داخلية غزة: إسرائيل تسعى لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار الداخلي    الكرملين: يجب تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي    مصرع أب وإصابة نجله في تصادم سيارة ربع نقل مع دراجة نارية بالفيوم    انطلاق مهرجان ليالي مراسي 1 يوليو.. بهاء سلطان ورامي صبري في الافتتاح ونانسي وحكيم بالختام    إسرائيل اليوم: نتنياهو اتفق مع ترامب على إنهاء الحرب في غزة خلال أسبوعين    الحرس الثوري الإيراني: أمريكا تدخلت في الحرب لإنقاذ الجنود الإسرائيلي «المساكين»    رئيس المصري يضع خارطة الطريق للنهوض والارتقاء المستقبلي    مشاهدة مباراة مصر والبرتغال بث مباشر في كأس العالم للشباب لكرة اليد    «شيمي» يبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية مع وزير الاستثمار المغربي (تفاصيل)    أسلاك الكهرباء تتسبب بإشعال النيران في سيارة تحمل كتان بالغربية    إزالة حالتي تعدٍ لمزارع سمكية شمال سهل الحسينية على مساحة 42 فدانا جنوب بورسعيد    محمد رمضان يحيي حفلا بالساحل الشمالي يوليو المقبل    «التأمين الشامل» تستعرض تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية ضمن «صحة أفريقيا 2025»    وزير الخارجية ونظيره البولندي يعربان عن تطلعهما لترفيع مستوى العلاقات بين البلدين    فيفبرو يطالب فيفا بإعادة النظر فى مواعيد مباريات كأس العالم الأندية    بعد 16 عامًا من الانتظار..توجيهات عاجلة من محافظ الأقصر بتسليم مشروع الإسكان الاجتماعي بالطود    محافظ الجيزة: مشروعات حيوية لرفع كفاءة البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات    رونالدو عن تجديد عقده مع النصر: نبدأ فصلا جديدا    انطلاق اختبارات المقاولون العرب الخارجية من نجريج مسقط رأس محمد صلاح    اعتماد الحدود الإدارية النهائية للمنيا مع المحافظات المجاورة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    الباركود كشفها.. التحقيق مع طالبة ثانوية عامة بالأقصر بعد تسريبها امتحان الفيزياء    ارتفاع شديد في درجات الحرارة.. طقس المنيا ومحافظات شمال الصعيد غدًا الجمعة 27 يونيو    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا تجارة الدولار» خلال 24 ساعة    رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول العام الهجري الجديد    «الأعلى للثقافة» يوصي بإنشاء «مجلس قومي للوعي بالقانون»    ب «حلق» ونظارة شمسية.. عمرو دياب يثير الجدل ببوستر «ابتدينا» ولوك جريء    «الحظ يحالفك».. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من يونيو 2025    «الأعلى للآثار»: تنظيم معرض «مصر القديمة تكشف عن نفسها» بالصين نوفمبر المقبل    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    خلال مؤتمر «صحة أفريقيا».. إطلاق أول تطبيق ذكي إقليميًا ودوليًا لتحديد أولويات التجهيزات الطبية بالمستشفيات    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    شاهد.. أرتفاع إيرادات فيلم "ريستارت" أمس    الخارجية الفلسطينية: عجز المجتمع الدولي عن وقف "حرب الإبادة" في قطاع غزة غير مبرر    ميرتس: الاتحاد الأوروبي يواجه أسابيع وأشهر حاسمة مع اقتراب الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    أفضل وصفات العصائر الطبيعية المنعشة لفصل الصيف    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    جهات التحقيق تأمر بتفريغ الكاميرات فى اتهام مها الصغير أحمد السقا بالتعدى عليها    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    زيادة جديدة فى المعاشات بنسبة 15% بدءًا من يوليو 2025.. الفئات المستفيدة    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناشرون يطالبون: بمحاربة المخدرات الثقافية
نشر في أكتوبر يوم 20 - 11 - 2011

نتفق أولاً على مجموعة مسلمات، حتى إذا ما اختلفنا سهل الوصول للحل.. إن صناعة النشر العريقة قامت وازدهرت فى مصر بصور فردية وبجهود أفراد، ثم ورثتها الدولة دون أن تبذل فيها جهدا أو مالا، واعتمدت فيها على مصانع قديمة لم تنشئها وبعد ذلك حاصرتها وجرفتها.. وإن الدولة لأكثر من أربعين عاما ماضية لم تضف لصناعة النشر إلا المشاكل والعراقيل من قوانين وجمارك وضرائب.. ونتفق أيضاً أن جميع مستلزمات صناعة الكتاب صارت اليوم مستوردة من الخارج بما يمثله من أعباء وصعوبات شديدة.. ونتفق أخيرا على أن هذه الصناعة تقوم بالأساس على عدة أذرع، ولكل ذراع مجموعة أصابع مهمة، إذا كانت الدولة قد كسرت هذه الأصابع وأضعفت تلك الأذرع.. إلا أننا والحمد لله مازلنا نتمتع بأهم مقومات هذه الصناعة وهو المنتج المحترم والسوق المتعطش.
