ماسح أحذية وممثل فاشل وجرسونة وغيرها من المهن قد تبدو بسيطة إلا أنها كانت البداية لعدد من زعماء العالم الذين أصبحوا ملء السمع والبصر بل إن بعضهم ساهم بشكل كبير فى تغيير وجه الكرة الأرضية. فمن يصدق أن هتلر النازى الذى تلطخت يده بالدماء بعد معارك فى الحرب العالمية كان رساماً، أما الرئيس الأمريكى رونالد ريجان فكان ممثلاً فاشلاً ثم عمل مخبراً وتسبب فى اعتقال وسجن واعتزال كبار الفنانين والمخرجين والكتاب الليبراليين، بينما عمل الرئيس الأمريكى الحالى أوباما صحفياً ومدرساً للقانون فى بداية حياته. وقد يندهش الكثيرون عندما يعلمون أن رئيس البرازيل السابق داسيلفا كان ماسحا للأحذية وايفوموراليس رئيس بوليفيا كان رئيس نقابات مزارعى الكوكايين أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فكانت نادلة «جرسونة»، ومن الطرائف أن مطرباً شعبياً يدعى ميشال مارتيلى أصبح رئيساً ل «هاييتى».. قصص مثيرة فى حياة عدد من الرؤساء والزعماء فى سياق السطور التالية. أدولف هتلر الذى غير وجه الكرة الأرضية كان أقصى طموح والده ان يصبح موظفا بالقطاع العام لذا عارض فكرة التحاقه بمدرسة الفنون الجميلة، وبعد موت أبيه ثم أمه اصبح هتلر بلا معيل مما جعله يرحل الى فيينا آملا فى أن يصبح رساما فعكف على رسم المناظر الطبيعية والبيوت مقابل أجر يسير، وكانت الحكومة تصرف له راتبا كونه صغير السن وبلا معيل وتم فصله من مدرسة فيينا للفنون الجميلة مرتين وتوقفت اعانته المالية، وعلى الرغم من فشله فى الالتحاق بأكاديمية فيينا فإنه احترف الرسم وكافح على مدى مراحل حياته المختلفة من أجل التمسك بموهبته وحرية تعلمها وممارستها متمردا بذلك على قمع والده الذى رفض أن يدرس ابنه أى نوع من الفنون، وقد عاش اكثر من ثلاثة أعوام يكسب من فنه حيث كان يرسم اللوحات ويبيعها للسائحين والتجار وكان يعانى طوال هذه الفترة من الفقر حيث عاش فى بيوت لإيواء المشردين والفقراء، وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى تطوع هتلر فى صفوف الجيش وعمل كساع للبريد وحتى بعد اقتحام هتلر العمل العسكرى كان يرسم الصور الكرتونية لعدد من الصحف العسكرية، ويقدر المؤرخون انتاج هتلر من اللوحات الفنية بأكثر من ثلاثة آلاف لوحة باع بعضها من أجل لقمة العيش . كما كان للرؤساء الامريكان نصيب الاسد فى القيام ببعض الاعمال البسيطة قبل وصولهم للبيت الأبيض ومن بين هؤلاء الرئيس الاسبق « جيرالد فورد فقد عرف عنه انه عمل فى صباه عارض أزياء وعامل حدائق ومدرب كرة قدم ومدرب ملاكمة كما عمل بالمحاماة. فى حين عمل الرئيس «مارتن فان بورن» عامل توصيل الطلبات للمنازل و «جرسون». أما «هربرت هوفر» فكان عاملاً فى مصبغة وموزع جرائد وفراش مكتب كما عمل ريتشارد نيكسون حطّابا و«ليندون جونسون» جامعاُ للقمامة وملمع احذية وغاسل صحون ومشغل مصعد وبواب وعامل مطبعة وعامل بناء وجامع فواكه وعامل مزرعة . أما الرئيس الأربعين للولايات المتحدةالامريكية «رونالد ريجان «فقد عمل بمجال التمثيل وكان ممثلا ثانويا فاشلا واثناء عمله شارك فى حملة ضد الشيوعية وتحول الى مخبر داخل مدينة السينما وتسبب فى اعتقال وسجن واعتزال كبار الفنانين والمخرجين والكتاب الليبراليين فى هوليود وذلك قبل ان يدخل المجال السياسى الذى بدأه فى بداية الخمسينات . أوباما رئيس تحرير وتشمل قصة الرئيس الأمريكى باراك حسين أوباما