بصالة متحف جامعة هايدلبرج الألمانية، مازال المعرض النادر والفريد المقام بها، يحظى باهتمام كبير وفائق من جموع الدارسين والطلاب والمهتمين و الجمهور العادى رغم مرور أكثر من شهرين على بدايته فى نهاية مارس الماضى. المعرض يختص فقط بعرضه للكتب السحرية والنصوص والصور والأدوات التى استخدمت فى أعمال السحر عبر العصور فى مصر القديمة، وكذلك بعض أوراق البردى والتمائم والأحجار والمومياوات الفرعونية التى لها علاقة بالسحر والشعوذة.. أما درة المعرض وحجر زاويته والسر وراء اقامة المعرض من الأساس والذى يحوى الكثير من الأسرار أيضاً، فهو كتاب ميخائيل السحرى، المكتوب باللغة القبطية القديمة وبخط اليد ويحتوى على العديد من النصوص السحرية القديمة والوصفات السحرية المليئة بالكثير من الأسرار التى تحكى طبيعة ثقافة وموروثات وحضارة هذه الحقبة الزمنية وتلك المنطقة الجغرافية، مثل نصوص سحرية لمنع الخيانة الزوجية وللشفاء من الأمراض المستعصية والأطوار الغريبة كذلك أعمال الحسد والغيرة الزوجية وغيرة الحبيب، وكذلك باب كامل للحماية من الشيطان و أضابيره. كتاب ميخائيل السحرى الذى يعتبره د. رودنى آسترا المدرس بمعهد مخطوطات الأدب القديم بهايدلبرج كنزاً نادراً من المعلومات، فهو تجميع لأعمال السحرة والسحر فى عموم مصر القديمة، وبفضل النسخة الفريدة له قررت الجامعة استثماره فى إقامة هذا المعرض.. وتضيف دكتورة أندريا يورون رئيسة معهد الدراسات التاريخية القديمة التى تختص بدراسة المخطوطات والأدب القديم والأرشيف أن كتاب ميخائيل السحرى وراءه قصة أيضاً غريبة ومثيرة، حيث إن جامعة هايدلبرج اشترت هذه النسخة الوحيدة والأصلية من أحد محلات القاهرة القديمة فى عام 1930 وصار ملكاً للجامعة، وقام أحد الباحثين بالعمل عليه وترجمته وكتابة التحليل العلمى لنصوصه، ولكن ما أن اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1945 وبسبب الدمار والهدم الذى أصاب ألمانيا قيل إن الكتاب قد فقد، وادعت أرملة الباحث الذى كان يقوم بدراسته أنه ضاع مع الأحداث والأنقاض، ولكن فى عام 2010 قام أحد أحفاد هذه الأسرة بإعادة الكتاب إلى جامعة هايدلبرج مرة أخرى. والشىء الطريف والملغز كذلك أن هذا الكتاب لم يكن فى الأساس كتاباً للسحر، لكنه كان كتاباً دينياً يحوى الكثير من المواعظ الكنسية، غير أن المؤلف قام بمسح الحبر الذى استخدم فى الكتابة الدينية وأعاد كتابة النصوص السحرية عليه مرة أخرى. اشتركت الجامعة فى المعرض أيضاً ومن خلال قسم المصريات بعرض الكثير من البرديات والتمائم الفرعونية والتماثيل المصنوعة من الشمع والمرسوم عليها نقوش سحرية والتى استخدمت فى مصر القديمة من عام 2700 قبل الميلاد وحتى عام 1500 بعد الميلاد، وكذلك تابوت لطفل صغير عليه نقوش سحرية ومومياء مغطاه برسوم ونصوص سحرية، وكذلك بردية هاريس الشهيرة والعديد من الكتب والنصوص السحرية المتعلقة بالحب والكره والمرض والخوف إضافة إلى عدد هائل من مصطلحات ومفاهيم مقصورة على السحر والشعوذة وتحضير الجن وحركة النجوم والأبراج والكواكب والقمر وكذلك الرسومات والتطبيقات التى تتعلق بتنفيذ أوامر السحرة والمشعوذين. من المعروف أيضاً أن أشهر كتاب معروف لدى أغلب الذين يمارسون السحر فى العصر الحديث هو كتاب شمس المعارف الكبرى لأحمد بن على البونى المتوافر منه نسختان فقط الأولى وهى الأصلية وتعود إلى 200 سنة مضت، والثانية معدلة حيث تم حذف بعض الصفحات منها وإضافة صفحات أخرى، وهذا الكتاب ممنوع فى كل الدول العربية ماعدا مصر. ومن المفروغ منه أن الإنسان عرف السحر منذ القدم، وهناك كتابات تتحدث عن السحر فى قصائد هوميروس وكذلك فى كتابات بلاد فارس القديمة وفى كتابات رجال الدين الزرادشى.. ويعتقد أن كلمة السحر بالإنجليزية جاءت من أفراد قبيلة ماجاى فى القرن التاسع عشر من موجة الاستعمار الأوروبى واحتكاك العالم الغربى عن كثب على أساطير للشرق الغامض وخاصة فى الهند ومصر. ومن هنا بدأ الولع المنتشر فى أنحاء العالم بالسحر وطقوسه وتشكلت جماعات منظمة تحاول دراسة السحر.. ومن المعلوم أيضاً أنه تم إلغاء قانون منع الشعوذة فى بريطانيا عام 1951، وهو القانون الذى كان سارياً ومعمولاً به منذ عام 1401 ومن هنا تم تأسيس جماعة ويكا التى لاقت أفكارها المغموسة بطقوس سحرية وشعوذة قبولاعند جماعات الهيبيين فى ذلك الوقت.