ونستكمل ما توقفنا عنده فى الأسبوع الماضى مع المهندس إسلام عبد المعطى، حيث قال: الثقافة هى نتاج للحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، ولذا لا ينفع أن يكون المجتمع اجتماعيا واقتصاديا يمشى فى اتجاه الاقتصاد الحر، وثقافيا يمشى فى اتجاه آخر معاكس تماما يمثل الرؤية الشمولية الذى تتمسك وتمسك فيه الدولة بكل مؤسساتها الثقافية، لأن هذا يحدث حالة من المسخ العجيب وهى التى نعيشها الآن.. اقتصاد حر فى كل المجالات إلا مجال النشر والثقافة الذى يتبنى الاتجاه والفكر الموجه، وهذا ضرب صناعة النشر العريقة التى قامت على جهود فردية خلاقة.. ولنتأمل معا هذه المقارنة.. الدولة تستورد لرغيف العيش القمح من الخارج وتعطيه للمخابز مدعوما كى ينتج رغيفا بسعر رخيص وهذه المخابز ليست تابعة للدولة، ولكنها ملك للقطاع الخاص، ومع ذلك فهى قادرة على إدارة العلاقة معها كى تنتج رغيف خبز بخمسة قروش، إذا لماذا لم نفعل نفس الشىء مع الكتاب.. ونتركه للقطاع الخاص وفق شروط ومواصفات وتصورات وقوانين معينة؟.. ببساطة لأن الدولة تريد أن تسيطر على الدماغ وتملأ البطون.. ولهذا عندنا تليفزيون رسمى وصحف رسمية ومؤسسات نشر رسمية، وهو القطاع الوحيد الذى تأبى الدولة أن تتخلى عنه بعد أن تخلت عن قوت وصحة وتعليم وسكن المواطن.
لماذا لا تستورد الدولة الورق كالقمح وتعطيه للقطاع الخاص بحصص معينة، خاصة بعد أن جرى لمصانع الورق ما جرى لمصانع الغزل والنسيج من إهمال متعمد ومحاصرة ممنهجة؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن الورق الذى يستخدم فى النشر لا يمثل إلا 5% فقط من احتياجاتنا من الورق، الورق يستخدم فى أشياء كثيرة جداً، صناعة نشر الكتاب لا تمثل إلا نسبة ضئيلة منه، فلماذا لا توليه الدولة عناية خاصة وقوانين مختلفة إذا كانت تبغى تنمية الكتاب ونشره؟ كل هذا يؤكد أن الدولة لم تنظر للكتاب فى بعده الاقتصادى ولا فى بعده الثقافى، إنما كان هناك بعد انتهازى أفسد صناعة النشر والناشرين، فالأموال التى ضخت فى هذه الصناعة تمثل شكلاً من أشكال الفساد العاتية، نحن نحتاج لمن يقول ويوضح لنا فيما صرفت المعونة الأمريكية التى بلغت المليار دولار والتى استأثر بها ووزعت على عدد محدد من الناشرين وفيم ذهبت هذه الأموال؟ وكم دفع الناشرون من رشاوى فى المقابل؟.
ونلتقط الأنفاس قليلا قبل أن يواصل المهندس إسلام فى ذكر تفاصيل تجربته الخاصة فى النشر الاليكترونى الذى كان هو وأصدقاؤه أول من أسسوا شركة بعنوان «كتب عربية للنشر الاليكترونى» فى عام 2005 فيقول: اكتشفنا وقتها أن كثيرا من دور النشر الموجودة لم تنتبه وتلتفت لمسألة النشر الاليكترونى، فدخلناه وتعاقدنا مع الأدباء والكُتاب، ومن خلال عقود مكتوبة معهم بدأنا هذه التجربة واستطعنا فى زمن قياسى أن نحول أكثر من 5 آلاف كتاب ومنتج ثقافى وأدبى تحويلا اليكترونيا.