إثارة كبيرة، إذ ولد أوباما فى 4 أغسطس 1961 بمدينة هونولولو بولاية هاواى، والده هو باراك حسين اوباما من اصل كينى عمل والده راعيا للماعز فى قريته ثم تابع دراسته فى كينيا وانتقل إلى أمريكا فى بعثة دراسية، بعدها توفى حسين اوباما. تربى أوباما فى حضن جدته حتى بلغ من العمر 10 سنوات عاد بعدها الى هاواى وتابع دراسته هناك حتى نهاية المرحلة الثانوية عام 1979. وفى المدرسة الثانوية كان احد اعضاء هيئة تحرير صحيفة المدرسة، وبعده انتقل اوباما الى لوس انجلوس ليدرس فى كلية «اوكستندال» ثم بعدها فى جامعة كولومبيا فى نيويورك وتخرج فيها عام 1983 وخلال هذه الفترة عاش اوباما فترة مضطربة حيث اصبح يعانى من مشكلة الهوية مما دفعه لتعاطى المخدرات، وفى نيويورك عمل فى مؤسسة «بيزنيس انتر ناشيونال كوربريشن» بعدها انتقل الى شيكاغو عام 1985 وعمل كادرا فى تنظيم وتعبئة المجتمعات المحلية براتب شهرى متواضع قدره عشرة آلاف سنويا فقط، وكان اقصى طموحه آنذاك أن يصبح كاتبا وبالفعل ألف كتابين « احلام من أبى» و «جرأة الامل» كما كتب بعض القصص القصيرة وفى عام 1988 دخل مدرسة هارفارد للقانون وكان اول رئيس تحرير أسود لمجلة هارفارد للقانون وهى المجلة التى تحظى بسمعة مهنية رفيعة فى امريكا، ثم عمل فى شركة استشارات قانونية متخصصة فى قضايا التمييز وحقوق التصويت كما اشتغل فى تدريس القانون فى جامعة شيكاغو لحين انتخابه سيناتور فى الكونجرس عام 2004 خاض بعدها انتخابات الكونجرس فى 2004 حقق فيها فوزا كاسحا ونال 70% من الاصوات وفى 2008 اصبح رئيسا للولايات المتحدةالامريكية . الرئيس البرازيلى السابق لولا داسيلفا عاش طفولة قاسية منذ نعومة اظافره، واضطر للعمل كماسح أحذية فى ضواحى ساوباولو وبائع خضار وصبيا فى محطة بنزين وخراطا وميكانيكى سيارات، واثناء عمله فى مصنع قطع غيار للسيارات قطع اصبع يده اليسرى مما دفعه للمشاركة فى اتحاد نقابة العمال ليدافع عن حقوقه وحقوق زملائه، بعدها احتل منصب نائب رئيس نقابة الحديد فى جنوب ساوباولو وفى 1974 انتخب داسيلفا رئيسا للنقابة التى كانت تضم مائة ألف عامل، أسس بعدها أول حزب عمالى فى عام 1980 ثم اعتقل بعدها بسبب الاضرابات التى قامت بها النقابة. ايفو موراليس رئيس بوليفيا وهو أول رئيس فى تاريخ امريكا اللاتينية من اصل هندى، وينتمى موراليس الى عائلة من المزارعين البسطاء، التحق والده بالعمل الزراعى حيث رافق والده الى شمال الارجنتين للعمل فى حقول قصب السكر ورغم عمله فى سن مبكرة تمكن من الالتحاق بالمدرسة حيث عمل بالتزامن مع الدراسة فى البناء وخباز وعازفاً على آلة البوق كما لعب كرة القدم ضمن فريق باندريال امبريان، وبعد انهائه المرحلة الثانوية التحق بالجيش حيث كان التجنيد اجباريا وبعد انهاء خدمته العسكرية عاد ليعمل بالزراعة ولكن سرعان ما اجتاحت البلاد الرياح الثلجية التى عصفت بالمحاصيل الزراعية والماشية التى اضطرتهم للهجرة الى منطقة سان فرانسيسكو حيث واصل ايفو العمل بالزراعة، ثم انتخب موراليس رئيسا لنقابات مزارعى الكوكايين فى فترة اتسمت بالمواجهات بين المزارعين والحكومة البوليفية فى اطار حربها على المخدرات ما عرضه للاعتقال والسجن، وفى انتخابات 2002 حقق ايفو نتيجة مفاجئة بحصوله على 20% من الاصوات ليصبح ثانى قوة سياسية بالبلاد وفى 2005 انتخب رئيسا لبوليفيا إثر حصوله على 53% من أصوات الناخبين. فى حين