شرارة الحرية والديمقراطية التى أصابت عددا كبيرا من دول الشرق الأوسط إلى بقعة مظلمة دائما على الخريطة الإيرانية نتيجة الإهمال والقهر والتعسف.. إنهم عرب الأهواز الذين فجروا مؤخرا حالة من الحراك فى الشارع الإيرانى عن طريق مظاهرات تحت شعار «الشعب ينشد الحرية.. الشعب يريد انهاء الاحتلال» للمطالبة بحق تقرير المصير والاستقلال عن الحكم الإيرانى. ما دفع عدداً من المراقبين إلى التساؤل.. هل تنجح مظاهرات عرب الأهواز فى تحقيق أهدافها، أم ينجح النظام الإيرانى فى إخمادها وقمعها كما يحدث دائما؟ وهل يمكن أن تكون انتفاضة الأهواز بداية لحركة شعبية شاملة تشارك فيها جميع الأقليات وتؤدى لتغيير النظام فى إيران؟ أسئلة عديدة تطرح مع استمرار المظاهرات منذ 15 أبريل الحالى. وعلى الرغم من رد فعل النظام الإيرانى الذى اتسم بالعنف الشديد، حيث قتل وأصيب العشرات واعتقل المئات، إلا أنه يبدو أن تلك الأزمة لن تشهد نهاية قريبة. ويمثل عرب الأهواز نموذجا للاضطهاد الذى تعانى منه الأقليات الدينية والعرقية والسياسية فى إيران، فمنذ قيام إيران بقيادة الشاه « رضا بهلوى» باجتياح الأقليم الذى يطل على الخليج العربى عام 1925، وإعلانه كمنطقة تابعة للحدود الإيرانية، يعانى عرب الأهواز من الظلم والقهر الاجتماعى والقمع على يد الحكومات الإيرانية المتعاقبة، ومن أمثلة ذلك إسقاط حقوقهم السياسية، وطمس الهوية العربية للأهواز واستبدال أسمائها بأسماء فارسية، ومنعهم من حقهم من التعليم والرعاية الصحية والتقاضى، مما جعل الشعب الأهوازى مهيأ تماما للتفاعل مع أى خطة عمل تساعدة على تحقيق أهدافه، ففى عام 1936 شهد الإقليم ثورة كبرى، ولكن قامت السلطات الإيرانية بمساعدة البوارج البريطانية فى إخمادها، وفى عام 2005 تفجرت انتفاضة فى كل المدن الأهوازية، ولكنها قوبلت أيضا بكل صنوف البطش والقتل اللانسانى، وفى 15 أبريل الحالى تجددت المظاهرات مرة أخرى فى ذكرى مرور 6 سنوات على انتفاضة 2005 من خلال دعوات أطلقها ناشطون عبر الفيس بوك للتظاهر ضد النظام الإيرانى فى محاكاة للانتفاضات والثورات التى شهدتها أكثر من دولة عربية، ويأتى هذا القمع والاضطهاد على الرغم مما يمثله الإقليم من أهمية استراتيجية للنظام الإيرانى، إذ أن الثروة النفطية والمائية والزراعية وسائر الثروات الأخرى التى يكتنزها تشكل عصب الاقتصاد الإيرانى، وحسب الإحصائيات الحكومية فإن الثروات فى الأهواز تشكل 90% من مصادر الدخل الإيرانى. لذا، فإن كل المؤشرات تؤكد على أن النظام الإيرانى لن يفرط فى الإقليم بسهولة، ولن يمنحه أى استقلال ولو نسبى، وسيستمر فى استخدام الأسلوب القمعى لإنهاء المظاهرات، كما يفعل دائما مع أى احتجاجات أو مظاهرات، إلا إذا استطاع المتظاهرون الصمود، وأرغموا النظام الإيرانى على تغيير موقفه.