بلغت خسائر الاقتصاد المصرى 70 مليار جنيه مصرى كما أعلن من قبل على لسان عدد من لمسئولين.. ولاشك أنه رقم كبير.. ولكنها تكلفة - مهما كبرت - أقل بكثير من تكلفة استمرار النظام السابق.. فالثورات فى كل بقاع الدنيا لها أعباء وتكاليف لكنها والحمد لله فى مصر كانت «بسيطة» و «هينة» وهذا شىء طيب، ولكن الأمر يقتضى بعض الاجتهادات للوصول إلى طريق يؤدى بنا إلى خروج الاقتصاد المصرى من أزمته الراهنة ومواصلة قدراته على طريق النهوض والتنمية.. ودفع عجلة الإنتاج إلى الأمام.. وفى هذا الصدد فإننى اقترح مايلى: الموازنة العامة للدولة تتضمن مايزيد على 20 مليار جنيه بند مكافآت العاملين بالدولة! وكذا بند بدلات العاملين بالدولة يصل هو الآخر إلى نفس المبلغ (20مليار جنيه).. وإذا تأملنا هذين البندين فقط (40 مليار جنيه) والفساد والمحسوبية والأهواء والأغراض الشخصية التى تتحكم فى كيفية توزيع تلك المليارات الأربعين لأدركنا على الفور أنها فى الشكل العام تخص كل العاملين فى الدولة، لكنها فى الواقع المؤلم والمرير تصب فى جيوب حفنة قليلة من المحظوطين والطبالين والزمارين! وبالتالى فإن مراجعة هذين البندين فقط.. والآن.. سوف توفر لنا على الأقل نصف هذا المبلغ (20 مليار جنيه) نستعين بها فى دعم الاقتصاد المصرى وإنعاشه خاصة أن هذا المبلغ يمثل ما يقرب من ثلث خسائر الاقتصاد فى شهور الثورة.. يضاف إلى ذلك رواتب المحظوطين الكبار فى القطاع الحكومى كالضرائب مثلا فرئيس مصلحة الضرائب يتقاضى راتبا شهريا قدره مليون جنيه مصرى! ولاشك أيضا فى أن رئيس المنطقة فى محافظة ما بالضرائب أيضا ستجد راتبه فى حدود 100 ألف جنيه مصرى شهريا!.. وهلم جرا، كذلك العاملون فى قطاع «البترول».. رؤساء القطاعات ومديرو عموم الشركات يتقاضون رواتب خيالية وقبل هؤلاء وأولئك رؤساء تلك الشركات الذين فوق حصولهم على رواتب مليونية شهريا فإنهم يحصلون على نسبة من صافى أرباح الشركات التى يتولون رئاستها! وكأن هذه الشركات وما تدره من عائد ملك شخصى لهؤلاء المسئولين أو آلت إليهم بطريق الميراث عن آبائهم! وكما فى البترول.. أيضًا فى الكهرباء حيث يحصل العامل فى وزارة الكهرباء وملحقاتها وهيئاتها على 3 رواتب فى الشهر بينما زميله فى أى قطاع آخر كالمحليات مثلا يحصل على «الفتات» رغم أن كليهما مصرى ومن أبوين وجدين مصريين! وكذلك الحال فى الشركة المصرية للاتصالات «الهيئة القومية» سابقًا.. رواتب الكبار كأقرانهم فى الكهرباء تتراوح مابين نصف المليون إلى المليون جنيه شهريا.. ناهيك عن بدلات ومكافآت حضور الاجتماعات واللجان التى لاتقدم ولاتؤخر.. بل أدت إلى تأخرنا وتقهقرنا ووصولنا بسلامة إلى «القاع»! رواتب الكبار فى البنوك العامة والمشتركة هى الأخرى تكلف شهريًا مئات الملايين فعلى سبيل المثال وليس الحصر رئيس مجلس إدارة بنك الاسكندرية سان باولو السابق - صديق جمال مبارك - كان راتبه الشهرى 2مليون جنيه فقط! وكذلك حال رؤساء بنوك مصر والقاهرة والأهلى وكافة البنوك المشتركة.. رواتب شهرية فى كل بنك بعشرات الملايين لكبار الذين فى غالبيتهم لا علاقة لهم بالعمل المصرفى من قريب أو بعيد بل لديهم خبرات عريقة فى الانتظار على أبواب أسيادهم (السابقون) بالساعات! إن تطبيق سياسة الحد الأقصى للأجور - الآن - مع هؤلاء سيوفر لنا فى الحال وشهريا بضعة مليارات وأكررها «بضعة مليارات» وذلك لو اعتبرنا الحد الأقصى 40 مثل الحد الأدنى المقترح وهو 1200 جنيه شهريا فيصبح الحد الأقصى 48ألف جنيه مصرى شهريا.. وبقية الأموال التى يتم نهبها حتى الآن ومن عشرات السنين (بالقانون).. فالاقتصاد المصرى والشعب المصرى أولى بها! كما أننى اقترح أن يصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسومًا بقانون يقضى بفرض رسم تنمية أو رسم دعم الثورة أو مسمى آخر (ويجدد سنويا) حتى يتعافى الاقتصاد من الآثار السلبية الناجمة عن ثورتنا العظيمة.. يقضى بتحصيل مبلغ 10جنيهات (عشرة جنيهات) على كل: - فاتورة كهرباء (شهرى) - فاتورة غاز (شهرى) - فاتورة تليفون ثابت (أرضى) (ربع سنوى) - فاتورة تليفون محمول (شهرى) على كل شركة تعمل فى مصر سواء أكانت مصرية أو مشتركة أو أجنبية أن يتم دعوتها إلى التبرع الفورى بمبلغ لايقل عن ألف جنيه مصرى (كحد أدنى) ودون تحديد الحد الأقصى للتبرع لكى يكون باب الاجتهاد مفتوحا أمام الجميع ممن أعطتهم الدولة الكثير وتستحق منهم جميعا ما هو أكثر مما ندعو إليه. إصدار مرسوم بقانون بإلزام كافة البنوك العاملة فى مصر بتحصيل مبلغ خمسين جنيهاً مصرياً عند فتح كل حساب شخصى. ومبلغ مائة جنيه مصرى عند فتح كل حساب لشركة أو مؤسسة لصالح دعم اقتصاد الثورة المصرية. فتح حساب موحد بكافة البنوك العاملة فى مصر وليكن تحت مسمى «دعم الثورة» ودعوة رجال الأعمال الشرفاء والوطنيين - وما أكثرهم فى مصر - للتبرع لدعم الاقتصاد المصرى وإنعاشه. دعوة المصريين والعرب العاملين فى الخارج أو فى بلدانهم للتبرع لدعم الثورة كل بما يستطيع. الدعوة المستمرة إلى العاملين فى مصر فى كل القطاعات والشركات والمصانع لزيادة الإنتاج وتجويده وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.. تلك هى رؤيتى المتواضعة للخروج من الوضع الراهن وتمكين الاقتصاد المصرى من النهوض وممارسة دوره فى الحياة الاقتصادية المصرية والسير على طريق التنمية والتقدم.