عملت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل فى بدية حياتها جرسونة فى احدى الحانات حيث كان يتراوح اجرها مابين 20 الى 30 ماركاً فى الاسبوع وقد ساعدها العمل كجرسونة فى دفع إيجار السكن التى تقيم به، وقد درست ميركل فى لايبزيج من عام 1973 وحتى عام 1978 وقد حصلت على درجة الدكتوراه فى برلينالشرقية عام 1986 ثم صعدت من متحدثة باسم آخر حكومة فى المانياالشرقية فى عام 1990 الى زعيمة الحزب المحافظ فى عام 2000 وصولا لمنصب اول مستشارة المانية. أما هاييتى التى شهدت خلال الفترة الماضية سلسلة من الكوارث والنكبات فشهدت فوز المغنى الشعبى ميشال مارتيلى والمعروف ب «الجمجمة الصلعاء» برئاسة البلاد فى الانتخابات الاخيرة وعلى الرغم من عمله كمغنٍ شعبى فإن ذلك لم يمنعه من الفوز فى الانتخابات، ولم يكن فوزه مفاجئا بالنسبة للكثيرين بهاييتى بصفته رجلا درس فى الولاياتالمتحدة ويتمتع بشعبية كبيرة فى الشارع بالاضافة لنشاطه الذى جذب اليه ابناء شعبه خصوصا برنامجه للتنمية الزراعية أما «بوريس يلتسين» الذى يوصف عهده بالفترة المظلمة فى تاريخ روسيا الحديث فهو من مواليد قرية بوتكا بروسيا، اتهم والده «نيكولاى يلتسين» بمعاداة السوفيت فى عام 1934 وحكم عليه بالاشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبعد خروجه ظل عاطلا عن العمل لبعض الوقت ومن ثم عمل فى مجال البناء أما والدته فقد عملت بالخياطة، وقد وصف « بوريس « اثناء دراسته بالمدرسة الثانوية بأنه كان مثل أقرانه وغير منضبط وكان دائما فى صراع مع المعلمين، وتلقى تعليمه فى تخصص البناء وفى الفترة من 1955 الى 1957 عمل كعامل بناء فى شركة بعدها ترقى الى مشرف موقع البناء الى رئيس مديرية البناء بعدها اصبح رئيس المهندسين، وفى عام 1968 التحق بصفوف الحزب الشيوعى عندما عين رئيسا للجنة الحزبية الاقليمية للبناء وفى عام 1975 اصبح امينا للجنة الاقليمية المسئولة عن التنمية الصناعية فى المنطقة، وفى 1996 تم انتخاب يلتسين رئيسا لجمهورية روسيا واصبح اول رئيس منتخب فى التاريخ الروسى . فى حين زاول الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات بعض الاعمال التجارية حيث كان الولد السادس لأسرة فلسطينية تتكون من سبعة افراد وكان والده يعمل فى تجارة الاقمشة، توفيت والدته عندما كان فى الرابعة من عمره ارسل بعدها الى القدس حيث استقر عند اقاربه وبعدها ذهب الى القاهرة تلقى فيها تعليمه الابتدائى والثانوى ، وفى السابعة عشرة من عمره درس بالهندسة المدنية بجامعة الملك فؤاد بالقاهرة وفى عام 1951 انتخب لرئاسة اتحاد الطلاب الفلسطينيين وفى 1956 تجند لفترة قصيرة فى الوحدة الفلسطينية العاملة ضمن القوات المسلحة برتبة رقيب بعدها هاجر الى الكويت حيث عمل هناك مهندساً وبدأ فى مزاولة بعض الاعمال التجارية. اما الزعيم الجنوب إفريقى نيلسون مانديلا فقد كان رئيس قبيلة وقد تولاها خلفا لوالده رغم صغر سنه، وذلك قبل انخراطه فى الدفاع عن حقوق الانسان ومحاربة التمييز العنصرى بجنوب افريقيا. بينما عمل السياسى البارز والزعيم الروحى فى الهند « المهاتما غاندى « كاتبا للعرائض بعدما اكتشف أن المحاماة ليست الطريق المضمون للنجاح الا انه عاد وزاول مهنة المحاماة عندما سافر الى جنوب افريقيا حيث عمل غاندى مدافعا عن حقوق عمال الزراعة الهنود العاملين فى مزارع قصب السكر بجنوب افريقيا .