وشرعنا فى إنجاز بوابة اليكترونية للفكر المصرى والعربى، وأطلقنا هذا المشروع فى معرض كتاب عام 2005، ولاقى ترحيبا وإقبالا شديدا، وتدافع الجميع للاشتراك معنا.. وفجأة قررت الدولة أن تدخل نفس المشروع وتبدأه عن طريق وزارة الاتصالات وبمنحة من الاتحاد الأوروبى بلغت 70 مليون جنيه، وراحت وزارة الاتصالات تتعاقد مع الناشرين والمؤسسات المختلفة فى عام 2006 فى إعادة ما صنعناه نحن وأنجزنا فيه الكثير.. والسؤال المنطقى والبديهى الذى يتبادر فورا للأذهان هو: هل الدولة كانت بمعزل عن الدنيا وعما يجرى.. ولم تعلم شيئا عن وجود هذا المشروع وبداياته؟.. السؤال الأهم: لماذا لم تدخل معنا فى شراكة وتتبنى مشروعنا وتبنى عليه.. بدلاً من محاربتنا والتضييق علينا؟.. ولعلمك لقد دخلنا هذا المشروع وأخذنا الكثير من شغله ونفذناه من الباطن لصالح وزارة الاتصالات، وحينما حاولت الوزارة أن تقوم بافتتاح تجريبى لموقعها الاليكترونى التى أطلقت عليه اسم بوابة مصر الاليكترونية.. لم تنجح «معرفوش».. واستعانوا بنا مرة أخرى وأخذوا بعض كتبنا وإنتاجنا ووضعوه على موقعهم كشغل تجريبى للموقع.. ويظل التساؤل: فيم صرفت ال 70 مليون جنيه المنحة الأوروبية لوزارة الاتصالات من أجل التحويل الاليكترونى؟.. وأين هى البوابة المصرية الاليكترونية والمنتج المصرى الذى تقدمه؟.. ولعلمك أيضاً هذا كان غير المشروع الذى دخلته وزارة الاتصالات أيضاً مع دار الكتب والوثائق القومية لتحويل إنتاجها إلى منتج اليكترونى، مع أننا كنا كشركة قد عرضنا على هذه الدار أن تقوم بتحويل 50 ألف كتاب من كتبهم إلى وعاء اليكترونى مجانا، ونضعها لهم على السيرفر وعندما تباع نتقاسم معهم الأرباح بنسب معينة، وعملنا عقدا بهذا الشكل وقدمناه إلى د.شريف شاهين ود. على خلة عام 2007، وفجأة تاهت هذه العقود والأوراق فى أروقة الدار، قدمنا عرضنا لهم مجانا، وكنا سننفذه لهم عندهم داخل الدار، ولكن دار الكتب نفذت نفس هذا المشروع مع وزارة الاتصالات ومؤسسة الأهرام بعد ذلك، وخرجت الكتب من الدار، ودخلنا فى هذا المشروع أيضاً من الباطن، وكنا نتسلم كتب دار الكتب ثم نعيدها إليهم مرة أخرى.. وحتى هذا المشروع لا نعرف أين هو الآن؟ وماذا تم فيه رغم كل ما صرف عليه؟.. وللعلم أيضاً قدمنا اقتراحا مكتوبا لوزارة التربية والتعليم لإقامة مكتبة اليكترونية بها أكثر من 5 آلاف كتاب فى كل مكتبة مدرسية بجميع مدارس الجمهورية بشكل مبدئى، على أن يزيد عدد الكتب وعدد الكُتاب والناشرين مقابل اشتراك سنوى للمدرسة لا يزيد على 100 جنيه فقط.. وكررناه عليهم عدة مرات وحتى الآن لم نعرف مصير هذا الاقتراح والمشروع.. وحتى تتضح المأساة وفجيعة ما حدث فى هذا الأمر تحديدا - والكلام مازال على لسان المهندس إسلام عبد المعطى - فبعد أن حورب مشروعنا الاليكترونى بسطو وزارة الاتصالات عليه، وبعد أن تبخر وتاه مشروع وزارة الاتصالات.. امتلأت السوق المصرية الآن بأكثر من شركة عربية من خارج مصر، وراحت تفتح مكاتب لها فى مصر من أجل النشر الاليكترونى، حيث تعاقدت هذه الشركات العربية مع وزارات دولهم بعقود مالية ضخمة لمد مؤسساتهم وجامعاتهم ومعاهدهم ومدارسهم بالكتب والمكتبات الاليكترونية التى يحتاجون إليها، ولكننا برغم كل شىء مازلنا السوق الحقيقية والمنتج الفعلى للكتاب والثقافة والنشر، هلت علينا كل هذه الشركات العربية التى نشأت هناك برعاية دولهم، هذه الصناعة التى كان من الممكن أن تقوم بها شركات مصرية بدعم ورعاية من وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالى أو المجلس الأعلى للجامعات أو وزارة الاتصالات ونصدرها إليهم فى الخارج.. وكان من الممكن ب 10% فقط من المنحة الأوروبية التى بلغت ال 70 مليون جنيه أن أنهض بهذه الصناعة لأبعد مدى وأحقق بها ناجحا مشهودا.. والحل أن يطرحوا علينا حلولا قابلة للتنفيذ والخروج من دائرة السوء التى وقعنا فيها.
