يقدّم الفيلم الأمريكى «Final Distination» فى جزئه الخامس المُنفذ بتقنية البعد الثالث عملاً متقناً جيد الصنع بأقصى ما تسمح به أفلام الرعب والإثارة، السلسلة بأكملها التى تُترجم عند عرضها التجارى إلى «المصير القاتل» تجعل الإنسان فى مواجهة الموت نفسه، وتحاول أن تقدم فى كل مرة طرقاً شديدة الرعب والبشاعة لفقدان الانسان حياته، أما الجزء الخامس فقد زادت فيه جرعة الرعب من خلال استخدام البعد الثالث مع اتقان كل عناصر الحرفة خاصة المونتاج والموسيقى والمؤثرات السمعية والبصرية، وظلت المعركة مستمرة مع الموت الذى يخترق الأسوار، ويتفنن فى الانتقام المروع من البشر، وكأنه وحش من وحوش الدراما الاغريقية لا يشبع أبداً من ابتلاع ضحاياه. مُخرج الفيلم هو «ستيف كويل» الذى عمل لسنوات مساعداً للمخرج «جيمس كاميرون» ومن المدهش فعلاً أن يكون هذا الجزء الخامس هو عمله الأول، أما القصة فعن رحلة ترفيهية لمجموعة من الموظفين فى شركة، يركبون الأتوبيس ونتعرف فى لقطات سريعة عن بعض الشخصيات، فى الطريق يقابلون أعمال صيانة فى أحد الجسور العملاقة، يرى أحد الموظفين واسمه «سام» رؤيا غريبة هى ان الجسر سينهار وسيموت الجميع بطريقة وحشية، يستيقظ محذراً زملاءه، وفى دهشة الجميع يحدث الانهيار بالفعل، ولا ينجو من كل موظفى الأتوبيس إلا ثمانية أفراد فقط. ولكن الرؤيا تظل تطارد الأفراد الثمانية حتى تنتهى بمقتلهم واحدًا تلو الآخر لماذا؟ لأنهم خدعوا الموت وهربوا منه ولذلك سينتقم منهم بطريقة غريبة للغاية كأن تسقط إحدى لاعبات الجمباز على رأسها، وكأن ينفجر جهاز الليزر فى عين موظفة تريد تصحيح إبصارها. حامل تفسير انتقام الموت هو رجل يظهر ويختفى يقول ل «سام» وزملائه إن أحداً لا يستطيع أن يسخر من الموت أو يخدعه، ويقول ان الوسيلة الوحيدة لكى يظلّ الباقون على قيد الحياة هىأن يقتلوا إنساناً آخر، تبدو الحبكة المُعقدة نسبياً فى هذا الجزء محاولة لتحقيق المزيد من الإثارة، ولكن لعبة الانسان مع الموت تنتهى بنتيجة معروفة: لا هرب من المصير، وحتى الذين اعتقدوا انهم اشتروا حياتهم بقتل الآخرين سيموتون، والانسان سيظل دائماً كما يقول الفيلم «مجرد غبار فى مهب الريح». لا أعتقد أن أصحاب القلوب الضعيفة يمكن أن يحتملوا مشاهدة لقطات مثل خروج الاحشاء والعيون وتحطم العظام والاجساد، ولن يحتملوا بالتأكيد التأثير المضاعف لهذه المشاهد بالبعد الثالث خاصة أن المخرج يوجه الاجساد والدماء ناحية عدسة الكاميرا فتبدو كما لو أنها تقتحم على المتفرج صالة العرض، ولكن اتقان العناصر الفنية يستحق التنويه، كما أن المعنى العام للفيلم لا يتوه أبداً وهو أن لعبة الموت معروفة النتيجة مقدماً، والانشغال بالحياة ربما يكون هو الأجدى والأنفع بدلاً من انتظار مالا نعرف متى ولا أين سيقع.