وفاء الكيلانى مذيعة جيدة ومثقفة ومتمكنة من أدواتها، ولكنها جريئة إلى درجة القسوة أحيانا، وخصوصا مع الفنانين المصريين الذين تستضيفهم من خلال برنامجها «بدون رقابة» من إنتاج محطة «ال. بى. سى» اللبنانية، والذى اكتسب شعبية فى مصر عند عرض 30 حلقة منه اشترتها قناة «القاهرة والناس» واذاعتها فى رمضان الماضى واستفزت الكثيرين بسبب شدة إحراج «وفاء» للنجوم والنجمات المصريات، وقبول هؤلاء النجوم لأسئلتها الاستفزازية. أما قمة الاستفزاز فقد تمثلت فى حلقة الأسبوع الماضى من البرنامج، والتى خصصت لمناقشة قضية الأم البديلة وتأجير الأرحام. والمشكلة لم تكن هذه المرة فى جرأة الطرح أو استخدام المذيعة لألفاظ صريحة وتعبيرات جارحة، ولكن غير المفهوم أو المبرر هو اقتصار الحالات الست التى التقت بها المذيعة كنماذج تعبر عن كافة أطراف القضية، وكلها لرجال ونساء مصريين. وإحدى هذه الحالات لسيدة اعترفت بانها حملت فى طفل من رجل غريب بعد أن وافقت على تأجير بويضتها ورحمها لهذا الرجل وزوجته، ورغم علمها بأن ذلك يعتبر زناً صريحاً، وراحت تبكى لأنها حين حاولت أن ترى الطفل أغلقت الأسرة السعودية التى اشترته كل وسائل الاتصال فى وجهها. أما الحالة الثانية فقد اكتفت بتأجير رحمها فقط لسيدة مصرية فى مقابل 40 ألف جنيه. والثالثة لامرأة أخرى رفضت التأجير رغم تدهور حالتها المادية، وهنا تدخلت وفاء الكيلانى وطلبت للأم المصرية تلقى التبرعات من أهل الخير على الهواء مباشرة! فى نفس الوقت الذى حاولت فيه اقناع الحالة الرابعة والتى عقدت صفقة لتأجير رحمها لم تتم بعد بالعدول عن الاتفاق حتى لا تندم، أو على الأقل التفاوض لرفع المبلغ!. واستضافت وفاء فى نفس الحلقة رجلين من مصر أيضا أحدهما استبعد الفكرة بعد أن افتاه شيخ الأزهر بأن تأجير الرحم حرام، والثانى يصر على التأجير رغم علمه بحرمانيته، لأنه يحب زوجته ولا يريد أن يتزوج عليها!. والسؤال الذى يفرض نفسه هو.. إذا كان البرنامج لبنانيا، والمحطة التى انتجته لبنانية، والتقارير التى تم بثها رأى رجل الشارع فى القضية صُورت فى أكثر من عاصمة عربية.. فلماذا اقتصرت الحالات على المصريين فقط؟.. وهل يريد المسئولون عن البرنامج أن يوحوا بأننا نحن فقط الشعب العربى الوحيد الذى يقبل نساؤه أن يؤجرن أرحامهن لسيدات أخريات من أجل حفنة من المال، والأدهى والأمرّ أن تفتح المذيعة باب التسول والتبرعات لبعض هذه الحالات. لا أعرف حقيقة السبب الذى منعها من الاستعانة بحالات إنسانية تعبر عن القضية من بلدان عربية أخرى. وأكبر الظن أنها لم تكن تجرؤ على ذلك، أو أن المسئولين عن المحطة التى تعمل بها لم يكن ليسمحوا لها بذلك، وإلا لكانوا تعرضوا لضغوط من دول أخرى تمولهم لمنع بث الحلقة. إذن فالأسهل والأكثر إراحة للبال هو تصوير المشكلة على أنها ظاهرة مصرية خالصة. وهذا النهج المستفز يتكرر كثيرا فى الفضائيات العربية الشقيقة والتى لا يجرؤ أصحابها على انتقاد السلبيات والأوضاع الخاطئة فى بلادهم، ولا يمارسون حرية الإعلام وأصول الديمقراطية سوى على مصر والمصريين. والمطلوب من «وفاء الكيلانى» وغيرها من الإعلاميين المصريين الذين يعملون فى تلك الفضائيات ألا يستدرجوا وراء رغبة بعض من يعملون لديهم ويقبضون رواتبهم منهم لتشويه صورنا وإلصاق كل الشرور والصفات السيئة بنا، يجب أن ينتبهوا بالفعل لذلك ليس فقط بدافع الانتماء أو الوطنية، ولكن أيضا بوازع الضمير الإنسانى والواجب المهنى الذى يحتم عليهم أن يكونوا أكثر صدقا وإنصافا وموضوعية.