يعد الدكتور محمد فؤاد حلمى (رحمه الله) معلما من معالم الإسكندرية وعالما جليلا ومحافظا زاهدا وإنسانا فى التواضع والبساطة وحاسما فى قراراته لا يخاف فى الحق لومة لائم ولو كان رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات شخصيا ولو كلفه ذلك إبعاده وإقالته من منصبه كمحافظ الإسكندرية. والدكتور فؤاد حلمى هو الذى وضع مشروع التخطيط العمرانى الإسكندرية لمدة أربعين عاما حتى عام 2017 فى أواخر الثمانينات من القرن الماضى وخطط لمداخلها ومخارجها والنسق المعمارى لكل حى وشياخة فضلا عن مشروعات التجميل ذات البعد الحضارى والمعمارى. وأبرز مشروعاته تخطيط منطقة سموحة وألا تزيد ارتفاعاتها على أحد عشر طابقا حفاظا على النسق المعمارى، ولكن تشوهت وأصابها القبح المعمارى بعد ذلك. والدكتور فؤاد حلمى هو المحافظ الوحيد على مدى 60 عاما الذى لم ينتقل للإقامة فى قصر المحافظ فى منطقة سان استيفانو واستمر فى شقته المتواضعة فى امتداد طريق الحرية أمام سيدى المتولى أحد أولياء الإسكندرية الصالحين. ودلالة على بساطته وتواضعه رفض أى حراسة أمنية على منزله كما تقضى الإجراءات الأمنية لأنه ليس له أى عداءات أو حتى خلافات مع أى إنسان مهما كان ومن أى نوع، ولذلك كان آمنا مع نفسه ومع الآخرين. كما أن فؤاد حلمى هو الذى أشرف على النواحى الهندسية والمعمارية لمشروع إحياء مكتبة الإسكندرية ضمن اللجنة المشكلة للمشروع وظل يتابعه حتى وافته المنية واستمر بعده الدكتور محسن زهران. كما تصدى لمشروع هيئة المعونة الأمريكية بإلقاء الصرف الصحى فى البحر وأذكر أنه احتد بشدة على المدير الأمريكى للمشروع قائلا: وهل ترمون مخلفات الصرف الصحى فى بلدكم فى البحر؟. وكان رفضه سببا فى إقالته حرصا على رأيه واحتراما لرؤيته كما أنه عارض الرئيس الراحل أنور السادات فى إنشاء محطة نووية فى سيدى كرير لأنه رأى أن هذه المحطات تحتاج إلى سيطرة تامة وتقنيات عالية وأرضية ممهدة للمشروع وتهيئة للرأى العام، وكذلك حرصا على سلامة السكندريين خصوصا بعد المآسى التى حدثت فى مفاعل تشرنوبيل فى روسيا. ورغم كل العطاء الإنسانى والمعمارى والحضارى والتضحية بمنصبه حرصا على صحة السكندريين فإنه لم يتم تكريمه بتسمية أحد الشوارع الرئيسية باسمه حتى الأقل فى منطقة سموحة التى خططها وتابعها وأشرف على نسقها المعمارى والحضارى.. عجبى!