ضاقت سجون مصر عن نواطيرها التى تتساقط الآن على بلاط أرضيتها وبين جدرانها، منذ اندلاع ثورة شعبها العظيم.. فبعد أن كانت نواطير مصر أى حراسها أيام المتنبى نائمة عن حراستها من الثعالب واللصوص، الذين بشموا أى امتلأوا حتى الشبع، فإن مصر التى نعيشها منذ ثلاثين عاماً تحول نواطيرها أنفسهم إلى ثعالب ووحوش وحرامية، انشغلوا فقط بنهبها وتجريدها من كل ماتمتلكه من خيرات وثروات، ولم يشبعوا أو يختشوا، حتى فنيت عناقيدها أو كادت والشىء الغريب أن بعض الذين تساقطوا ودخلوا السجون كانوا مفاجأة، فلم نكن نسمع عنهم من قبل، ولا نعلم عن جرائمهم ومدى توغلهم فى المال العام شيئاً.. بينما هناك آخرون كان القاصى والدانى والرأى العام يتناول ويتحدث عن فسادهم وإفسادهم وبعثرتهم للمال العام فى كل ما هو عبثى وضار وكانت التهم تطالهم فى وجودهم، وتطالب بالخلاص منهم، ولكنهم بعد الثورة اختفوا فجأة وتلاشوا ولفهم الصمت ولم يعد يذكرهم أحد أو يشير إليهم، ومنهم على سبيل المثال، الوزير فاروق حسنى الذى اختفت فى سنواته العشرين بوزارة الثقافة ثروات وكنوز وتحف لا تقدر بثمن واحترق عشرات البشر والأثر، ودمرت ونهبت ما لا يعد من الممتلكات العامة والثقافية وكتب معاونوه ومساعدوه عن وقائع و«بلاوى» بلا حدود.. والسؤال المثير أين فاروق حسنى مما يجرى، ولماذا لم يأت ذكره ضمن قضايا الفساد حتى الآن؟.. وهل المصروفات الشهرية والسرية التى كان يوزعها بالآلاف على الإعلاميين والصحفيين كمستشارين، والهبات التى كان يغدقها على بعض المثقفين هى التى تفرض هذا الصمت المريب؟! اعتماد