمه بالبقاء فى السلطة، وخاصة فى ضوء توقعات المحللين بأن يواجه تشافيز معركة انتخابية شديدة الصعوبة أمام كابريليس. وأمام أنصاره بالحزب الاشتراكى الموحد الحاكم، وصف تشافيز خصمه كابريليس بأنه «نخبوى وبرجوازى»، معتبرا أن فوز خصمه بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى أكتوبر المقبل سيكون بداية للحرب والعنف بفنزويلا. كما أن تشافيز الذى يسعى للفوز بولاية رئاسية رابعة مدتها ست سنوات وصف كابريليس فى وقت سابق ب «الخنزير والكاذب ومرشح اليانكى (الولاياتالمتحدة) والإمبريالى والرأسمالى»، وكذلك بأنه من أتباع الحركة الصهيونية حيث أشار مقال بعنوان «العدو هو الصهيونية» نشره الموقع الإلكترونى للإذاعة الوطنية الفنزويلية إلى أن كابريليس ينتمى لأصول يهودية، حيث إن جده وجدته من ناحية الأم كانا من بين الناجين من الهولوكوست وهاجرا من بولندا إلى فنزويلا). وأضاف المقال أنه لفهم ما يجسده كابريليس يجب التعرف على الأيديولوجية الإسرائيلية التى يمثلها ألا وهى الصهيونية، مؤكدا أنها أيديولوجية الإرهاب وأعفن المشاعر الإنسانية. وكان المحامى الأعزب كابريليس (39 عاما) حاكم ولاية ميراندا ثانى أكبر الولايات اكتظاظا بالسكان قد فاز فى الانتخابات التمهيدية غير المسبوقة التى أجرتها المعارضة الفنزويلية فى 12 من الشهر الجارى لاختيار منافس لتشافيز فى الانتخابات الرئاسية المقبلة والتى شارك فيها 2,9مليون شخص، يمثلون نحو 10% من الناخبين الفنزويليين البالغ عددهم 18 مليونا، وهو ما اعتبره المحللون نتيجة جيدة لأولى خطوات المعارضة المنقسمة تاريخيا منذ عشر سنوات لتوحيد صفوفها لإنهاء حكم تشافيز الذى بدأ قبل 13 عاما ونجح خلاله فى الحصول على تأييد شعبى عبر استفتاء مطلع عام 2009 لإجراء تعديل دستورى يسمح بالترشح لأى منصب حكومى لعدد غير محدد من المدد. وبالرغم من أن تشافيز (57 عاما) ذا التوجهات الاشتراكية المناوئة للولايات المتحدة مازال يتمتع بتأييد أكثر من 50% من الفنزويليين، حسب استطلاعات الرأى، فإنه من المتوقع أن يخوض معركة انتخابية طاحنة نظرا لتوحد المعارضة وتحسن قدرتها على حشد المؤيدين، وتوجيهها العديد من الانتقادات لتشافيز، أبرزها ارتفاع معدلات جرائم القتل، حيث تعد الأعلى فى أمريكا اللاتينية، وارتفاع نسبة التضخم إلى 26%، وانقطاع الكهرباء فى البلاد على نطاق واسع، إضافة إلى هروب الاستثمارات الأجنبية، واعتماد الاقتصاد الفنزويلى على قطاع النفط فقط. كما أن الشائعات بأن حالة تشافيز الصحية أسوأ بكثير مما يصرح به تثير الشكوك حول قدرته على الحكم لولاية أخرى. فى المقابل، تصب بعض نقاط القوة فى مصلحة كابريليس، حيث يقول عنه كارلوس روميرو، المحلل السياسى فى جامعة فنزويلا المركزية، إنه الشخص الوحيد الذى يستطيع اختراق جموع الفقراء والحصول على دعمهم. ونوهت وكالة رويترز إلى نجاح كابربيليس فى سن صغيرة من عمره (26عاما) فى الفوز بعضوية البرلمان، ونجاحه فى انتخابات 2008 لحكم ولاية ميراندا فى هزيمة أحد أقرب حلفاء تشافيز، وأنه كحاكم لولاية ميراندا دائما ما يذهب بدراجته البخارية إلى الأحياء الفقيرة لتفقد المشروعات والتحدث مع العمال وهو ما يعنى أن كابريليس الذى ينتمى إلى يسار الوسط يستهدف نفس قاعدة دعم تشافيز الانتخابية. وقد وعد بالإبقاء على السياسات الاجتماعية لتشافيز وتطويرها لكن بتغيير أسلوب الحكم. ورغم ذلك يجمع المحللون على أن الإطاحة بتشافيز تمثل تحديا كبيرا نظرا لعلاقته المتينة مع الفئات الشعبية ومهارته فى التواصل وسيطرته على وسائل الإعلام التابعة للدولة. وفى هذا السياق، يرى لويس فيسنتى ليون، المحلل السياسى ومدير مركز «داتا أناليسيس» لاستطلاعات الرأى، بحسب وكالة «إنتر بريس سيرفيس» أن «تشافيز يمتلك قوة هامة جدا متجذرة فى سياساته الاجتماعية ومن يقلل من شأن قوته يعنى أنه لا يفهم أى شىء».