مازالت إيطاليا تقف بمفردها فى مواجهة ما وصفه رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكونى ب«تسونامى» المهاجرين الذى اجتاح البلاد عقب زلزال الثورات الذى ضرب جنوب المتوسط ... والخلاف لا يزال قائما بين ايطاليا ودول الاتحاد الأوروبى الأخرى، لاسيما فرنسا وألمانيا، بسبب موقفهم الرافض لاستضافة المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا لاعتبارهم لاجئين اقتصاديين يبحثون عن عمل فى أوروبا وليسوا طالبى لجوء أو لاجئين بسبب الحاجة للحماية الدولية، وهو موقف تعده ايطاليا تخليا عن مبدأ التضامن الأوروبى. واحتد الخلاف بانتقاد كل من فرنسا وألمانيا لقرار ايطاليا منح المهاجرين التونسيين البالغ عددهم 25867 الذين وصلوا قبل 6 ابريل تصاريح إقامة مؤقتة صالحة لستة أشهر تسمح لهم بحرية التنقل فى البلدان الأوروبية التى يشملها اتفاق شينجن. فمن جهته قال وزير الداخلية الألمانى هانز بيتر فريدريتش إنه على ايطاليا «حل أزمة المهاجرين بنفسها» متهما روما بانتهاك روح شينجن التى تقضى بإلغاء مراقبة الدول الأعضاء فى المعاهدة لحدودها الداخلية. أما حكومة يمين الوسط فى فرنسا التى ضاعفت من إجراءات مراقبة حدودها مع ايطاليا بهدف اعتراض المهاجرين التونسيين وإعادتهم إلى ايطاليا فقد شدد وزير داخليتها كلود جيان على أن المهاجرين الذين تتوافر لهم موارد مالية كافية وأوراق هوية موثوق فيها هم فقط الذين سيسمح لهم بالبقاء على الأراضى الفرنسية. كما أعرب جيرد ليرز وزير الهجرة واللجوء الهولندى عن استيائه للغاية من قرار ايطاليا المفاجئ «نقل مشاكلها إلى الجميع دون سابق إنذار». وذكرت ماريا فيكتر وزيرة الداخلية النمساوية أن فيينا ستبدأ التحقيق لمعرفة كيف تستطيع وقف مرور اللاجئين عبر حدودها وتابعت «سنبحث المدى الذى يمكننا من خلاله الاعتراف بالتأشيرات التى أصدرها الايطاليون ولاسيما ما إذا كنا سنسمح بدخول من لا يستطيعون إطعام أنفسهم ... سيكون هؤلاء أرضية خصبة للجريمة ... لا يمكننى السماح بذلك». ويزيد التشدد الأوروبى من الأزمة التى تواجهها ايطاليا بالرغم من الاتفاق الذى وقعت عليه مع تونس فى الخامس من الشهر الحالى والذى يتضمن منع تونس المهاجرين غير الشرعيين من مغادرة أراضيها وكذلك موافقتها على استقبال جميع المهاجرين الذين يصلون إلى ايطاليا بعد تاريخ توقيع الاتفاق. وتكمن المشكلة فى أنه حتى هذا التوقيت كان قد وصل جزيرة لامبيدوزا الايطالية- بوابة أوروبا من ناحية شمال افريقيا- منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن على فى 14 يناير الماضى نحو 26 ألف مهاجر غير شرعى من دول إفريقيا الشمالية، معظمهم تونسيون، ما أثار غضب سكان الجزيرة الصغيرة البالغ عددهم خمسة آلاف نسمة وأدى إلى قيامهم بتظاهرات رفعوا خلالها لافتات تقول «كفى، الجزيرة كاملة العدد» وذلك بسبب المشاكل البيئية والصحية التى نتجت عن تكدس المهاجرين الذين عانوا هم أنفسهم من نقص المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب، إضافة إلى اضطرارهم للنوم فى العراء أو فى مخيمات تفتقر إلى المرافق الضرورية.