المشهد الذى طالعه معظم الشعب المصرى على شاشات التليفزيون لافتتاح أول مجلس شعب بعد الثورة – فى رأيى– لا يختلف كثيرا عن المشاهد السابقة لبرلمانات الحزب الوطنى! صحيح أن أكثرية هؤلاء الأعضاء يدخلون البرلمان لأول مرة، لكن المشهد العام لا ينبئ باختلافات كبيرة، فمحبو الظهور كانوا واضحين للعيان، والمنساقون وراء انتماءاتهم كانوا واضحين، والذين لا يصدقون أنفسهم أنهم جلسوا على تلك المقاعد واضحين، والمزايدون والمتبجحون واضحين أيضا! بالطبع لا أريد أن أستبق الأحداث، لكنى لست من المتفائلين بهذا البرلمان، ولا بغيره من المشاهد السياسية التى جاءت لنا بهذا السيل من أصحاب اللحى! لا أريد أيضا أن أتسرع لمجرد أنهم أطلقوا لحاهم، لكنى أتوقع منهم فى الجلسات القادمة اهتماما شديدا بالشكل دون المضمون، وبالمظاهر التى تروج لهم عن أهالى دوائرهم الذين يعتقدون أنهم سيقيمون الدولة الإسلامية، كما لو كنا نعيش فى دولة ملحدة، وبالتفاصيل دون الأساسيات! لست متفائلة لأنهم سيعيدوننا إلى الخلف قروناً وهم يعتقدون أنهم يفعلون الصواب، بينما سيحتاج هذا البلد لقرون أخرى حتى يصلح ما سيفسدونه.. فأنا على ثقة أن هذا الشعب المحافظ المتوازن المعتدل لن يقبل أن يخدع، وبالتالى ليس أمامهم سوى فرصة محدودة ليثبتوا لأمثالى من المتشككين فيهم أن لديهم ما يقدموه! نحن الليبراليين قد تقبلنا هؤلاء- ولم نقبلهم- لأننا نعرف الديمقراطية جيدا ونحترم قواعدها، بينما هم استغلوا الديمقراطية واستغلوا أيضا جهل البعض وسذاجتهم ليحصدوا أصواتهم، وبالتالى هم- فى اعتقادى جلسوا على تلك المقاعد بطرق غير شرعية- ورغم كل ذلك تقبلناهم أملا فى أن يثبتوا لنا عكس ما نعتقد ونعرف! إذن فهى فرصتهم الذهبية ليقدموا النموذج الذى يدّعون أنه يمكن تحقيقه، وهى فرصة أيضا لمن لا يجيدون لعبة الانتخابات والسياسة أن يعيدوا حساباتهم وتحركاتهم والنزول إلى الناس فى الشارع، استعدادا للانتخابات القادمة التى لا أعتقد أنها ستتأخر كثيرا.