إسرائيل كعادتها كلما واجهت مشكلات أو أزمات داخلية تسارع للبحث فى دفاترها القديمة.. تستخرج منها مشروعا عتيقا.. تصفه بالاستراتيجى العالمى.. وتهول له آلتها الدعائية.. فإذا حقق هدفه.. وامتص الخوف والغضب والتوتر الداخلى تعيده مرة أخرى إلى الأدراج لحين إشعار آخر.. وإصرار وسائل إعلامها على التعامل مع العقل العربى والمصرى بصفة خاصة على أنه لا يقرأ.. وإن قرأ لا يستوعب، وإن صادف واستوعب ما قرأه فذاكرته ضعيفة سريعة النسيان.. هذا الإصرار يثير مشاعر الاستفزاز للثأر كرامة للعقل المصرى الذى أصابه الملل إلى حد الاشمئزاز من تلك العادة الإسرائيلية.. فخلال الشهر الماضى أمطرتنا وسائلها الإعلامية بسيل من الأخبار والتصريحات الوزارية النارية عن مشروع استراتيجى جديد لإقامة خط سكك حديد يربط البحر الأحمر والمتوسط وطرحه كبديل لقناة السويس.. وليس مهما تناول تفاصيل ذلك المشروع بل المهم أنه استدعى من الذاكرة مشروعا آخر قيل عنه أثناء طرحه إعلاميا إنه مشروع استراتيجى عملاق وسمى «قناة البحار» وكان الهدف منه ربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وطرح ليكون بديلا لقناة السويس.. وقصة مشروع «قناة البحار» ليست اختراعا إسرائيليا بل ترجع إلى «تشارلز جوردون» حاكم السودان البريطانى.. فبعد إنهاء خدمته توجه للإقامة فى فلسطين وطرح خطته بإغراق البحر الميت بممر مائى من البحر المتوسط ثم تدفقها جنوبا بشكل طبيعى إلى خليج العقبة لتفتح طريقا بحريا جديدا أمام السفن، وظل المشروع حبيس الأدراج إلى أن نفذت إسرائيل المرحلة الثانية من اتفاقية السلام مع مصر بالانسحاب من سيناء وكعادتها أسرعت الحكومة الإسرائيلية بإخراج المشروع من الأدراج وصادق عليه مجلس الوزراء. وفى عام 1981 أعلن عن بدء العمل فى تنفيذه بميزانية بلغت مليار دولار.. ورغم مرور أكثر من ثلاثين عاما على هذا القرار يعاد مرة أخرى الترويج لتنفيذه لكن بميزانية تقدر بأثنى عشر مليارا يقدمها البنك الدولى.. لذلك نقول لإسرائيل إن عليها أن تتوقف عن عادتها القديمة بالهروب من أزماتها الداخلية بتصديرها إلينا لإثارة فزاعة بديل قناة السويس.