السيناريست وحيد حامد كان غاضبا للغاية وهو يتحدث مع الإعلامى عمرو الليثى فى حلقة الأسبوع الماضى من برنامج «واحد من الناس» حول السبب فى مقاطعته لإحدى الصحف الخاصة بسبب نشرها استفتاء رآه «وحيد» مفبركا حول تقييم مسلسلات رمضان الماضى، ومن بينها مسلسل «الجماعة» الذى أثار ولا يزال يثير جدلا غير مسبوق فى تاريخ الأعمال الدرامية التليفزيونية، وجاء فى الاستفتاء المزعوم أن «الجماعة» هو أقل الأعمال الرمضانية هذا العام من حيث نسبة المشاهدة والجذب الجماهيرى، وهو ما أغضب «وحيد حامد» بشدة وجعله يقرر مقاطعة الجريدة. وقد ذكرتنى هذه الواقعة باستفتاء آخر نشرته نفس الجريدة فى رمضان قبل الماضى واختارت من خلاله المسلسل الذى قام بتأليفه واحد من كتابها «قبل انتقاله لجريدة أخرى» والصديق الصدوق لرئيس التحرير، باعتباره الأكثر مشاهدة والأفضل على مستوى الكتابة والإخراج فى حين أنه مر مرور الكرام وتجاهلته المحطات التليفزيونية الأرضية والفضائية تماماً بعد نهاية عرضه. وهذه «الفبركة» المكشوفة تفتح من جديد ملف الاستفتاءات الصحفية والتليفزيونية حول اهم النجوم والأعمال الفنية التى تعرض خلال العام، وخصوصا فى شهر الكثافة الأعلى فى رمضان، ومعظمها استفتاءات انتقائية يغلب عليها طابع المجاملة وتفتقد إلى المنهج العلمى والدقة والشفافية، ويشوبها قدر كبير من التحيز لنجم أو نجمة بعينها او عمل درامى محدد، لدرجة أن بعض هذه الاستفتاءات قد يختار أسماء لمؤلفين ومخرجين وملحنين ومطربين لم يشاركوا بأى عمل فنى طوال فترة الاستفتاء، بل قد يبالغ البعض فى «الاستظراف» ويختار فنانين راحلين مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ باعتبارهما الأفضل هذا العام، كنوع من التلميح إلى أن الفنانين الحاليين الأحياء لم يبرز منهم أحد أو لمجرد الاستسهال أو الاختيار الروتينى لأسماء معروفة تفوز تلقائيا بكل الاستفتاءات، أو الرغبة فى الدعاية و«التلميع» لأشخاص ونجوم بعينهم تربطهم بأصحاب الاستفتاء علاقات مودة وصداقة، أو لأسباب وأغراض أخرى بعيدة تماما عن الموضوعية والإنصاف. ولا تقتصر هذه الظاهرة على الأعمال الفنية فقط، ولكنها تمتد لتشمل مؤسسات صحفية ومحطات تليفزيونية، وأعمالاً أدبية، وشخصيات لأدباء ومفكرين وكتباً يتم منحها ألقابا لا تستحقها ومكانة لا تملكها فى الواقع من خلال جهات مجهولة ومكاتب إعلامية محترفة فى «فبركة» الاستفتاءات. والأدهى والأخطر أن بعض نجوم الفن يسعون لشراء هذه الجوائز الوهمية وتمويل بعض تلك الاستفتاءات المزيفة، كما تكشف فى فضيحة جوائز «الميوزيك أورد» التى يتم منحها لمن يدفع أكثر. وقد اعترف عدد من المطربين والمطربات بأنه تمت مساومتهم لمنحهم تلك الجوائز مقابل مبالغ مالية محددة. وقد شعرنا بالأسف والحزن لتورط إعلامية مرموقة مثل رولا خرسا فى فوضى الاستفتاءات السخيفة، والتى أعلنت عنها الأسبوع الماضى من خلال برنامجها «الحياة والناس مع رولا»، وحصل فيه البرنامج على المركز الثانى بعد «لقاء مستحيل» والبرنامجان من إنتاج قنوات الحياة!.. واختار الاستفتاء أيضا مسلسلات «قضية صفية» و«العار»، و«أهل كايرو» كأفضل ثلاثة مسلسلات تم عرضها فى رمضان. ورغم اعتراف رولا بأن عدد المشاركين فى هذا الاستفتاء كان محدودا للغاية، فقد أصرت على إعلان نتيجة الاستفتاء ولم يلق- حسب كلامها- اهتماما كافيا من جمهور المتصفحين!. والحل الوحيد لوقف فوضى الاستفتاءات الفنية هو إشراف جهة محايدة عليها، ووضع شروط محددة للاعتراف بنتيجتها حتى لا ينطبق عليها المثل الذى يقول «من لا يملك أعطى لمن لا يستحق»!.