يقول المهندس إسلام: مازالت صناعة النشر عندنا مؤهلة لأن تضيف إلى الدخل القومى الكثير وأن تدر عائدا مربحا، لأننا مازلنا نمتلك مقومات لم تتوافر أو تتواجد فى بلد آخر غير مصر.. فنحن نمتلك المنتج والمؤلفين والناشرين والمستهلكين، نحتاج فقط إدارة علاقة هذه الأمور مع بعضها البعض بقوانين حقيقية وعادلة، تحفظ للمؤلفين حقوقهم وتسمح بنمو وتنامى الصناعة وتعمل على تشجيعها حتى تكون قادرة على التصدير للخارج، مع مراجعة القوانين والجمارك والضرائب التى تعوق سير العملية.. فهناك جمارك هائلة على الورق مع أن الدولة تستطيع بسهولة أن تخفف العبء على ورق الكتاب، لأنه يختلف عن الورق المستخدم فى العبوات والدوائية أو الجرائد أو المجلات أو الكراريس والكشاكيل وغيرها من الاستخدامات الصناعية المتعددة.. كما يمكنها التوسع فى إنشاء المكتبات العامة التى تمثل المعيار الحقيقى لمحبى القراءة وممارستها، فليس لدينا مكتبات عامة بشكل كاف، أو تسهل إقامتها للقطاع الخاص، عندنا قصور للثقافة منتشرة فى كل ربوع مصر فى حالة يرثى لها وتعانى من الخراب والإهمال، فلماذا لا ندرس الطرق والوسائل الجديدة والمبتكرة التى ترضى الطرفين الدولة والقطاع الخاص فى كيفية الاستفادة من هذه الثروات المهمة التى يعشش فيها التراب والفئران، يمكن للدولة أيضاً أن تتخلى عن بيروقراطيتها المزمنة وتسمح للناشرين بتزويد مكتبات المدارس التى هى البوابة الرئيسية لتشجيع القراءة واستمرارها بكتب وفق مواصفات وشروط تضعها وتلتزم بها، ولماذا لا تجعل من التفوق الثقافى والعلمى مدخلا للاهتمام بالقراءة والمعرفة، فالدولة تعطى درجات للتفوق الرياضى والألعاب الرياضية، فلماذا لا تعطى نفس النسبة لمن يتفوق فى القراءة والمطالعة؟.. أيضاً نحن نعانى من مشكلة فى التوزيع، ليس فى مصر وحدها ولكن فى الوطن العربى كله، فليس لدينا شركات توزيع حقيقية حتى المؤسسات المملوكة للدولة كالأهرام والأخبار والقومية توزيعها سيئ جداً، ولا يؤمنون بقيمة وأهمية هذه الصناعة ومن ثم يديرون المسألة بشكل عشوائى وغير احترافى، خاصة أن دور التوزيع تحتاج مؤسسات عملاقة ورأس مال ضخم لا يقدر عليه القطاع الخاص بمفرده، إنما يحتاج إلى دعم «لوجيستى» عال خاص بالنقل وخريطة معلومات بالأماكن والطرق.. هناك أماكن فى مصر ليس بها منافذ توزيع على الاطلاق حتى لو بدائية وبسيطة، ولهذا تتم الاستعاضة عن ذلك بفرشات الأرصفة والشوارع والنتيجة أن 50% من المنتج يفقد ويهلك ويشكل خسائر جمة للناشرين.
ولماذا لا تشجع الدولة على خروج الكتاب المصرى للسوق الخارجى سواء العربى أو الأفريقى أو العالمى، فمثلا معروف أماكن أزمنة المعارض الخارجية فلماذا لا تخصص طائرة من طائرات مصر للطيران رحلة واحدة فى ميعاد محدد يعلن عنه بسعر منخفض ذهابا وإيابا تشجيعا منها للناشرين وترويجا للكتاب المصرى.. أما المهندس مصطفى الطنانى فيشير إلى أن الدولة تشجيعا منها للصادرات أنشأت خصيصا صندوق دعم الصادرات، فلماذا لم يمتد نشاطه وعمله لدعم تصدير الكتاب، ويفجر تساؤلا آخر وهو: ان صناعة النشر فى جزء أساسى منها هو صناعة الكتاب المدرسى، كما هو حادث فى كل العالم، تختار المدارس الكتاب الخاص بها وتتنافس دور النشر للحصول عليه مثل دور نشر ماجروهيل وسيفير، وكانت دار المعارف القديمة جزءا أساسيا فى صناعة الكتاب المدرسى ولهذا سميت دار المعارف نسبة إلى وزارة المعارف، والسؤال هو: لماذا حرمنا من صناعة الكتاب المدرسى منذ عام 1952، بينما الكتاب الجامعى مازال حراً.
ونستكمل العدد القادم إن شاء الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.