سيطر الواقع العربى الساخن والأزمات والحروب فى العراق وفلسطين ودارفور على العروض العربية المسرحية المشاركة فى الدورة الثانية والعشرين من مهرجان المسرح التجريبى، والذى افتتح وزير الثقافة فاروق حسنى فعالياته يوم الأحد الماضى ويستمر لمدة عشرة أيام من 10 إلى 20 أكتوبر الجارى. ويلجأ الكاتب الأردنى هزاع البرارى مؤلف عرض «ميشع يبقى حيا» إلى الإسقاط السياسى على الصراع العربى الإسرائيلى من خلال اللجوء إلى التاريخى لحضارة المؤابيين وإعادة إنتاج حكاية الملك «ميشع» وانتصاراته على العبرانيين، حيث كان «ميشع» حاكما لمملكة مؤاب الصغيرة ونجح فى إخماد الظلم والمؤامرات التى حاكها «إسرائيل» واستطاع أن يوحد المنطقة مرة أخرى تحت سيطرة مؤاب. فيما اختار زميله المؤلف الأردنى مفلح العدوان تسليط الضوء من خلال مسرحية «سجون» على الانتهازية السياسية وإصرار البعض على سجن أنفسهم فى شعارات وقوالب جامدة. أما المؤلف السودانى ذو الفقار عدلان فقد اختار قضية اقتصادية شغلت الرأى العام فى أكثر من دولة عربية، وهى الخصخصة وبيع القطاع العام، من خلال مسرحية «شلة على ظهر النهر» التى تتناول تأثير بيع مؤسسة السكة الحديد عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى السودان فى صورة نقدية درامية. وقد اختار أحمد رضا وهيب مؤلف العرض السودانى الآخر المشارك فى مسابقة المهرجان المعاناة فى حرب دارفور من خلال عرض «دارفور سيرا على الحبل»، متمثلة فى الصراع بين المؤلف وشخصياته التى تصدح بتاريخ دارفور المجيد والمعاناة وخيارات الانتقال والعيش الكريم. أما العرض العراقى «دائرة العشق البغدادية» تأليف وإخراج ?د. عواطف نعيم فيقدم قراءة مشاكسة لمسرحية «بريخت» دائرة الطباشير القوقازية بطريقة مغايرة لإنتاج معنى جديد قادر على التأويل والإسقاط للواقع العراقى فى محنة الحروب والفقدان بأسلوب كوميدى ساخر. ويستوحى العرض العراقى الثانى المشارك فى مسابقة المهرجان «جلسة سرية» هو الآخر واحدة من روائع المسرح العالمى، ويستلهم مقولة الأديب والفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر «الجحيم هو الآخرون»، حيث تتوقع كل شخصية فى المسرحية أن تحاسب وتعذب، ولكن ما من أحد يأتى ليعذبهم، فيبدأون فى التصارع فيما بينهم ويدركون تدريجيا أنهم هم المعذبون لبعضهم البعض. وفى إطار الصراع الأبدى بين الخير والشر ومعنى الوجود، يأتى كذلك العرض السعودى «البندقية» حول رحلة إلى عالم مجهول يتم البحث من خلالها عن الحل والخلاص. صراع بين الإنسان وذاته، والإنسان والآخر. والمسرحية من تأليف عبد العزيز الطايع وإخراج ساطان النوه. بينما يختار السعوديان المؤلف ياسر الحسن والمخرج عقيل الخميس للتعبير عن كذب الإنسان وزيف مشاعره من خلال شخصية متهم برئ فى مسرحية «مجرد علامة استفهام لا أكثر». أما العرض المغربى «أمر» فيدور حول فانتازيا القبح ومواجهة العالم من خلال حدوته ساخرة حول رجل ذى أنف ضخم وقبيح يلتقى بامرأة ليست جميلة ولها أنف طويل هى الأخرى ويتفقان على الزواج والعيش فى عزلة عن الناس، لكنهما يقرران فى النهاية الخروج من هذه العزلة ومواجهة العالم. والمسرحية من تأليف أحمد البياع وإخراج خالد جنبى، وتقدمها فرقة «المحترف ?للثقافة». وتشارك اليمن بمسرحيتين هما «عروس النسر» تأليف منير طلال وإخراج سلمى الظاهرى، و«رحلة» من تأليف وإخراج فيصل بحصر، ويقدم العرض الأول معالجة درامية لطقوس النسر الذى كان يقدم له الأضاحى كل عام، وكيف كان الكهنة وكبار القوم يتلاعبون بنتيجة القرعة لاستبعاد أبنائهم واختيار أبناء فقراء القرية لتقديمهم كأضاح للنسر، فيما يحكى العرض الثانى عن رحلة الإنسان فى حياته منذ البداية وحتى النهاية. وفيما تعالج المسرحية السورية «فوتوكوبى» قضية الروتين الوظيفى وإحباطات الشباب من خلال قصة شاب وفتاة يعملان فى الطباعة على الآلة الكاتبة ويفشلان فى الارتباط وتحقيق حلمها بالزواج، يستوحى العرض السورى الآخر «فى انتظار البرابرة» قصيدة الشاعر العظيم كافافيس، ليؤكد أن تعود الناس للحياة فى مناخ الكبت والاستبداد وافتقاد الحرية يجعل من انتظار البرابرة حلا من الحلول! وتقدم المسرحية اللبنانية «جوانتانامو.. معنى الانتظار» رؤية خاصة جدا حول السجن الأمريكى الشهير من خلال قصة ست سيدات ينتظرن عودة أزواجهن من خليج جوانتانامو، ويعشن حبيسات ذكرياتهن الشخصية ويصرخن ويبكين ويضحكن على صراع المرأة العربية المعاصرة مع أيديولوجية غربية تدّعى حماية المرأة.