أعادت ثورة 25يناير إلى ذاكرة الشعب كل إبداعات الفنانين الحقيقيين منذ ثورة 19 وحتى الآن وحين اختلط فى ميادين مصر المحروسة صوت الشيخ سيد درويش، بأصوات نجم والشيخ إمام وشادية ومحمد منير. وكانت الأغنية الوطنية النابعة من القلب، لا وجبات الكنتاكى أو بيتزا عفاف شعيب، هى الزاد الحقيقى للثوار فى ليالى البرد القارصة..وخرج فنانون لم نكن نتوقع مواقفهم الوطنية مثل شريهان لينضموا إلى المتظاهرين الصابرين الصامدين فى التحرير، بينما وقف آخرون لم نتوقع أيضا أن يكونوا بمثل هذه الدرجة من العمى السياسى ليترحموا على زمن الطاغية الذى سرق مصر ، وبكوا عليه ، وطالبوا بحرق الثوار فى الميدان. وخرج آخرون ليركبوا الموجة كالعادة، ونبتت لهم لأول مرة أظافر ثورية ، وحاولوا فى البداية التشكيك فى دوافع ونوايا الشباب الثائر، واتهموه بالغفلة والسذاجة والعمالة، وعندما لم تفلح ألاعيبهم، أصبحوا يزايدون على الجميع ويظهرون فى قنوات الفلول ليحصدوا الملايين ويؤلبوا الناس على المجلس العسكرى ويحذروا الغرب من الإخوان والسلفيين، ويركزوا على كل ما يخمد الأمل فى النفوس ويقتل الرغبة فى التغيير والإصلاح ويشغل الجميع عن الحديث فى المستقبل، بفرد الملاءات الفضائية والمشاجرات العنترية والجدل العقيم على الهواء مباشرة. لقد كان 2011 فرصة كبيرة ونادرة لفرز كل شىء فى مصر، بما فى ذلك الفن والفنانين، وفرصة ليغنى الشعب لأول مرة منذ «خلى السلاح صاحي» و»صورة..صورة»، بصوت واحد «يا حبيبتى يا مصر»، وتصبح نغمة «يا بلادى يا بلادى ..أنا باحبك يا بلادى»، هى النغمة المفضلة على تليفون المسلم والمسيحى. وكان هذا العام أيضا هو الأصعب على المصريين، بسبب الفوضى والبلطجة ودعاة الفرقة والاختلاف، وفلول المال والسلطة والإعلام الذين حاولوا ولا يزالون أن يغتالوا فرحة المصريين باسترداد الوطن من ايدى العصابة التى ظلت تحكمه وتتحكم فيه طيلة العقود الماضية ، ليعيدوا الحال على ما هو عليه، ويوزعوا الغنائم فيما بينهم، ويخوفونا بانهيار السياحة وكساد الاقتصاد والعداء الدولى للتيارات الإسلامية الصاعدة. لكن الشعب الذى فاجأ الأشقاء قبل الأعداء بتلك الثورة العظيمة، لا يمكن أن يفرط فيها أو يتركها للصوص، مهما بلغت قدرتهم على الخداع والتآمر.